انوار الفقاهة-ج3-ص38
خامسها:لو بعد المكي ثم حج على ميقات من المواقيت الخمسة التي للأفاق أحرم منه وجوباً لفتوى الأصحاب والإجماع المنقول في الباب والأخبار الآتية إن شاء الله تعالى والظاهر أن نوع الحج الذي يحرم له هو ما كان فرضه وفي جواز التمتع له كلام تقدم بيانه والنافي المجاور بمكة لا يخرج بمجرد المجاورة عن فرضه المستقر عليه قبلها مطلقاً وبعدها ما لم يقم مدة يوجب انتقال فرضه إلى غيره كما سيجيء إن شاء الله تعالى فيجب عليه إذا أراد حج الإسلام الخروج إلى الميقات ليحرم منه لحج التمتع للأجماعات المنقولة والنصوص الدالة على ذلك وأن أختلفوا في تعيين الميقات الذي يخرج أليه أنه هل هو ميقات أهله للخبر عن المجاور أله أن يتمتع بالعمرة إلى الحج قال نعم يخرج إلى مهل أرضه فيلبي إن شاء ولفحوى النصوص الواردة في ناسي الإحرام وجاهله أنه يرجع إلى ميقات أهل أرضه بناء على عدم تحقق الفرق بين الناس وغيره والجاهل وغيره بل المدار على كون الميقات الخاص ميقات للنائي مطلقاً كما يفصح عنه الأخبار الواردة في المواقيت ويؤيده الاحتياط أيضاً أو أنه أي ميقات كان للمرسل ليس له أن يحرم في مكة لكن يخرج إلى الوقت مؤيداً بعدم الخلاف في أن من مر على ميقات أحرم منه وأن لم يكن من أهله أو أنه أدنى الحل للصحيح وغيره قلت من أين قال يخرجون من الحرم وفي الجميع نظر لضعف الأول بضعف خبره سنداً بمعنى ودلالة بإنشاء مع احتمال كون المراد الاحتراز عن مكة وبنحوه يجاب عن الصحاح مع أن التعدي عنها قياس وعدم تحقق الفرق غير تحقق عدم الفرق وشمول أخبار المواقيت لما نحن فيه محل كلام لعدم تبادره منها وضعف الثاني بضعف المرسل سنداً ودلالة لأجمال الموقت فيه المحتمل لإرادة أهل الأرض أنفسهم وألام للعهد ولأن عدم الخلاف في أجزاء الإحرام من غير ميقات أهله بعد المرور عليه غير مفروض من لزوم الخروج أليه والمرور به وضعف الثالث لضعف الصحيح لندرته وكون خارج الحرم فيه مطلق محتمل لا رادة التقيد بمحل أهل الأرض أو مطلق الوقت أو صورة تعذر المصير أليهما للاتفاق على جوازه كما سيأتي إن شاء الله تعالى فيتعين حمل المطلق على المقيد ولو قصر السند للأنجبار هنا بالعمل لاتفاق من عدا الحلبي على اعتبار الوقف وأن أختلفوا في إطلاقه وتقيده وأما الصحيح من أراد أن يخرج من مكة ليعتمر أحرم من الجعرانة أو الحديبية أو ما أشبههما محمول على العمرة المفردة كما وردت به المستفيضة مع أنه معارض بالموثق في المجاور ففيه أن هو احب أن يتمتع في أشهر الحج فليخرج منها حتى يجاوز ذات عرق ويجاوز عسفان فيدخل متمتعاً بعمرة إلى الحج فأن هو احب أن يفرد الحج فليخرج إلى جعرانة فيلبِ منها وحيث ظهر ضعف الأقوال وجب الرجوع للأحوال الشرعية وبين أصل البراءة أن كان الشك في التكليف مع أحراز شرط الصحة ولزم الإتيان بما يتحقق به البراءة قطعاً بعد يقين الشغل أن كان الشك في شرط الصحة والذي يظهر أن الشك متعلق بالوجوب والصحة معاً فيجب الأخذ بما تيقن أنه مخرج عن العهدة وهو ميقات أهله والإجماع المنقول على أن من مر بميقات أحرم منه ولو لم يكن من أهله لا يدل على الصحة من الميقات مطلقاً ولو بالخروج أليه وإنما يدل على الصحة بالمرور عليه بعد كونه بمكان آخر أو كونه فيه نعم لو تحقق الوفاق على الصحة من أي المواقيت كان وبقي النزاع في الوجوب لكان الأصل برآءة الذمة من تعيين ميقات أهل أرضه لعدم قوة الدليل الدال عليه نعم منع الإحرام من أدى الحل اختياراً هو الأقوى فتوى ورواية ونسب لفتوى المشهور والروايات المعتبرة فأن تعذر الخروج إلى المواقيت خرج أدنى الحل من خارج الحرم فأحرم منه ولو تعذر أحرم من حله.
سادسها:قد عرفت أن للنائي حكماً ولمن كان في مكة أو قريب أليها حكماً آخر حينئذٍ فلو توطن النائي مكة كان له حكم أهلها ولو توطن المكي غيرها من الأمكنة البعيدة كان له حكم أهلها ولو كان له منزلان قد نوى التوطن فيهما فأن تساويا بالبينة والفعل زمناً تخير بين التمتع وغيره للإجماع المنقول وفتوى الفحول ولزوم الترجيح من غير مرجح لو تعين عليه واحد بعينه ولزوم العسر والحرج لو وجب عليه التكرر بل الإجماع على نفيه وأن تفاوتا بالنية والفعل أو بالفعل فقط اعتبرا عليهما إقامة لفتوى الفحول والإجماع المنقول والصحيح فيمن له أهل بالعراق وأهل مكة قال فلينظر أيهما الغالب عليه فهو من أهله وفي الحاق الغلبة بالنية وجه لا يبعد البناء عليه هذا أن لم يكن مقيماً في مكة سنتين فلو أقام سنتين جرى عليه حكم أهل مكة لما سيأتي إن شاء الله تعالى من أن من أقام سنتين بمكة من النائين جرى عليه حكم أهل مكة وأن لم يكن له بمكة منزل يكون جريان الحكم عليه بالأولوية وقد تمتع الأولوية ألا أن ظاهر النص والفتوى يقربها.
سابعها:الذي تقتضيه القاعدة المأخوذة من الأخبار أن حكم النائي والقريب لا يختلف بالمجاورة وعدمها فلو جاور النائي مكة لم يجر عليه حكم أهلها من القران والأفراد ولو جاور المكي غيرها لم يجر عليه حكم غيرها من التمتع وأن وجب عليه أنه مر بميقات أن يحرم منه ألا أنه قد خرج عن هذه القاعدة المجاور بمكة أو ما قاربها