پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج5-ص3

ثالثها: يشترط في الرهن كونه مملوكا فلا يصح رهن غير الملوك لعدم الفائدة برهنه وان يكون مملوكا للراهن فلا يصح رهن مال غيره إلا على جهة الفضولية ويشترط كونه عينا فلا يصح رهن المعدوم قبل وجوده ولا رهن المنفعة لعدم انصراف أدلة الرهن إليها ولا رهن الحق كذلك وكونه عيناً مشخصاً في الخارج فلا يصح الكلي ولا الدين لعدم انصراف الأدلة إليهما وليس المانع كون الدين غير مقبوض فيجوز رهن الدين عند من لا يشترط القبض لإمكان قبض الدين بعد رهنه بأذن الغريم لأن ما في الذمة بمنزلة المقبوض فيمكن جعله رهنا فيباع حين كونه دينا أو بعد تعينه في فرد للوفاء فرده المعين للوفاء رهنا أيضا كأصله فلا يرد حينئذ على القول برهنه أن ما يكون رهنا فهو فرده الخارجي لا نفس الدين والكلام في رهن الدين لا في رهن الفرد ولا يرد أيضا أن الرهن استيثاق للدين فلا يكون دينا لا خلاله بالمقصود لجواز كونه دينا على المرتهن فيحصل منه الوثوق وكونه على غيره ممن يستوثق بوفائه ولا يرد أيضا أن الدين أيضا ليس مقبوضا والفرد المعين للوفاء ليس نفسه فلو قبض للرهن لم يكن الدين المرهون مقبوضا لأن قبض الفرد قبض لكلتيه فيصدق عرفا أن الدين قد قبضه المرتهن إذا كان عليه أو على غيره وقد وكل على قبضه بنفسه عنه والحق ما تقدم من أن مثل هذا القبض لا تنصرف إليه إطلاقات أدلة القبض كتاباً وسنةً بل لو قلنا بعدم اشتراط القبض في الرهن لا نقول بجواز رهن الدين لعدم انصراف الأدلة لمثل هذا الذي لا يمكن قبضه ويندر الاستيثاق به أو لم يمكن قبضه ولكن لا على حد غيره مما يقبض فلا عجب من العلامة (() حيث جمع بين عدم اشتراط القبض وبين المنع من رهن الدين كما تعجب منه الشهيدان ولا حاجة إلى الاعتذار عنه بالتزام اشتراط كون الرهن مما يمكن قبضه وان لم يشترط قبضه بالفعل والدين لا يمكن قبضه لما تقدم من بيان ضعفه وليس المانع من رهن المنفعة أيضاً عدم إمكان قبضها بقبض العين كما إذا رهن عنده منفعة سنة مطلقة أو معينة فسلمه العين فإذا أراد استيفاء الدين أجرّ العين واستوفي الدين منها ولا المانع كونها ما تتلف شيئا فشيئا فلا يمكن اتلافها ولا استيفاء الدين منها لأن القبض ممكن بقبض العين لا بقبضها نفسها والاستيفاء ممكن بإجارة العين وأخذ الثمن أو باستيفاء نفس المنفعة أو بإجارة العين وجعل الأجرة كرهن ما يتسارع إليه الفساد في وجه ربما يبني عليه فيما أسرع الفساد إليه بل المانع من رهن المنافع هو الإجماع المنقول وفتوى المشهور تحصيلا وعدم انصراف أدلة الرهن وأدلة القبض المشروط فيه إليها من دون تفاوت بين القول باشتراط القبض في الرهن وبين عدمه ومما ذكر ظهر انه لا يجوز رهن خدمة المدبر والقول بجوازه لصحة بيع خدمته كلما صح بيعه صح رهنه ضعيف لمنع الأصل سوي دعوى رواية لم نعثر عليها ومنع الكلية سيما فيما استند جواز بيعه للرواية لا للقاعدة ولو دبر العبد فرهنه قيل يصح التدبير والرهن وأن فك الرهن وقع التدبير وإلا فسد وبالجملة لا تمانع بينهما كي ينسخ أحدهما الآخر فيبقى التدبير غير مستقر بل مراعي وقيل يبطل التدبير أما لأنه عتق بصفة فيزول تسليط المرتهن على بيعه وأما لأنه وصيته وهي عقد جائز تنفسخ بما ظاهره الأعراض عنها وإمالتنا في موردهما لأن الوصية بالعتق تنافي تسليط المرتهن على نقله على جهة الإطلاق في كل منهما وتقييد الوصية بحالة الفك خلاف ظاهرها والأرجح الأخير والقول ببطلان الرهن ضعيف جدا ولا يصح رهن الأرض المباحة ولا الخراجية ولا الوقف وأن جاز بيعه على بعض الوجوه لعدم الأستيثاق ببيعه إلا إذا حصل شرط البيع فلا يبعد جواز رهنه وهل يصح رهن غير المقدور على تسليمه لجواز نقله بغير أو مع الضميمة فيحصل منه الأستيثاق أو لا يصح لأن المعارضة عليه سفه مطلقاً أو يصح مع الضميمة لا مجرداً أو يختص بالآبق دون غيره وجوه والأخير قوي وهل يجوز رهن الخمر عند المسلم