انوار الفقاهة-ج5-ص4
خامسها: لاشك في مشروعية الرهن بالنسبة إلى الدين السابق المستقر في الذمة ولو كان بسبب عقد متزلزل وأما الدين المقارن كبعتك الدار بألف وأرهنتها عليها أو بشرط إن تكون رهناً على الثمن إن سوغناه فيقول قبلت فلا يخلو القول بصحتهما من أشكال إلا أن يتأخر الرهن فيقول قبلت وأرهنت فيقول البائع قبلت فأن القول بالصحة هو الوجه فلا يجوز الرهن على حق غير مالي ولا على حق مالي لا يمكن استيفاءه من الرهن ولا على عين غير مضمونة للإجماع المنقول وفتوى الفحول وعدم شمول دليل الرهن لمثلهما. وهل يصح على الأعيان المضمونة لأولها إلى الدين عند تلفها أو امتناعها فيمكن استيفاء مثلها أو قيمتها من الرهن وأن لم يمكن استخلاص نفس العين منه فيشمله اطلاقات أدلة الرهن الدالة على جواز رهن مال على مال وعموم أدلة العقود واطلاقات أدلة الرهن لشمول حكمه على الدين المرتهن على الأعيان لاستدعاء الضرورة للاستيثاق عليها ولعموم قوله ( استوثق من مالك ما استطعت ووروده في السلم لا ينافي عمومه ولتعلق الخطاب بالتأدية وتعلق سبب الضمان بالأعيان المغصوبة وشبهها أو لا يصح كما نسب للأكثر للأصل والشك في شمول عموم دليل العقود لها وكذا أطلاقات الرهن وعدم ثبوته من العقود المتعارفة وعدم ثبوت تسميته وعدم ثبوت كونه من المتداول عرفا ولاختصاص الآية وأكثر أخبار الرهن بالدين دون غيره ولمنع دليل الحكمة ومنع كونه علة بعد ثبوته ولمنع دلالة قوله استوثق من مالك ما استطعت علي خصوص الرهن وإنما هو بالأستيثاق بطرقه المعهودة ولمنع شمول اطلاقات الأمر بالرهن على المال للأعيان المغصوبة لانصرافها بحكم التبادر للديون على أنها واردة كلا في حكايات الأصحاب ولمنع وجود سبب الضمان قبل التلف ومنع تعلق الخطاب بأداء المثل أوالقيمة قبله وإنما الخطاب متعلق بأداء العين مادامت موجودة ولمنع كون الأول إلى الدين عند التلف مصححاً للرهن وإلا لجاز الرهن على الأعيان الغير مضمونة لأولها إلى الدين عند التلف أيضاً مع التعدي أو التفريط أو الامتناع عن الأداء ولأن من مقتضى الرهن استيفاء نفس المرهون عليه أو فرده المتحد به في الخارج وليس الأعيان المضمونة مما تستوفي من الرهن ومثلها أو قيمتها أمر خارج عنها وجهان والأخير أقوى كما ظهر من الأدلة وهل يصح الرهن على الدين واقعاً كرهن المال على ما يدعي عليه قبل ثبوته فيثبت بعد ذلك والرهن على ثمن المبيع خوفاً من خروج استحقاقه سواءً كان باقيا إذ صححنا الرهن على الأعيان المضمونة له تالفاً وجهان والجواز هو الأقوى ولا يصح الرهن على ما يثبت في الذمة كمال الجعالة قبل العمل ولا على الدية قبل استقرار الجناية وأن حصل سبب وجوبها في الجملة أو علم إنها تأتي على النفس إلا أن تبلغ إلى الحد الذي يوجب الدية ولا على دية الخطأ قبل حلول كل قسط منها لعدم استقرارها على من هي عليه قبل ذلك وعدم تعينه وقد يقال بجواز أخذ الرهن على الدية التي ثبت موجبها وأن لم تستقر هي كقطع اليد فأن غايته الموت وهو لا يزيد عليه ويجوز أخذ الرهن على مال الجعالة وعلى مال الكفالة المقيد به مطلقة ومشروطة وكونها في في المشروطة جائزة من طرف العبد لجواز تعجيزه نفسه غير مناف لثبوته في ذمته قبل التعجيز وكون الرهن من مال السيد فلا يستوفي ماله من ماله مدفوع بإمكان كونه عارية من غيره وبأنه وأن كان من مال السيد إلا أن سلطانه بيد العبد ولا يصح الرهن على ما لم يمكن استيفاء المرهون منه كالمنفعة الخاصة من الأجير الخاص وشبهها لبطلانها بامتناعها وعدم جواز أخذ الرهن على قيمة مثلها عند امتناع الأجير عن الأداء إلا أنه لم يثبت بعد ولا يصح أخذ الرهن على ما لم يثبت.
سادسها:يشترط في الراهن العقل والرشد والقصد والاختيار من غير خلاف يعرف ويجوز مع الإجازة بالنسبة إلى المكره إذا لم يرتفع قصده ويبلغ حد الإلجاء ويجوز للولي رهن مال الطفل للمصلحة والغبطة كما يجوز له الأذن للسفيه بذلك أيضاً ويجوز جعل رهنين على مال واحد متعاقباً زائدين عليه أو ناقصين عنه أو مساويين له ويجوز جعل رهن واحد على ما لين لشخصين دفعة أو متعاقباً على نحو ما ذكر وهل يوزع الرهن على المالين دفعة أو متعاقباً على نسبة المال وعلى نسبة الروس أوعلى جهة البدلية فأيهما استند به كان له وجوه أقويها الأول وأضعفها الأخير ويجوز للولي أن يستقرض مال الطفل مع الملاءة ولا يلزم وضع رهن عنده ولا كون استقراض للمصلحة كما يفهم من الخبر الصحيح وكلام المشهور من الفقهاء نعم يشترط عدم الأفساد قطعاً وقد يقال باشتراط المصلحة للاحتياط وينزل إطلاق الرواية عليها وهو حسن ولا يجوز أن يقرض غيره من دون مصلحة لليتيم في القرض لحرية التصرف بمال الغير في غير المقطوع به ويلزمه أخذ رهن أو كفيل مخافة الإفساد من دونهما ومثله التصرف بمال المجنون لعدم ورود دليل صالح على جوازه من دون مصلحة هذا كله في غير الولي الإجباري وأما الإجباري فيصح تصرفه يمال المولى عليه مطلقاً إلا مع الإفساد فلا يصح مع احتمال الصحة وأن أثم أوهل يجب على غير الإجباري تحري الطرق الأعلى من المصلحة أو يكفي وجود مصلحة ما وجهان أظهرهما الأخير ولو وجدت في حال الإقراض مصلحتان أعلى وأسفل فهل يجوز للولي الغير الإجباري العدول عن الأولى للثانية أو لا يجوز وجهان أحوطهما الأخير وهل المدار على المصلحة الواقعية فيضمن بدونها ويقع العقد فاسداً أو المصلحة بنظره فيصح العقد ولاضمان لو وافقت المصلحة نظره دون الواقع أو ينتفي الضمان ويفسد العقد وجوه ومقتضى دليل العسر وأن المرء متعبد بظنه الصحة وعدم الضمان.