پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج3-ص57

عاشرها:يجب اجتناب الجدال في الحج وهو عرفاً الخصومة وشرعاً حقيقة شرعية أو مجاز مشهور صار حقيقة متشرعية في قول الرجل لا والله وبلى والله محقاً أو مبطلاً فالأولى في مقام النفي والأحرى في مقام الإثبات كما في عبائر جمع من أصحابنا ودلت عليه الروايات المتظافرة الدالة على الحصر مفهوماً كقولهم عليهم السلام في عدة أخبار الجدال قول الرجل لا والله بلى والله أو منطوقاً كقولهم إنما الجدال لا والله وبلى والله ومقتضى إطلاق النص والفتوى خصوصية النفي بلا إثبات ببلى وخصوصية لفظ الجلالة دون غيره من الأسماء الحسنى واجتماعها في كلام واحد وعدم اشتراط كونهما جوآباً بالكلام متكلم أو تتمة لكلام نفسه وعدم كونه في مقام خصومة أو غيرها والكل لا يخلو من أشكال سيما الأخير فأنه لا يبعد الاكتفاء بأحدهما في تسميته جدالاً لأن الظاهر عدم وقوعهما غالباً في كلام واحد لتباين معدودهما في الإثبات والنفي وكذا من المستبعد أيضاً ترتب الجدال على مجردها تبنى الصيغتين حتى لو أتى بهما مجردتين لظهور انصراف الأدلة إلى الواقعتين في الكلام جواباً وسؤالاً وعدم اشتراط وقوعهما في مقام خصومة أو جدال لانصراف النصوص والفتاوى إلى مقام الخصومة أو حقيقة شرعية أو مجاز شرعي في اليمين مطلقاً كما ذهب جمع أخر من أصحابنا ودلت عليه بعض الأخبار كخبر معاوية وأبي بصير أن من حلف أيماناً ثلاثة ولاء فقد جادل ومن حلف واحدة كاذبة فقد جادل والصحيح عن المحرم يريد العمد فيقول له صاحبه والله لا تعمله فيقول والله لأعملنه فيحلفه مراراً يلزم ما يلزم الجدال قال لا إنما أراد بهذا إكرام أخيه فأن التعليل نفي الجدال بهذا دون فقد الصيغتين يشعر بأنه لولا الإكرام لثبت الجدال والظاهر أنه لا يتفاوت بين كونه على أمر ماض أو مستقبل أو هو كذلك في اليمين ولكن مع تكريره كما نشعر به هذه الأخبار ولا ينافي هذين الخبرين الأخبار المتقدمة الحاضرة للجدال في قوله لا والله وبلى والله لجواز حملها على المفرد المتكرر الغالب من اليمين أو على إرادة التكرر منها لوقوعه غالباً من الحالف أو على أن لا وبلى كناية عن النفي المطلق والإثبات المطلق وهما ملازمان لليمين إذ هو كذلك في الصيغتين في مقام الخصومة والجدال لا مطلقاً أخذ بالمتيقن وبالمفهوم من لفظ الجدال وبحمل إطلاق الأخبار على المعهود من تكرير اليمين في مقام الخصومة وهو كذلك في اليمين مطلقاً في مقام الإثبات والنفي في مقام الخصومة والأظهر والأحوط لزوم اجتناب الجميع من باب المقدمة وتغضياً عن شبهة الخلاف وظواهر جملة من الأخبار ويجوز الجدال للضرورة أو لدفع دعوى باطلة تضره في دينه أو دنياه للعمومات المبيحة المخدورات عند الضرورات ولا يبعد سقوط الكفارة حينئذٍ وأن كان الأحوط لزومها أخذ بإطلاق بعض الروايات.

حادي عشرها:يجب على المحرم ترك قتل هوام الجسد الكائنة في الثوب أو البدن على الثوب أو البدن أو الفراش أو قتلها خارجاً كالقمل والصواب إذا نزعها من ثوبه وفي إلحاق البق والبرغوث وشبهها بهما وجه قوي كما أن في إلحاق قتلهما إذا وجدا خارج الثوب والبدن والفراش وجه قوي كما أيضاً والدليل على ما ذكرناه الصحيح في المحرم يحك رأسه ما لم يتعمد قتل دابة وغيره المتضمن للنهي عن قتل الدواب كلها ولما كان الأخذ بعمومها ضعيف لمخالفته المشهور نقلاً وأدلة نفي العسر والحرج اقتصرنا على ما أفتى به المشهور من التخصيص بهوام الجسد ويعضده الأخبار المتضمنة للنهي عن قتل القمل وأن قاتلها بسما صنع والمتضمنة للنهي عن إلقائها وأن من قتل شيئاً منها خطأ أطعم طعاماً بناء على أولوية المنع من القتل من المنع من الإلقاء وبناء على أولوية ترتب الكفارة في العمد من ترتبها في الخطأ والمتضمنة لأنه لا ينبغي أن يتعمد قتلها ونسب القول به لأكثر الأصحاب حتى أن القول باختصاص تحريم القتل قوي اقتصاراً على المتيقن من دليل المنع ولما ورد من جواز قتل البق والبراغيث إذا أذاه بل ربما يقال بعدم تحريم قتلها أيضاً للصحيح في الحرم لا شيء عليه في القملة ولا ينبغي أن يتعمد قتلها فأن الظاهر أن نفي الشيء قرينة على إرادة الكراهة من لفظ لا ينبغي مضافاً إلى ظهورها فيه والخبرين مطلقاً في أحدهما لا بأس يقتل القملة في الحرم وفي الأخر لا بأس بقتل البرغوث والقملة والبقة في الحرم من دون تفصيل بين المحرم وغيره وهذه الأخبار مؤيدة بما قيل أنها مخالفة لفتوى العامة ولكن التخطي عن القول المشتهر ليس بمعتبر.