پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج5-ص2

ثانيها: يفتقر عقد الرهن إلى القبض للأخبار المعتبرة الدالة على أنه لا رهن إلا مقبوضاً وللإجماعات المنقولة وللآية الدالة على اعتباره بمفهوم الوصف وهو على نحو قبض البيع تخلية ونقلا وإمساكا باليد وهل يكفي في المكيل والموزون ههنا كيله ووزنه لقيامهما مقام القبض مطلقا كما يظهر من الأخبار أم لا يكفي لورودها في البيع فيقتصر عليه ويحكم على غيره بما يحكم به العرف وجهان أظهرهما الأول وأحوطهما الأخير ويقوي التفصيل بين الطعام فيكفي كيله ووزنه مطلقا وبين الذهب والفضة فلا بد من إمساكه أو نقله وهل القبض جزء من العقد للشك في تمامه بدونه ولنفيه في الأخبار بدونه المحمول على نفي الذات ولما نقل عن بعض أهل اللغة أم شرط في الصحة أم ناقل لها من حينه أو كاشف لها من أصله كالإجازة في العقد الفضولي أو شرط في اللزوم فيصح عقد الرهن بدونه وجوه أوجهها الوسط لعدم الشك المعتبر في الجزئية بعد شمول العمومات والاطلاقات لعقده المركب بين الإيجاب والقبول وبعد اتفاق الفقهاء ظاهرا على تمامية العقد بدون ذلك وان اختلفوا في الشرطية وعدمها والاحتياط وحينئذ فلا يحكم بجزئيته مضافاً إلى ظاهر مفهوم الوصف في الآية فأن ظاهرها أن الوصف مخصص لا موضح وأما الخبر وان كانت حقيقته في نفي الذات إلا أن نفي الصحة مجاز مشهور أن لم يغلب عليه الحقيقة فلا تغلب عليه ولضعف القول باشتراطه في اللزوم فقط بالإجماع المنقول على اشتراطه في الصحة ورد والإجماع المنقول على اشتراطه في اللزوم إليه دون العكس لضعف ناقل الإجماع على اللزوم وإمكان صرفه إلى الأول دون العكس وبظاهر الآية لظهورها في الإرشاد المنتفي عند نفي القبض وهو المناسب لنفي الصحة عند نفيه دون اللزوم أو الكمال وبظاهر الأخبار لقربها إلى نفي الصحة من نفي اللزوم أو الكمال لقرب نفي الصحة إلى نفي الذات دونهما وبهذا يظهر ضعف القول بعدم اشتراط القبض مطلقاً إلا في الصحة ولا في اللزوم استناداً للأصل وشمول العمومات والاطلاقات لغير المقبوض ولظهور الآية في وقوع الرهن مقبوضا وغير مقبوض إذ لو لم يكن إلا مقبوضا لكان وصفه به وصفا زائدا كرهان مقبولة ونحوها ولأن الآية للإرشاد فظاهراً وكما إنها إرشاد لأصلها فهي إرشاد إلى القبض للاحتياط بحفظ المال ولضعف الرواية الدالة على الاشتراط وذلك لتخصيص الأصل والعمومات بما ذكرنا من الأدلة وانصراف الإطلاقات لما هو مقبوض دون غيره على أن المطلق مسوق لبيان أحكام آخر لا لبيان الحكم على الماهية صحة أو فَساداً ولأن الوصف في الآية مخصص لبيان الصحة لأن لفظ الرهن اعم من الصحيح والفاسد فلا يلزم من اشتراطه في الصحة وقوع الوصف لغوا ولأن الظاهر من الإرشاد للرهن المقبوض كون القبض شرطا في صحته أو لزومه مجرد الإرشاد للاحتياط في الاستيثاق لأن غرض الشارع بيان الشرعيات لا العرفيات ثم على ما ذكرناه من اشتراط القبض في الصحة لو اشترط الرهن في عقد لازم لزم تقبيضه لانصرافه إلى الصحيح وعلى القول باشتراطه في اللزوم فهل يكفي في الوفاء بالشرط حصوله من دون قبض لإطلاق الشرط فيفسخ الراهن الرهن بعد عقد الرهن قبل القبض ولا خيار للبائع أو لا أيكفي إلا أن يحصل القبض من الراهن لانصراف الرهن في الشرط إلى اللازم دون الجائز وجهان وفي الأخير قوة ولو مات الراهن أو المرتهن أو جُنَّ أحدهما قبل القبض بطل العقد على القول باشتراط القبض في الصحة أو بكونه جزءاً من العقد على الأظهر وقيل يجريان الخلاف على القول باشتراط القبض في الصحة بالنسبة إلى موت المرتهن وجنونه وهو ضعيف وعلى القول باشتراطه في اللزوم احتمل البطلان كما هو