إذا وضع عند كافر ليبيعه لكافر بإذن صاحبه فيدفع ثمنه للمسلم وهل يجوز رهن العبد المسلم عند الكافر إذا وضع عند مسلم ليبيعه ويدفع ثمنه للكافر أو لا يجوز فيهما أو يجوز في الأول دون الثاني أو بالعكس كما اختاره بعضهم وجوه أقربها عدم الجواز مطلقاً لأن يد الكافر في الأول بمنزلة يد المسلم لنيابته عنه لحصول تعلق له به في الجملة لأن الحجر عليه بسببه ويد المسلم في الثاني كيد الكافر فلا ترفع السبيل المنفى على المسلم من الكافر وبالجملة فللمرتهن على الرهن سلطنة وسبيل وهما منفيان عن الكافر بالنسبة للمسلم فتجويز الثاني دون الأول كما يظهر من المحقق (() لا وجه له ويصح الرهن في زمن الخيار لعين تعلق بها الخيار فان كان الراهن من له الخيار كان فسخا وان كان غيره صح تصرفه ولا يكون ممنوعا عنه ولا فضوليا على الأظهر وكان لذي الخيار عند الفسخ فسخ الرهن في وجه أو إبقاؤه وأخذ مثله أو قيمته ويجوز رهن المرتد الملي لبقاء المالية وهل يجوز رهن الفطري لما ذكرناه وكونه في معرض التلف لجواز قتله غير مناف ولاستصحاب بقائه فيحصل الاستيفاء من ثمنه أو لا يجوز لضعف الاستيثاق به وكونه في معرض الزوال ولو قلنا بعدم جواز نقله وبيعه لأنه فاسد كالبيض الفاسد ولأنه في معرض التلف لوجوب قتله فلا إشكال لعدم جواز رهنه ويجوز رهن الجاني عمدا لبقاء المالية ولا ينافيه تعلق حق القصاص لإمكان العفو عنه فان عفى المجني عليه أو رضي المولى بالفداء لزم الرهن وإلا بطل من حينه مع احتمال المنع من رهنه لتعلق حق الجناية من قتل أو استرقاق قبل الرهن فلا يصلح لتعلق حق الرهانة به والأول أوجه لأن حق الجناية لا يقضي بالتحجير بل لصاحب الحق الفسخ عند اختيار أحد الأمرين وأما الجاني خطأ فلا أشكال ببقائه إنما الإشكال في صحة رهنه بعد سبق تعلق حق الجناية فيمكن القول بصحته واجتماع الحقين عليه إلا أنه يقدم حق الجناية لسبقها على حق الرهن والقول بصحته على أن يكون الرهن التزاماً للمجني عليه بالفداء بنفس الرهن ويمكن القول بفساده لمنع حق المجني عليه من ورود حق آخر ينافي استيفاء حقه منه والأقوى عدم منافاة الجناية للرهن فيصح الرهن ما لم يسترق الجاني أو يقتل فأن استرق أو قتل بطل الرهن من حينه هذا في العمد ويصح في الخطأ ما لم يمتنع المولي عن الفداء فيبطل من حينه.

رابعها: لو رهن رهنا فخيف ببقائه الفساد باعه المرتهن بأذن المالك فأن لم يتمكن من أذنه بأن غاب أو امتنع باعه المرتهن بأذن الحاكم وجعل ثمنه رهناً لأنه نماؤُهُ وبدله فيجري حكم المبدل منه على البدل وهذا بخلاف ما لو باع الراهن الرهن بأذن المرتهن فأنه لا يكون رهنا قهرا إلا إذا شرط في أذنه كون الثمن رهنا فأنه قد يكون رهنا في وجه ولو رهن ما يسرع إليه الفساد قبل حلول أجل الدين فأن أذن المالك ببيعه أو أطلق صح الرهن وباعه لأذن المالك في الأول أو بأذنه فأن لم يكن فبأذن الحاكم في الثاني أن امتنع أو غاب وجعل ثمنه رهنا فأن فصر في البيع بعد الأذن أو الاستئذان ضمن وأن نهاه المالك عن البيع أَولاً ا فسد الرهن وأن نهاه أخيراً كان له بيعه بأذن الحاكم وجعل ثمنه رهناً فأن لم يفعل فلا ضمان عليه عند تلفه وفساده واحتمل جواز بيعه قهراً بأذن الحاكم حتى لو شرط الراهن ابتداءً عدم بيعه ولو غضب الرهن كان عوضه رهناً ولو جنى على العبد المرهون كان ثمن الجناية رهناً وبالجملة كل ما كان بدلاً للرهن قهرياً على الراهن كان مرهوناً حتى لو أتلف الراهن رهنه الزمه المرتهن بجعل عوضه مكانه ولو كان المتلف لزمه أداء المثل والقيمة ويكونان رهنا وهذا كله أما حكم شرعي يدل عليه على ما يظهر لي الاتفاق ويكون الرهن للاستيثاق وهو ههنا نفس المال لا خصوص العين الشخصية ويكون بدل العين تابعا في سائر العقود على ما يظهر من الاستقراء وأما حكم عقدي قضي به عقد الرهن من المالك حيث أنه استوثقه من ماله عوض ماله وليس له غرض خاص في نفس العين الشخصية والظاهر ان كلاً منهما قاض بذلك.