انوار الفقاهة-ج3-ص95
سادسها:يجب على الحاج في أيام هذه الليالي وهي أيام التشريق الرمي ما بين طلوع الشمس إلى غروبها للأخبار وفتوى مشهور الأصحاب خلافاً لمن أدعى أنه من بعد الزوال حتى نقل عليه الإجماع وهما ضعيفان والصحيح الأمر بالرمي عند الزوال محمول على الاستحباب ولو ترك رمي يوم قضاه من الغدو رمي يومين قضاه في اليوم الثالث الواردة في الناسي ولفتوى الأصحاب مطلقاً بل ربما يفهم من الأخبار الإطلاق ويجب أن يقدم القضاء على الأداء للإجماع المنقول وفتوى الفحول وللاحتياط في تقديم ما تقدم ويجب رمي الجمار الثلاث في الأيام التي يقيم بها كل جمرة سبع حصيات مرتبة ويبدأ بالأول ثم الوسطى ثم جمرة العقبة كل ذلك للإجماع والأخبار والمخالف شاذ لا يلتفت أليه ولو عكس الترتيب أعاد لما عدا الأولى لوقوعها في محلها مع احتمال الإعادة من جهة العمد ويحصل الترتيب بأربع حصيات فلو ضرب الأولى أربعاً والأخرى كذلك والثانية كذلك أكمل كل واحدة ثلاثاً وصح ما فعل وأن رمى الأولى ثلاثا في الثانية أو الثالثة أو هما قليلاً او كثيراً أعاد ولو رمى الأولى والثانية أربعاً أربعا والثالثة ثلاثاً أكمل الأوليتين وأستأنف الأخيرة سبعاً ولو رمى الأخيرة أبتدأ أربعاً فما فوقها ثم عكس إلى الأولى فرماها أربعاً فما فوقها قوي القول بإبقاء الأولى على رميها وتكملته لوقوعه من أهله في محله سيما لو تقرب في الكيفية الخامسة وظاهر الصحيح صحة أللاحق لو أكمل الأربعة في المتقدم السابق مطلقاً حتى مع النسيان نعم في العمد لا يبعد إعادة المؤخر الذي حقه التقديم السابق مطلقاً حتى مع العمد ففيه في رجل رمى الجمرة الأولى بالثلاثة والثانية سبع قال يعيد رميهن سبعاً سبع قلت فأن رمى الأولى والثلاثية بثلاث والثالثة بسبع قال يرمي الجمرة الأولى بثلاث والثانية بسبع ويرمي جمرة العقبة سبع قلت فأنه رمى الجمرة الأولى بأربع والثانية بأربع والثالثة بسبع قال يعيد فيرمي الأولى بثلاث والثالثة بثلاث والثانية بثلاث ولا يعيد على الثالثة ولكنه في السهو والجهل لا يمكن دفعه وأما في العمد فيشكل الحال في شموله له لعدم انصراف الإطلاق أليه أولاً والشك في صحته لمكان النهي ثانياً ويظهر منه أيضاً لزوم إعادة الرمي المتقدم لو كان أقل من أربعة لو عقبه برمي أخر وهو أحوط وأن كان في لزومه وجه لاحتمال اشتراط الموالاة ولكنه بعيد ومن قضى ما فاته من الرمي قضاه غدوه بعد طلوع الشمس وما كان ليومه أراه بعد الزوال للصحيح الأمر بذلك ولكنه محمول على الاستحباب كما أفتى به الأصحاب وفي الأخر الأمر بالتفصيل بين اليومين بساعة والظاهر أنه محمول على الندب كما أفتى به الأصحاب وهل يجوز القضاء قبل طلوع الشمس أم يتعين بعده وجهان الأحوط الثاني للاحتياط ولعموم ما دل على أن الرمي بعد طلوع الشمس والنهي قبله والأقوى الأول لانصراف ما دل على ذلك للأداء دون القضاء فيبقى ما دل على لزوم قضائه في الغد سليماً عن المعارض ولا يجوز الرمي ليلاً للأخبار وفتوى الأصحاب ألا لعذر يمنع من وقوعه نهاراً فيجوز حينئذٍ تقديمه ليلاً لنهاره ويجوز قضاءه ليلاً قبل يوم القضاء ولو لم يمكن تفريق القضاء قضى الجميع ليلة واحدة ويدل على جواز الرمي ليلاً ما ورد في الخائف والعبيد والرعاة والحاطبة والمدين والمريض وقد نقل على جواز ذلك للعذر ويجوز أن يرمي عن المعذور كالمريض وأن لم يكن ميؤساً من برئه وعن المغمى عليه وعن الصبي وعن المميز لمنقول الإجماع وفتوى الأصحاب وأخبار الباب ويجب على المريض أن يستنيب ويجزي الفعل عنه تبرعاً لفحوى ما دل على إجزاءٍ بالحج تبرعاً ويندب استئذانه لأنه أولى بأبراء ذمته ولو استناب فأغمى عليه لم تنفسخ الاستنابة لأنه استنابة للعجز والإغماء زيادة فيه ولصحته تبرعاً فاستئذانه أولى ولو صحا المستنيب أو المتبرع عنه فلا إعادة عليه ولو نسي من حصى جمرة وحصاة إلى الثلث فأن عينها رماها كيف ما كانت وأن اشتبهت رمى الحل من باب المقدمة وللخبر الأمر بذلك والإجماع المنقول ولو نسي حصى جمرة لم يعينها أو نسي أربعة من جمرة واحدة أعاد على الثلاث مرتباً لاحتمال فوات الأولى فيسقط الترتيب الواجب ولو فاته من كل جمرة واحدة أو اثنتان أو ثلاث أعادها مرتبة لتعدد الفائت بالأصالة ولو فاته ثلاثاً أو شك في كونها من واحدة أو أكثر رمى كل