انوار الفقاهة-ج3-ص62
الرابع والعشرون:يقوى القول بتحريم شم الرياحين بل استعمالها مطلقاً للنهي عن مسه والتلذذ به في الصحيح والنهي عنه في صحيح أخر ولأشعار المنع من استعمال الطيب بالمنع عن استعماله وحكم جمع بكراهته للأصل ولما ورد من حصر الطيب الممنوع في أربعة ولما ورد في الصحيح من نفي ألباس عن شم القيصوم والشيح والأذخر والخزامــى وأشبـــــاه ذلك ورد بتخصيص الأصل لكونه كالعام بما جاء من النهي عنه وبأن حصر الطيب في أربع ظاهراً في غير الرياحين لعدم تسميتها طيباً عرفاً وأن كانت لها رائحة طيبة أو أن الحصر إضافي بالنسبة إلى ما يتطيب به وبأن نفي ألباس عن شم الأشياء المعدودة لا تقضي بجواز شم الرياحين لمنع كونها منها أولاً وتخصيص نفي ألباس بها لو كانت فيها ثانياً ودخولها تحت الأشباه ممنوع لظهور إرادة النبت البري اللازم للمحرم غالباً لنباته في الحرم من لفظ الأشباه فلا يدل على جواز شم الرياحين مطلقاً والريحان أطواق كل بقلة طيبة الربح أو كل نبت طيب الربح أو اطرافه أو أصله أو ورقه ما عدا الفواكه والأباذير وبنات الصحراء على الأظهر.
القول في جملة من أحكام الإحرام وهي أمور :
أحدها:لا يجوز الدخول إلى مكة شرفها الله تعالى ألا بالإحرام بنسك من حج أو عمرة إجماعاً ونصاً وفي الصحيح النهي عن الدخول إلى الحرم ألا محرماً وبه أفتى جمع ألا أن المشهور على خلافه وعلى الظاهر والظاهر أن النهي من الدخول ألا بالإحرام متعلق بمن خرج إلى خارج الحرم وإرادة العود أليه أو كان خارجاً عنه سابقاً فلو لم يخرج عن الحرم بل تردد أما بينه وبين مكة لم يجب عليه الإحرام على الأظهر لانصراف أدلة المنع إلى غير هذه الصورة ولا بد من مقارنة الإحرام لنسك بعد انفراده بالتعبد به ويستثنى من ذلك أمور.
أحدها:المريض ومن به البطن فأنه رخص لهما الدخول غير محرمين في الأخبار وكلام الأصحاب وفي بعض الأخبار الصحيحة أن من به بطن يحرم عنه ولا بأس بالأخذ به لعدم منافاة الإحرام عنه لعدم إحرامه ولكن حمله على الاستحباب وعلى من ذهب عقله أو قرب لما عليه الأصحاب.
ثانيها:من يتكرر دخوله في كل شهر بحيث يدخل في الشهر الذي خرج فيه ولا يمضي له شهر خارج مكة لأدلة نفي العسر والحرج ولما ورد في الصحيح من الرخصة للمجتلية بالإحلال كنا قلي الحشيش والحنطة والخضروات وفي الأخبار الأخر أيضاً الدالة على أن الخارج إذا عاد من غير إحرام وأن من خرج إلى جدة دخل من دون إحرام ويمكن إلحاق من يتكرر له الدخول كل شهر فقط بمن يتكرر دخوله وخروجه ولكن الأحوط خلافه كما أن المتكرر أيضاً لو زاد بقاؤه خارجاً على شهر فأن الأحوط له الإحرام والأحوط الاقتصار على من كان عمله التردد في أقل من شهر لقوة دليله دون غيره والظاهر أن من لم يكن عمله التردد يلزم في استثنائه تقدم إحرام له قبل شهر الخروج والدخول كما هو المتيقن من النص والفتوى .