انوار الفقاهة-ج5-ص5
سابعها:عقد الرهن من العقود القابلة للشروط لعموم دليلها إلا شرطا خالف الكتاب والسنة أو حرم حلالاً أو أحل حراماً أو عاد على العقد بالنقض كان خالف مقتضاه لأنه مما يخالف الكتاب والسنة فيقع باطلاً إلا أن الشرط من قبل المرتهن جائز لجواز أصله فله فك الأصل وفسخ الشرط وهل له فسخ الشرط دون الأصل الظاهر لابل يلتزم بالشرط مادام ملتزماً بالعقد وأما من قبل الراهن فلازم فيجبره المرتهن عليه فأن لم يفعل كان للمرتهن الفسخ كما كان له في الأصل إلا أنه لا مصلحة له فيه ويجوز للراهن فسخ عقد الرهانة أن لم يأت المرتهن بما شرط عليه وأن لم يكن له جبره مع احتمال أن له جبره مادام مقيماً على مقتضى العقد ويجوز للمشترط منهما إذا كان حق الشرط له عدم الإتيان بالشرط لأنه له ترك حقه مع احتمال جواز جبر الأخر له قضاءاً لحقه الحاصل من الاشتراط ويجوز اشتراط جعل أحد المتعاقدين أو غيرهما وكيلاً في البيع في عقد الرهن ويلزم الراهن الوفاء به فأن كان المشروط عقد الوكالة ألزم الراهن بتوكيل المرتهن أن شرطاً ذلك فأن أمتنع أجبر ويحتمل تولي الحاكم الأذن في التوكيل حينئذ فإذا وكل الراهن المرتهن وقبل ذلك فهل له بعد صدور العقد أن يفسخ الوكالة لأنها عقد جائز وقد أوقع الراهن ما شرط عليه في الجملة أو ليس له للشك في جواز عقد الوكالة المشروطة في عقد لازم والأصل اللزوم ولأن ظاهر الشرط أن يجعله وكيلاً دائماً فلا يصح له مخالفة الشرط وجهان والأول أقرب للقواعد والثاني أقرب لمذاق الفقاهة وأن كان المشروط نفس الوكالة وقلنا ان الشرط يقوم مقام عقدها صار المرتهن وكيلاً بنفس الشرط وهل للراهن فسخ الوكالة لأن الوكالة مبنية على الجواز أو ليس له لأنها ثبتت بالشرط في عقد لازم والاستصحاب يقضي بلزومها وجهان والأخير أقوى فظهر بذلك ضعف القول بأن للراهن فسخ الوكالة مطلقاً لأنها من العقود الجائزة جائزه لمنع الأول في مثل الوكالة المشروطة ومنع الثاني بدليل عموم أدلة الشرط ومنع الثالث مادام ذو العقد باقياً عليه أو منعه من جهة الراهن للزومه من طرفه ولو مات المشروط وكالته انفسخت وكالته لفقد موجبها لأن الشرط كونه بنفسه وكيلاً لانفساخها بالموت إلا إذا اشتراط وكالة وارثه من بعده فيصح ذلك كما يصح اشتراط توكيل أجنبي والوصية بها لغيره والقول بأن للمرتهن عدم القيام بما شرط عليه مطلقاً لجواز العقد من قبله ضعيف وتقدم وجه ضعف ويجوز للمرتهن إذا كان وكيلاً أن يبيع من نفسه على الظاهر ولكن ينبغي له التأمل في مصلحة الراهن كي لا يغلب عليه هواهُ وكذا يجوز له تولي طرف العقد على الأقوى.
ثامنها: لو مات المرتهن ويلحق به الجنون أو الجهل به في وجه ولم يعلم الرهن بعينه أو أنه في ضمن أمواله الموجودة كان كسبيل ما له لأصالة براءة ذمته من اشتغالها بقيمة الرهن عيناً أو قيمةً لتوقف اشتغالها بها على أتلافه بنفسه أو على تلفه مع تعدّ به أو تفريط وكلاهما منفي بالأصل وكون عدم الوصية بها تفريط موقوف على تذكره لها وتمكنه من الوصية بها ووجودها والعلم بأنه لم يوصِ بها لأحد ولم يعيِّن الوصية بعد موته وكله محل منع والأصل عدمه والأصل عدم كونها في أعيان أمواله الموجودة بعده لقضاء ما كان يده عليه بالملكية وانتقال جميع ما يحكم بأنه له لوارثه واستصحاب بقائها لا يقضي إلا بكونها موجودة في الخارج لا في أعيان أمواله المحكوم بأنها له ولوارثه من بعده وأصالة عدم كونه في مكان آخر لا يثبت كونها في أمواله لأن أصل مثبت وعموم على اليد ما أخذت حتى تؤدي مسلم في الأمانة مع بقاء عينها أو مع تلفها بتعد أو تفريط وبدونها لا يشمل على الأمانة قطعاً والرهن ههنا أمانة لا يعلم عينها كي يرجعها الوارث ولا يعلم تلفها بوجه مضمون كي يؤدي مثلها أو قيمتها واستصحاب وجودها لا يقضي بدفع شئ من مال الميت لأصالة براءة ذمته وأصالة عدم كونه شريكاً للوارث هذا كله والأحوط دفع الوارث قدر الرهن من مال الميت والأحوط للوصي المصالحة وعلى الاحتياط ففي كونه متعلقاً بالتركة فيحكم بكون عين الرهن في أعيان المال فيكون بمنزلة الشريك فيقدم على ساير الغرماء أو تعلق الدين فيحكم بكون مثله أو قيمته ديناً على الميت فيكون صاحب الرهن أسوة مع الغرماء وجهان ولا يبعد الأول وهو الأحوط.