انوار الفقاهة-ج3-ص20
ثالثها:من كانت عليه حجة منذورة في عام وحين لم تجز له النيابة فيها عن آخر عنى ما أفتى به جل الأصحاب وقضى به الاحتياط ولو أوقعها بنية النيابة لم يجزِ فيها لعدم وقوعها? ولا عن المنذور لعدم نيتها وتداخلها لا نقول به لأصالة عدم التداخل خلافاً للتهذيب ففيه أن من عليه حجة منذورة فحج عن غيره أجزاه عن النذر لصحيح رفاعة أرأيت أن حج عن غيره ولم يكن له مال وقد نذر أن يحج ماشياً أيجزي عنه ذلك من مشيه قال نعم وهو ضعيف عن معاوضة القواعد وفتوى الأصحاب محمول على نذر المشي في حج ولو عن الغير وكذا لا يجوز لمن عليه حجة إسلام أن ينوب عنه غيره ولا أن يداخلها معاً ولو ناب أو داخلا لم يقع عن أحدهما لما ذكرنا وما ورد في صحيح سعد الواردة في الصَرورة يحج عن غيره قال فأن كان له مال يحج به عن نفسه فليس يجزي عنه حتى يحج من ماله وهل تجزي عن الميت أن كان للصَرورة مال وأن لم يكن له مال وكذا في صحيحة سعيد الأعرج في الصَرورة يحج عن الميت قال نعم إذا لم يجد الصَرورة ما يحج به فأن كان له مال فليس له ذلك حتى يحج من ماله وهل يجزي عن الميت كان له مال أو لم يكن له مال محمول على حج الصرورة ثانياُ بعد حج الأول وإطلاق الصَرورة عليه مجازاً بعلاقة ما كان عليه وقرينة ذلك النهي في حدودهما عن حج الصَرورة عن غيره إذا كان له مال وقد تحمل رواية سعد على إرجاع الضمير إلى الجزء الأول من الحديث دفعاً لتوهمه الراوي من عدم صحة نيابة للصرورة أو إرجاع الضميرين المجرورين في آخر الحديث إلى الميت بمعنى سواء كان على الميت حج واجب أو لم يكن وحج عنه ندباً أو تحمل على أن المراد دفع توهم أنه إذا لم يكن على أحدهما حجة إسلام فليس لهما ثواب حجة الإسلام بأنهما يثابان ثواب حجة الإسلام ألا أن التائب إذا استطاع بعد ذلك فحج كتب له ثواب الأولى تفضلاً والثانية استحقاقاً وكذا لا يجوز لمن عليه حجة الإسلام أن يحج ندباً ولا أن يداخلهما خلافاً لمن صرف الندب إلى حج الإسلام قهراً ولمن صحح الندب وألقى حج الإسلام بحاله ولا يجوز لمن عليه حج نيابة غير سنة معينة لواحد أن يحج عن آخر ولأن تداخلهما معاً وما ورد في الصحيح عن رجل أخذ حجة عن رجل فقطع عليه الطريق فأعطاه رجل آخر حجة أخرى أيجوز له ذلك فقال جائز له محسوب للأول والأخير وما كان يسعه عن الذي فعل إذا وجد من يعطيه الحج محمول على اختلاف عامي الحجتين أو اطلاقها أو اطلاق أحدهما والمحسوب هو الطريق بمعنى لا يجب العود بعد الأولى وتحديد المسير للثانية أو على أن الحجتين هما الزاد والراحلة يحج عن نفسه أو على أنهما دفعا ذلك ليحج عنهما ندباً معاً تبرعاً والاشتراك في حج الندب لا بأس به أو على أن قطع بصيغة المعلوم وفاعله ضمير الرجل الثاني بمعنى أنه إذا أوجب عليه الطريق في أستنابته ولم يكن في الأستنابة المسير من الميقات فأعطى آخر حجة أخرى وأطلقا أو من الميقات وأطلق العام أو قيده بما بعد الأول جاز وكان المسير في الطريق مرة محسوبة بهما أو قطع الطريق بمعنى إخراجه عما أستؤجر له أي استأجره الأول من الميقات وآخر كذلك أو من الطريق في عامين مختلفين أو مطلقين أو مختلفين أو فاعله ضمير الرجل الأول والقطع بمعنى السير وضمير عليه للحج أي قطع الطريق للحج الذي أخذه وما ورد في صحيح بن بزيع عن رجل يأخذ حجه ولا يكفيه ألا أن يأخذ من رجل