پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج3-ص15

ثانيها:ناذر الحج أما أن ينذره مطلقاً غير مقيد بوقت فلا يجب فيه البدار وكان لفاعله الخيار ألا إذا ظن الفوت ومنه ظن الفوت ومنه ظن الموت فأنه يتضيق به ولو قيل بجواز التأخير مالم يؤدي إلى الإهمال والتهاون عرفاً لكان حسناً والأحوط البدار للمنذور تخلصاً من شبة وجوب النذر من شبهة شمول الأخبار الناهية عن تسويغ الحج للحج المنذور ثم أن هذا المنذور أن لم يتمكن من أدائه حتى مات أو غصب فلا شيء عليه وأن تمكن من أدائه فلم يفعل حتى مات أو غصب وجب القضاء لأمر جديد من ماله في الأول الأستنابة عنه مادام حياً في الثاني أما لزوم القضاء عند موته فالظاهر أنه إجماعي لأنه حق مالي تعلق به فيجب أَداءه عنه ومنع ذلك استناداً للأصل وافتقار القضاء لأمر جديد ضعيف في جنب مالم يتسالم عليه الأصحاب وأشعرت به بعض الأخبار الآتية أن شاء الله تعالى في الباب وأما وجوب استنابة المغصوب بعد استقرار النذر عليه فذهب أليه جملة من الأصحاب ويؤيده الاحتياط وعموم لا يسقط ومالا يدرك ولأن الحج له تعلق بالمال والبدن فبعد استقراره لو فات أحدهما لا يفوت الأخر وهو قوي نعم لو وقع منه النذر حال كونه مغصوباً فأن نوى الأستنابة حال النذر لزومه ذلك وألا توقع المكنة ولا يجب عليه الأستنابة للأصل وعدم تعلق الخطاب به والحمل على حجة الإسلام قياس وأفتى بعضهم بالوجوب وهو أحوط وأما أن ينذره مقيداً بوقت خاص فيجب عليه أداءه فيه أن تمكن من ذلك فأن لم يفعل بعد تمكنه حتى مات أو غصب وجب القضاء من ماله في الأول كما ذكر لما ذكرنا والاستنابة في الثاني على نحو ما ذكرنا وأن لم يتمكن سقط وجوب النذر واحتمال وجوب الأستنابة للممنوع يساعده الاحتياط كما قدمنا نعم يبقى الكلام في لزوم إخراج الحج عن الناذر بعد موته إذا استقر عليه الوجوب قبله هل هو من الأصل لأنه حق مالي تعلق به وله شوب بالبدن وكل حق مالي يخرج من الأصل أما الصغرى فوجدانية للفرق الظاهر بينه وبين الصلاة والصوم وغيرهما من العبادات من حيثية اشتماله على مال وتوقفه على المال بخلاف غيره وهذا أمر ظاهر يدركه أهل الشرع والعرف وحكم الفقهاء به كاشف عن تحققه وأما أن كل مالي يجب إخراجه من الأصل فقد دل عليه الأخبار وكلام الأصحاب وفي الخبر فيمن فرط في زكاته أنه بمنزلة الدين يخرج من جميع المال وذهب جمع من أصحابنا إلى لزوم إخراج الحج المنذور إذا حصل التفريط به من الثلث للصحاح منها عن رجل عليه حجة الإسلام نذر نذراً في شكر ليحجن رجلاً فمات في الذي نذر قبل أن يحج حجة الإسلام من جميع المال وأخرج من ثلثه ما يحج به رجلاً لنذره وقد وفى بالنذر وإِن لم يكن ترك مالاً ألا بقدر ما يحج به حجة الإسلام حج عنه بما ترك ويحج عنه وليه حجة النذر أنما هو دين عليه ومنها فيمن نذر ليحجن أبنه فمات الأب فقال هي واجبة على الأب من ثلثه أو يتطوع أبنه فيحج عن أبيه فأن احجاج الغير ليس ألا بذل المال لحجه أو حمله معه للحج والحج معه فعلى الأول هو دين مال محض فإذا وجب خروجه من الثلث وجب في الحج المنذور خروجه منه بالطريق الأولى وعلى الثاني فهو عائد لنذر الحج وقد صرح الأمام بخروجه من الثلث وهو حسن قوي لولا أعراض المتأخرين عن العمل بمضمونها مع صراحتها وصحتها واطلاعهم عليها حتى أن بعضهم حملها على وقوع النذر في مرض الموت أو أخر على وقوعه التزاماً بغير صيغته وثالث على ما إذا قصد الناذر تنفيذ الحج بنفسه فلم يتفق له الموت فلا يتعلق بماله حج واجب بالنذر ويكون الأمر بأخر أنه من الثلث وارداً على الاستحباب وتخصيص الثلث مراعاة للوارث ولو كان على ناذر الحج المفرط فيه حجة إسلام فمات قسمت التركة بينهما أن لم يترك ما لا يفي ألا بهما وألا أخذ من التركة مال يسع بهما وكان للورثة الباقي ولو اتسعت التركة أحدهما خاصة قدمت حجة الإسلام لأهميتها بنظر الشارع ويستحب للولي قضاء المنذور ولو اتسعت بحجة الإسلام والحجة المنذورة مع ترك العمرة للأولى فالأظهر تقديم حجة الإسلام مع عمرتها ولو اتسعت حجة الإسلام من الميقات والمنذورة من البلد أو بالعكس فالظاهر أن النذر أن تقيد من البلد كانت المنذورة من البلد وحجة الإسلام من الميقات وأن لم يتقيد أحتمل التخيير وأحتمل تقديم بلديه حجة الإسلام وأحتمل تقديم بلديه الحجة المنذورة لانصراف النذر إلى بلد الناذر .