انوار الفقاهة-ج3-ص30
ثالثها:ممن له العدول عن التمتع إلى الأفراد الحائض والنفساء إذا منعهما عذرهما عن أيام أفعال العمرة من طواف وصلاة ودخول للمسجد لاشتراط الطهارة فيها ثم أن شاءا الحج من مكة وأدراك الموقف الاختياري فأن لهما العدول ابتداء لو علما بذلك ابتداء وأستدامة لو حصل ذلك لهما في الأثناء لفتوى المشهور نقلاً بل تحصيلاً وللإجماعات المنقولة على لسان جماعة ولصحيح جميل عن الحائض إذا قدمت مكة يوم التروية قال تمضي كما هي إلى عرفات فتجعلها حجة ثم تقيم حتى تطهر وتخرج إلى التنعيم فتحرم وتجعلها عمرة وصحيح بن بزيع الدال على ذهاب متعة من تحيض قبل أن تحل منى عند زوال الشمس يوم التروية والموثق فيمن تجيء متمتعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت حتى تخرج إلى عرفات قال تصير حجة مفردة والتحديد بيوم التروية وزوالها كناية عن خوف فوات الموقف كما تشعر به الأخبار المتقدمة وفي بعض الأخبار وكلام الأخيار ما يشعر بأن عائشة عدلت من التمتع إلى الأفراد ولكن ليس في الخبر ألا أنها إذا حجت مع النبي (() قالت يا رسول الله ترجع نساؤك بحجة وعمرة معاً وأرجع بحجة فأقام بالأبطح وبعث معها عبد الرحمن بن أبي بكير إلى التنعيم فأهلت بعمرة وليس فيه أنها كانت متمتعة بل الظاهر أنها كانت مفردة كغيرها وحين أمر الناس بالعدول إلى التمتع بقيت هي على أفرادها لم تعدل وذهب جمع من أصحابنا إلى عدم جواز العدول وأوجبوا عليها إتمام العمرة بلا طواف ثم الأحرام بالحج وقضاء الطواف حينئذٍ مع طواف الحج للأخبار المستفيضة الدالة على ذلك ففي الصحيح أو قريب أليه في المتمتعة إذا حاضت بعد قدومها لمكة تقيم بينها وبين التروية وتغتسل وتحتشي وتسعى وتخرج إلى منى فإذا قضت المناسك وزارت البيت طافت الطوافين وفي أخر فيمن اعتلت قبل أن تطوف قدمت السعي وشهدت المناسك فإذا طهرت وانصرفت فيه الحج قضت طواف العمرة والحج والنساء ثم أحلت من كل شيء وفي ثالث مثله أو قريب أليه ونقل بعضهم على ذلك الإجماع وهذه الأدلة ضعيفة عن مقاومة ما ذكرناه سنداً وعدداً واشتهاراً واحتياطاً فلتقدم تلك الأدلة عليها أو تحمل هذه على ما إذا طافت أربعاً ففاجأَها الحيض وهو أولى من الجميع بينها بالتخيير لفقد التكافؤ المشروط فيه مع ندرة القائل به إذ لم يحل إِلاّ عن الإسكافي وعلى تقدير صحته فلا ريب أن العدول أولى لاتفاق الأخبار على جوازه على هذا التقدير وبعض أصحابنا جمع بين الأخبار بأن الأمرأة أن حرمت وهي طاهرة وحاضت قبل أن تقضي متعتها سعت ولم تطف حتى تطهر فتقضي طوافها وأن حرمت وهي حائض لم تسع ولم تطف حتى تطهر فأن لم تطهر نقلت حجها إلى الأفراد واستند في ذلك إلى رواية دالة على ذلك وأنه وجه جمع بين الأخبار وفيه نظر فأن الصحيح المتقدم ظاهر في إحرامها طاهرة ومع ذلك حكم فيه لها بالعدول والرواية الدالة على التفصيل شاذة فتوى وعملا وقد حملها الشيخ على صورة الطمث بعد الطواف أربعة أشواط استظهاراً من أن حدوث الحيض قبل الإحرام لا يمكن معه الطواف بوجه بخلافه بعده فأنه يمكن حصوله بعد الأربعة أشواط ونسب لبعض القول بأن الحائض تستنيب عنها في الطواف وهو قول شاذ لا دليل عليه وخلاصة المسألة أن الحائض بعد تلبسها بالحيض أن أمكنها أدراك أفعال العمرة ثم الإحرام للحج قبل فوات الموقف صحة متعتها وجاز لها نية التمتع ابتداءً مع علمها بادراك ذلك وأن لم يمكنها ذلك وعلمت بعدم الإمكان كان حجها حج أفراد ولزم عليها ذلك ابتداءً واحتمال صحة نية التمتع مع نية أنها تعدل عنه بعيد جداً وأن شكت في إمكان إدراكها وعدمه أحتمل لزوم الأفراد عليها ابتداءً وأحتمل لزوم التمتع ابتداءً فأن أمكن الإدراك فلا كلام وأن لم يمكن عدلت إلى الأفراد وهذا الأخير أقوى وفي هذا المقام يذهب بعضهم إلى إتمام أفعال العمرة ما عدا الطواف وقضاؤه بعد ذلك وقد تقدم ضعفه وأما من لم تكن متلبسة بالحيض فنوت المتعة ابتداءً لعدم علمها به ففاجَأها الحيض فأن أمكنها التربص إلى الطهر وقضاء أفعال العمرة لزمها ذلك وأن لم يمكنها وضاق عليها الوقت نقلت حجها إلى الأفراد سواء كان عدم الإمكان لعدم إمكان الطهر قبل أدراك الموقف أو كان لعدم إمكان البقاء لأفعال العمرة لخوف وانقطاع عن رفقه نضير انقطاعها عنهم وفي هذا المقام أيضاً يذهب بعض إلى إتمام أفعال العمرة ثم قضاء الطواف وقد تقدم ضعفه هذا كله لو حصل الحيض والنفاس قبل الطواف أما لو حصل في أثنائه فالمشهور أنها أن طافت أربعة أشواط صحت متعتها وأتت بالسعي وبقية المناسك وقضت بعد طهرها ما بقي من طوافها للأخبار الدالة على ذلك المعتضدة بفتوى المشهور وعمدته الأخبار الدالة على البناء على الطواف عند مجاوزة النصف وقيل بعدم صحة المتعة مطلقاً ولو طافت أقل من أربع فتقضي الباقي للصحيح فيمن طافت ثلاثة أشواط فرأت دماً قال تحفظ مكانها فإذا طهرت طافت بقيته واعتدت بما مضى وليس نص في الفريضة فليحمل على النافلة كما فعل الشيخ جمعاً بين الأدلة.