انوار الفقاهة-ج5-ص8
حادي عشرها: الأصول المحكمة والقواعد المتقنة والأجماعات المحكية والشهرة المحصلة والمنقولة وعموم ما دل على النهي عن التصرف بمال الغير من دون أذنه وأكل المال بالباطل كلها تقضي بحرمة تصرف المرتهن بالرهن عيناً ومنفعة ونماءاً فلو تصرف كان فضولياً وضامناً لتعديه وتفريطه وكلما أتلفه من منفعة أو أكله من نماء ضمن أجرة مثلها وضمن مثل النماء أو قيمته ولو آجر كان فضولياً فإن سلط المستأجر على العين المستأجرة كان متعدياً ضامناً ومع عدم التسلط ففي ضمانه إِشكال فأن مضت للعين يعتدّ فيها بيد المستأجر تخير الراهن بين الأجارة وأخذ المسمى وبين أخذ أجرة المثل منه فأن كان للرهن مؤنة يفتقر إليه في حفظه وبقائه كالأنفاق على الدابة ودوائها وكسوة الغلام وقوته رجع إلى الراهن فأن أذن له فيه على أن يرجع إليه به رجع إليه وكذا لو أطلق على الظاهر وأن لم يأذن له لامتناع أو لغيبة أو نحو ذلك رجع إلى الحاكم فأن دفع له من بيت المال فلا أشكال وأن أذن له الحاكم بنية الرجوع إلى الراهن أنفق ورجع إليه فأن لم يمكن الرجوع إلى الحاكم رجع لعدول المسلمين فأستأذن منهم حسبة فأن لم يمكن رجع إلى نفسه فأنفق بنية الرجوع إلى حسبة لأنه محسن ما على المحسنين من سبيل ولوجوب حفظ المال على الراهن ووجوب حفظ الأمانة ويجب على الراهن عند الرجوع إليه في تلك الصورة ألوفاء فأن أمتنع أخذ المرتهن من الرهن أو من فوائده ونمائه وفاء مقاصة وله في الابتداء أن ينفق من منافع الرهن أو نمائه عليه مع استئذان الحاكم أو عدول المسلمين عند عدم الإمكان أو يتولاه بنفسه إذا لم يمكن ويظهر من بعض الفقهاء أن للمرتهن الأنفاق على ما يحتاج إلى الأنفاق بنية الرجوع من دون حاجة لاستئذان الحاكم عند امتناع المالك ويقاصه من النما والمنافع من دون استئذان أيضاً ولا يبعد ذلك كما يظهر من الأخبار الآتية إلا أنه خلاف الاحتياط في مال الغير من دون تراض وربما يقال بجواز التصرف من المرتهن بمنافع الرهن التي يخاف فوتها على المالك من دون حاجة إلى الاستئذان ويضمن العوض حينئذٍ لأنه إحسان وما على المحسنين من سبيل وهو خلاف الاحتياط أيضاً بل الاحوط الترك عند الامتناع والرجوع إلى الحاكم عند الغيبة وذهب الشيخ (() والحلي مرة في خصوص الدابة والظاهر خصوص المركوبة والمحلوبة إلى جواز الركوب والحلب بعد الأنفاق وأن هذه المنفعة بأزاء النفقة على الإطلاق سواءً أذن المالك بالأنفاق أم لا وسواءً أمتنع أم لا وسواء رجع للحاكم أم لا وسواءً ساوت النفقة قيمة المنفعة أم لا للروايتين في الرهن ففي إِحداهما أن الظهر يركب والدر يشرب وعلى الذي يركب ويشرب النفقة وفي أخر عن الرجل يأخذ الدابة أو البعير ألَهُ أن يركبه فقال أن كان يعلفه فله أن يركبه والأولى قاصرة السند وهي والثانية مخالفتان للقواعد من حرمة التصرف بمال الغير ومن أن المضمون يضمن بمثله أو قيمته فطرحهما والرجوع إلى القواعد أوتنزيلهما على الأذن من الراهن ومساواة الحقين أو التراضي منهما أولى ويمكن تنزيلهما على حالة امتناع الراهن والمقاصة فيدل إطلاقهما على عدم الإلزام بالرجوع إلى الحاكم ويمكن تنزيلهما على ما إذا خاف المرتهن فوت المنافع على الراهن فيستوفيها حسبة وينفق عليه منها وذكر بعض الأصحاب إن المرتهن لو تصرف بغلة الراهن وفوائده حسبة عليه أن يحتسبها من دينه سواءً كان التصرف بأذن الراهن أم لا للأخبار الدالة على ذلك فمنها الصحيح أو الحسن قضى أمير المؤمنين (() في كل رهن له غلة أن غلته تحسب لصاحب الرهن مما عليه ومنها الصحيح في الأرض البور يزرعها الرجل وفيها ثم ينظر نصيب الأرض فيحتسب من ماله الذي أرتهن به الأرض حتى يستوفي ماله فإذا استوفى ماله فليدفع الأرض إلى صاحبها ومنها عن الرجل رهن بماله أرضاً أو داراً لها غلة كثيرة فقال على الذي ارتهن الأرض والدار بماله أن يحسب لصاحب الأرض والدار ما أخذ من الغلة ويطرحه عنه من الدين الذي له ومنها الصحيح أن رهن رجل أرضاً فيها ثمرة فأن ثمرتها من حساب ماله وله حساب ما عمل فيها وأنفق وإذا استوفى ماله فليدفع الأرض على صاحبها وهو جيد على ظاهر الأخبار إلا أن تنزيلها على الغالب من مماثلة الدين لقيمة ما استوفاه فيقع التقاص القهري أو على الرضا من لا الراهن والمرتهن بذلك كما هو الغالب أو لى من إبقائها على ظاهرها من إلزام المرتهن باحتساب ذلك من دينه قهراً ولو مع مخالفة الجنس أو إلزام الراهن بالقبول كذلك لمخالفتها القواعد والضوابط المقتضية لرجوع كل منها إلى ما يستحقه شرعاً مثلاً أو قيمة.