شان العقود الجائزة واحتملت الصحة لأوله إلى اللزوم كبيع الخيار وبيع المعاطاة وللاستصحاب واحتمل الفرق بين موت الراهن فينفسخ لتبعيته للدين فيبقى ببقائه وجوه ولا يبعد الأخير واستدامة القبض ليس شرطا فلو عاد إلى الراهن لم يضر ويشترط الأذن في القبض ابتداءً فلا يكفي القبض من دون أذن وهو ظاهر الفقهاء لانصراف أدلة اشتراط القبض إلى القبض المأذون فيه وفي اشتراط كون القبض للرهن عند الأذن فيه كذلك وجهان وكذا لو أذن في القبض لغير فيقبض له ففي أجزائه وجهان وهل يشترط إباحة القبض الظاهر العدم فيكفي القبض بالمنهي عنه لنذر وشبهه ولو قبض المشترك صح وان فعل حراما بالدفع لاستلزامه التصرف بمال الغير بغير أذنه ولا يجدي تصرفه بماله لأنه تصرف واحد بماله ومال غيره فهو حرام ولو كان قبضه نفس التخلية فلا أشكال حينئذ في صحة القبض لعدم التصرف ولو رهن ما هو غائب افتقر إلى إحضاره لتسليمه له وان كفت التخلية في قبضة لزم وصوله إليه بنفسه أو بوكيله أو مضي زمان يمكن وصول إليه بنفسه أو بوكيله أو مضى زمان يمكن وصوله إليه عادة أو وصوله إلى وكيله على وجه قوي في الأخير ولو رهن ما هو مقبوض بيد المرتهن احتمل الاكتفاء بالقبض السابق مطلقا أو احتمل عدم الاكتفاء مطلقاً بل ولابد من الأذن الجاريه والقبض الجديد أو مضي زمان يمكن فيه ذلك واحتمل الفرق بين المقبوض بأذن فالأول وبين المقبوض من دون إذن فالثاني واحتمل الافتقار إلى الأذن دون تجديد القبض للزوم تحصيل الحاصل واحتمل الافتقار إلى مضي زمن يمكن فيه القبض دون القبض نفسه واحتمل الافتقار إلى الأذن في المغصوب ونحوه دون المأذون فيه واحتمل الفرق بين علم الراهن بقبض المرتهن له عند الرهن فلا يفتقر إلى أذن لدلالة رضاه بالرهن على الأذن وبين عدم علمه به وقد تبقى المسألة على أن المقبوض لغير الرهن هل يجزي عن قبضه له ام لا فان قلنا به صح في المقبوض بأذن مطلقاً دون المغصوب والمبيع بالبيع الفاسد وان لم نقل بالأجزاء لم يصح الاّ في صورة أن يقبضه للرهن أولاً ثم يوقع عقد الرهن والأظهر الأجزاء كما أن الأظهر عدم الفرق بين الابتداء في القبض وبين الاستدامة لصدق أسم المقبوض فلا حاجة إلى تجديد القبض للرهن أو مضي زمان يمكن فيه التجديد ملاحظة لكون الزمان من لوازم القبض فلو لم يحصل نفس القبض كان لازمه مطلوبا لكونه مقدمة فان الزمان لازم وله ومطلوب من جهة كونه مقدمة فإذا كان حاصلا لم يتوقف عليه بوجه فلا يكون لازما فالأظهر حينئذ توقف صحة الرهن في المقبوض بإذن ولو بغير الرهن على تجديد الأذن وعدم توقف المقبوض مطلقاً على تجديد القبض ولا على مضي زمن يمكن فيه ذلك نعم فيما يكون القبض فيه التخلية لا يبعد توقفه في الابتداء على مضي زمن يمكن الوصول إليه عادة والإقرار بالرهن ليس بإقرار إلا بالاقباض مع احتماله كونه إقرار به لانصرافه إلى الرهن الصحيح ولو أقرا بالقبض وأنكر الأذن كان القول قوله ولو أقر بالأذن والقبض ثم أنكر لم يسمع قوله ولو أدعى علم المقر له بكذبه عند الإقرار ففي أن له اليمين على نفي العلم من المقر له وجه ولو أدعى أمرا ممكنا صارفا للإقرار عن معناه أو ادعى الاشتباه عند الإقرار كان له تحليف المقرُ له على نفي ذلك أو على نفي العلم بذلك ولو أدعى الموطأة في الإقرار بالقبض قبل القبض ترويجا للاستشهاد وكان له اليمين على المقولة على نفي ذلك أو نفي العلم به ولو أدعى في الإقرار أمراً ظاهراً يغلب على أصالة صحته ففي سماع دعواه وجعل القول قوله مع يمينه وجه قوي ولو أدعي كذب إقراره فليس له اليمين على نفي ذلك على المقر له ولا تسمع دعواه إلا إذا أدعى عليه العلم ففي سماع ذلك وجه كما تقدم.