انوار الفقاهة-ج3-ص89
ومنها أن السبعة التي يصومها إذا رجع إلى أهله بالنص والإجماع لا يجوز صومها في الطريق وموردها لم يقم بمكة وأما من أقام بمكة شرفها الله تعالى أنتظر في صومها اقل الأمرين من مدة رجوعه إلى أهله على النحو المتعارف من السير المتوسط الخالي عن العوارض أو المشتمل عليها عادة أو مدة شهر يجب عليه صومها بعد أحدى تلك المدتين للصحيح الدال على ذلك ولفتوى الأصحاب لجمع من أصحابنا لزوم الانتظار إلى مدة الوصول ولم يعتبروا الشهر وحكي عليه الإجماع وورد في عدة أخبار الأمر بالانتظار إلى مدة الوصول وفي بعضها أنه ينتظر إلى مقدم أهل بلده فإذا ظن أنهم دخلوا فليصم السبعة والمراد به تقدير مدة الوصول لا فعليته لعدم العثور على قائل بذلك بحيث أن الأمر يدور مدار وصولهم بالفعل حتى لو أسرعوا على خلاف العادة جاز الصوم بعد وصولهم ولو بقوا في الطريق وجب انتظارهم والقول الأول أقوى لأنه من قبيل المقيد لإطلاق أدلة القول الأخير وهل مبدأ الشهر بعد انقضاء أيام التشريق كما عليه جماعة أو يوم يدخل مكة كما احتمله آخرون أو يوم عرفه أو يوم يعزم على الإقامة كما احتمله بعضهم وربما كان في الرواية اشعار به وفي كون مبدئها أيام التشريق قوة ويسقط حكم الانتظار مطلقاً للمقيم بمكة أبداً وليس له أهل في غيرها إذا أمكن منه وقوع حج التمتع وهل المراد بالمقيم بمكة لا غير أو ما يشملها والإقامة بالمدينة أو الطائف مثلاً أو ما يشملها والإقامة بالطريق وهل يراد بالإقامة نية الإقامة أبداً أو اكثر من سنة فما فوق أو مطلق ولو من أقام ولو مصدوداً إذا أتم له الشهر في مقامه وقت رجوعه إلى أهله صامها وجوه أوجهها الوسط في الأول والأخير في الأخير مع احتمال سقوط الانتظار في حق من أراد المقام بمكة أبداً واحتمال سقوط السبعة أصلاً للمقيم أبداً احتمال باطل لا يحتمله أحد إذ لا يراد بالرجوع في الكتاب والسنة خصوص الرجوع الحقيقي وفي الأخبار ما علق فيها الحكم على إقامة السنة وفي بعضها على المقيم مطلقاً وفي بعضها على المجاور وكله لا باس به إذا المراد ما يسمى مقيماً ولو من الشهر فما فوق على الأظهر ولكن الأحوط دوران الحكم على الإقامة المنوية دون ما كان مقامه قهراً كالمصدود ونحوه وعلى الإقامة في غير الطريق.
ومنها الظاهر عدم وجوب التفريق بين الثلاثة والسبعة لمؤخر السبعة إلى مدة الوصول إلى أهله لو كانت قصيرة بل يجوز جمعها وتواليها وكذا لا يجب التفريق لمؤخر الثلاثة عن مكة ما دام شهر ذي الحجة إلى أن يصل إلى أهله لعارض له عن صومها في مكة أو في الطريق والظاهر أن الواجب عليه صومها في مكة أو في الطريق فأن لم يتمكن صامها في بلده ولا يجوز له تأخيرها إلى بلده اختياراً بل الأحوط صومها في مكة مهما أمكن للأخبار المرتبة جواز صومها في الطريق على عدم إمكان صومها في مكة وكذا صومها عند أهله .
ومنها أن من مات ولم يصم فأن كان لعدم تمكنه لم يجب أن يقضي عنه وليه إجماعاً وأن لم يكن كذلك وجب على الولي أن يقضي عنه الثلاثة دون السبعة وفاقاً لفتوى جماعة للصحيح الدال على نفي القضاء عمن مات ولم يصم السبعة بعد الرجوع إلى أهله ويؤيده الأصل وقيل بوجوب السبعة أيضاً على الولي ونسب للمشهور للاحتياط وعموم لزوم القضاء الولي للصوم الفائت وللإجماع المنقول على العموم ولخصوص الصحيح من مات ولم يكن له هدي المتعة فليصم عنه وليه ولا مكان صرف الصحيح الأول لغير المتمكن من الصوم وهذا قوي في النظر ألا أن الأول أقوى للشك في اندراج هذه الصورة في تلك العمومات وفي الإجماع المنقول عليها وفي الصحيح المتقدم لأن بينهما ما بين العام والخاص فيقدم عليه .
ومنها أن من وجب عليه بدنه لنذر أو كفارة أو عهد في هدي تمتع أو يمين ولم يكن لها بدل منصوص كفداء النعامة ولم يتمكن من البدنة اجزا عنه سبع شياه للخبر المنجبر بالفتوى والعمل فأن لم يمكن صام ثمانية عشر يوماً ولكن في غير المنذور في هدي التمتع تعيناً للخبر المعتبر ولا يجوز لمن عليه سبع شياه أن يجتزي ببدنه ولا لمن عليه بقرة كذلك لفقد النص ويلحق في هذا الباب الكلام في الأضحية وهدي القران وفيهما أمور.