آخر حجة أخرى ويتسع بها وتجزي عنهما جميعاً قال أحب ألي أن تكون خالصة لواحد محمول على اختلاف الحجتين زماناً والخلوص الذي أحبه خلوص المسير أو محمول على أنه أستؤجر للحج عنهما معاً ندباً في عام واحد وكذا من كانت عليه حجة نيابة في عام معين لا يجوز له أن يجعل الحج عن نفسه مندوباً كان الحج عليه أو واجباً موسعاً ولو نوى الحج عن نفسه بطل ولا يحتسب له ولا للمنوب عنه وما ورد في الخبر عن رجل أعطى مالاً لرجل يحج عنه فحج عن نفسه قال هي عن صاحب المال لا يعمل عليها لضعفها فلتحمل على وصول ثوابها له إذا فعلها جهلاً أو على سهوه في الإنشاء بنية فيبنى على النية المتقدمة وكذا لا يجوز العدول من نية النيابة إلى نفسه أو من نية نفسه إلى النيابة لحصول التفريق في العمل المنوي ولكل أمرئٍ ما نوى والمفروض عدم صحة التفريق فيه واحتمال البناء على النية الأولى والغاء النقل ضعيف ويجوز استئجار اثنين عن واحد لحجتين عليه في سنة واحدة ويجزي عنه ولا يشترط تقديم إِحداهما على الأخرى في الإحرام ولو كانت إِحداهما إسلامية والأخرى منذورة أو مندوبة سواء كان المستأجر عنه حياً أو ميتاً ولو أتى إِحداهما بإحدى الحجتين دون الأخرى فأن كان المأتي به حجة الإسلام فلا كلام وأن كان المأتي به غيرها أحتمل البطلان وأحتمل الانصراف إلى حجة الإسلام قهراً فتنفسخ إجارة الآخر حينئذٍ ويثبت المسمى لمن حج حجة لأن الانقلاب من الشارع والقول بصحتها على ما نوى به هو الأوجه .
رابعها:تجوز نيابة متعددين في الحج عن واحد ندباً كما ورد أن خمسمائة وخمسين كانوا يحجون عن علي بن يقطين ولا يبعد جواز نيابتهم عنه في الواجب أيضاً والجميع يكون مجزياً ولا يتفاوت بين كونه ميتاً أو حياً ويجوز نيابة واحد عن متعددين لحج مندوب ولا تجوز نيابة واحد عن متعددين لحج واجب أمواتاً كانوا أو أحياء لأصالة عدم أجزاء الواحد عن المتعدد وتجوز النيابة تبرعاً عن الميت واجباً كان الحج أو مندوباً من ولي أو غيره لفتوى الأصحاب وأخبار الباب المتضمنة للزوم القضاء عمن يموت وعليه حجة الإسلام من غير تقييد بكونها من ماله أو لا والمتضمنة لجواز حج الابن عن أبيه وأن الرجل يموت فيحج عنه بعض أهله حجة الإسلام أنه يجزيه ذلك وقد ورد في جواز الحج عن الميت ندباً كثيراً من الأخبار وأنعقد عليه إجماع الأصحاب وكذا تجوز النيابة تبرعاً عن الحي في الحج المندوب لفتوى الأصحاب وأخبار الباب وهي كثيرة معمول عليها بين الأصحاب وهل تجوز النيابة في الفرض عن الحي المغصوب وشبهه من دون إذنه تبرعاً لمساواته الميت في جواز الأستنابة فكذا النيابة أو لا تجوز لأصالة عدم أجزاء فعل شخص عن آخر والمتيقن من براءة المغصوب أنما هي الأستنابة دون النيابة وهذا هو الأقوى حتى أن بعضهم تأمل في جواز النيابة عن الحي تبرعاً في المندوب وربما يكون مستنده رواية علي بن جعفر عن رجل جعل ثلث حجة لميت وثلثها لحي فقال للميت وأما للحي فلا ولكنه ضعيف لعدم مقاومة أطلاق الأخبار الواردة في جواز حج الرجل عن بعض أهله وإخوانه من غير تقييد بالأذن ويجوز الحج عن نفسه ووغيره معاً في الحج المندوب ويجوز إهداء ثواب الحج بعد فعله أو عند ابتداء فعله أو في أثنائه لحي أو ميت إذا كان مندوباً ويجوز حط شيء من الثواب نصفاً أو أقل أو أكثر لحي أو ميت ولا يبعد جواز إهداء ثواب الإهداء الثالث أيضاً.