واحدة ثلاثاً مرتباً لجواز التعدد في واحدة ولو فاته أربعاً فشك كذلك أعاد الرمي من أصله ولو شك في عدد واحدة وهو المحل لزمه اليقين وأن دخل في غيرها لم يلتفت وكذا في الأخيرة لو طال الفصل أو دخل في غيرها على أشكال وأن كان كثير الشك لم يلتفت ولو ترك الرمي سهواً أو جهلاً حتى دخل مكة وجب عليه أن يرجع ويتدارك ما تركه وجوباً نصاً وفتوى وبالأولى ما لو ترك عمداً والأظهر الأشهر كما في الخبر لأن التدارك أيام التشريق وبه يقيد إطلاق غيره من الفتوى والرواية من التدارك مطلقاً ولو لم يمكنه التدارك استناب ولو فاتته أيام التشريق يسقط عنه قضاه في ذلك العام ولا شيء عليه من كفارة أو فداء بل ولا أثم أن كان معذوراً بعدم الإتيان مطلقاً ليلاً أو نهاراً وما ورد أن من ترك الرمي بقي على إحرامه من النساء وعليه الحج من قابل متروك الظاهر لا يعتد بمضمونه وحمله على الندب لا بأس به نعم أن حج من قابل لزمه قضاء كلاً أو بعضاً بل والإحرام لقضائه فأن لم يحج رمى عنه وليه فأن لم يكن له ولي استعان برجل من المسلمين يرمي عنه كما في الخبر المعتبر بفتوى المشهور والإجماع المنقول والاحتياط فلا يعارضه أصالة البراءة من لزوم الإعادة ولا صحيح أبن عمار على ما قيل فيمن نسى أو جهل حتى فاته وخرج قال ليس عليه أن يعيد لعدم معارضته الأصل ولاحتمال الخبر نفي الإعادة في تلك السنة ويجوز لمن أراد النفر بالنفر الأول أن ينفرد بعد الزوال لا قبله للأخبار منقول الاتفاق ألا من أكره فندبه للأصل وللفراغ من أفعاله وللخبر النافي للباس عن النفر قبل الزوال وهو قوي ألا أن الأول أحوط ومن نفر في النفر الثاني جاز له النفر قبل الزوال للأصل والأخبار والإجماع المنقول حتى من أكثر الموجبين الرمي عند الزوال على الأظهر ويندب الإقامة بمنى أيام التشريق ويندب رمي الجمرة الأولى عن يمينه عن يسارها من بطن المسيل لا من أعلاها والدعاء بالمأثور والتكبير مع كل حصاة والوقوف عندها ثم القيام عن يسار الطريق واستقبال القبلة والدعاء والتقدم قليلاً والدعاء ثم رمي الثانية كالأولى والوقوف عندها والدعاء ثم الثالثة مستدير القبلة ولا يقف عندها كل ذلك للنصوص والفتاوى عدا الإستدبار ففيه كلام.
ثانيها:إذا فرغ الحاج من مناسك منى فأن بقي عليه طواف واجب أو سعي وقد تركهما لزم عليه العود إلى مكة إذا أمكنه أداه وألا لم يجب عليه نعم يندب له طواف الوداع وهو مستحب عندنا ويندب أمام ذلك صلاة ست ركعات بمسجد الخيف بمنى بأصل الصومعة عند المنارة في وسطه وفوقها إلى جهة القبلة نحو من ثلاثين ذراعاً وعن يمينها وشمالها كذلك والظاهر أن الخلف كذلك وأن أغفله بعضهم هذا كله للأخبار وفي بعضها صلاة مائة ركعة ومائة تسبيحه ومائة تهليله ومائة تحميده ويندب التحصيب للنافر أخيراً للفتوى والنصوص وهو النزول في الطريق بالمحصب وهو مجمع الحصبا المحمولة بالسيل والظاهر أنه ما بين العقبة ومكة وقيل ما بين الجبل الذي عنده مقابر مكة والجبل الذي يقابله مصعداً في الشق الأيمن لقاصد مكة ويندب الاستلقاء فيه للتأسي كما قيل ويندب دخول الكعبة سيما للضرورة وأن يكون حافياً وأن يكون مغتسلاً ويندب صلاة ركعتين بعد الدعاء عند دخوله بالمأثور ويقرأ في الأولى بعد الحمد حم السجدة ويسجد للسجود الواجب ويقرأ في الثانية بقدرهما من الآيات لا الحروف والكلمات للخبر وأن يكون بين الأسطوانتين أللتين يليان الباب على الرخامة الحمراء على مولد علي (() ويندب الصلاة في زواياها الأربع والدعاء وهو ساجد واستلام أركانها الأربع قبل الخروج ويتأكد في اليماني ويندب الدعاء عند الحطيم بعد الخروج وهو اشرف البقاع بين الباب والحجر إلى المقام ويندب طواف الوداع سبعة أشواط كغيره واستلام الأركان في شوط سيما في الطرفين وإتيان المستجار والدعاء في السابع أو بعد الفراغ منه أو من صلاة ويندب إتيان زمزم والشرب من مائها والدعاء خارجاً والخروج من باب الحناطين وهي بأزاء الركن الشامي والسجود عند الباب واستقبال القبلة والدعاء والصدقة بتمر يشتريه بدرهم والعزم على العود ويندب النزول في المعرس على طريق المدينة مسجد يقرب مسجد الشجرة إذا مر به ليلاً أو نهاراً كل هذه الذي ذكرناه منصوص عليه في الفتوى ومذكور في النصوص فلا أشكال في جميعها بحمد الله.
القول في الحصر والصد…