پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج3-ص29

ثانيها: كما أن فرض الثاني بالقدر المذكور هو حج التمتع كذلك فرض القريب القِران والأفراد كما سيأتي الكلام عليهما إن شاءَ الله تعالى وهما واحد في الصورة ألا أنهما يفترقان بسياق الهدي في القِران وعدمه في الأفراد فلا يجوز العدول عن التمتع إلى غيره في حج الإسلام اختياراً لأنه للفرض فيجب فعله ابتداء ويجب الاستمرار عليه أيضاً استدامة ألا في مقام الاضطرار فيجوز العدول ابتداء قبل الإحرام واستدامة ومن الاضطرار وخوف ضيق الوقت عن إدراك الوقوفين بأنه يجوز العدول ابتداء واستدامة إلى الأفراد ويأتي بعمرة مفردة بعد ذلك والحكم متفق عليه نقلاً وتحصيلاً وأن أختلفوا في حد الضيق فحده بعضهم بزوال الشمس يوم التروية قبل الإحلال من العمرة وحده أخرون بغروبها يوم التروية وحده ثالث بزوالها يوم عرفة معللاً له بعدم أدراك الموقفين بعده وحده رابع بخوف فوات الموقفين مطلقاً من غير ذكر زمن خاص حتى لو لم يخف بعد الزوال بعد وقت العموم وسبب اختلاف الأقوال هو اختلاف الأخبار وأوجبها الأخير قضاءً لحق الأصل وهدف الامتثال وخصوص النصوص منها لا بأس للتمتع أن لم يحرم ليلة التروية متى ما تيسر له ما لم يخف فوت الموقفين والنصوص المحدودة مع تعارض بعضها يمكن ردها إلى أخبار خوف ألفوت بتنزيلها على مراتبه من إمكان وصول الحاج إلى عرفات يومئذ عدمه أو على التقية من التخلف عن الناس في المضي إلى عرفات لأن في التخلف عنهم يحصل لهم الإطلاع على وقوع حج التمتع من أصحابنا وهو متروك عند العمرة بخوف فوات اضطراري الموقفين أو اختياريهما معاً الظاهر الثاني لظهور الأخبار في الاهتمام بادراك اختياري الموقفين مهما أمكن وللصحيح عن الرجل يكون في يوم عرفة بينه وبين مكة ثلاثة أميال وهو متمتع بالعمرة إلى الحج فقال يقطع التلبية ويهل بالحج بالتلبية إذا صلى الفجر ويمضي إلى عرفات فيقف مع الناس ويقضي جميع المناسك ويقيم بمكة حتى يعتمر عمرة المحرم ولا شيء عليه وقريب منه جملة من المعتبرة كالصحيح المتمتع يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ما أدرك الناس سر يمنى ونحوه المرسل كالموثق وغيره بناء على أن أدراك منى قبل المضي إلى عرفات للإجماع على عدم اعتبار الوصول إلى منى بعد الفراغ من الموقفين واحتمال أن يكون إدراكه بمنى يوم العيد بأن يدرك اضطراري المشعر مع بعده مخالف للإجماع المنقول بل المحصل وحمله على أدراك الأضطرارين بعيد أيضاً عن الفتوى والرواية والأخبار الواردة في المسألة ومنها ما دل على فوات المتعة بزوال الشمس من يوم التروية كصحيح بن بزيع ومنها ما دل على فواتها بالوصول يوم التروية مطلقاً كصحيح جميل في الحائض إذا قدمت يوم التروية تمضي إلى عرفات لتجعلها حجة ومنها ما دل على فواتها بغروب شمس يوم التروية كصحيح العيص فيمن تفوته المتعة ويقوم يوم التروية قال له ما بينه وبين غروب الشمس وكأخر إذا قدمت مكة يوم التروية وأنت متمتع فلك ما بينك وبين الليل أن تطوف بالبيت وتسعى وتجعلها متعة والثالث فيمن يقدم مكة لعله عرفه فقال لا متعة له ومنها ما دل على أن فواتها بالسحر من ليلة عرفة كخبر محمد بن مسلم ومنها ما دل على أن فواتها بعدم أدراك الناسي بمنى كخبر مرازم فيمن يدخله ليلة عرفة بمكة وهو متمتع فقال ما أدركوا الناس بمنى وفي أخر في المتمتع يطوف ويسعى ويحل ويحرم ويأتي منى قال لا بأس ومنها ما دل على فواتها بدخول يوم عرفة كخبر زكريا بن عمران عن المتمتع إذا دخل يوم عرفة فقال لا متعة لم يجعلها عمرة مفردة وفي أوله أن حد المتعة إلى يوم التروية ومنها ما دل على امتدادها إلى زوال عرفة لصحيح جميل المتمتع له المتعة إلى زوال الشمس من يوم عرفة وله الحج إلى زوال الشمس من يوم النحر وكذا الأخر المحدد لها إلى أن يقطع التلبية ومنها ما دل على أن فواتها بوصول النااس إلى عرفات كصحيح الحلبي فيمن أهل بالحج والعمرة جميعاً ثم قدم مكة والناس بعرفات وخشي أن يفوته الموقف أن طاف وسعى قال يدع العمرة فإذا تم حجه صنع كما صنعت عائشة وغير ذلك من الأخبار المتكثرة المختلفة وأقرب وجه للجمع بينها ما قدمناه من الحمل على اختلاف الموقف الاختياري لعرفة لقوة الأخبار بيوم التروية الذي يخرج الناس فيه إلى عرفات لحملها على غير المتمكن من تتمة أفعال العمرة والخروج مع الناس كما يحصل ذلك للحائض غالباُ فأن طهرها حينئذٍ وأغسالها وتأدية أفعال العمرة قلما يتفق لمن تلبست بالحيض إلى ذلك اليوم على أن عادات النساء في الحيض مختلفة وهذا الجمع أولى من الجمع بالحمل على التقية أو بالحمل على الحج المندوب المخير فيه بين الأنواع فأنه يجوز العدول حينئذٍ وأن اختلفت مراتب الندب فيه فمن أدرك يوم التروية عند زوال الشمس تكون متعة اشمل وأكثر ثواباً ممن ألحق بالليل ومن لحق بالليل يكون ثوابه أكثر ممن لحق يوم عرفه إلى الزوال لبعد الأول في جميع المضامين عن التقية وبعد الثاني عن ظاهر الروايات من حيث تخصيصها في المندوب فقط ومن حيث منافاته للأخبار الدالة على أفضلية حج التمتع مطلقاً.