انوار الفقاهة-ج3-ص3
ثانيها:إذا أدرك الصبي اختياري المشعر أجزأه عن حجة الإسلام للإجماع المنقول وفتوى الأصحاب ولأشعار الأخبار الواردة في أجزاء حج العبد المعتق إذا أدرك ذلك عن حج الإسلام وللأخبار الدالة على أن من أدرك المشعر فقد أدرك الحج ولأنه من لم يحرم من مكة أحرم من حيث أمكنه فالوقت صالح لإنشاء الإحرام فكذا صالح لانقلابه على أن الصبي قد أحرم من مكة وأتى بما على الحاج من الأفعال فلا يكون أسوء حالاً ممن أحرم بعرفات ولم يدرك ألا المشعر ولو كمل قبل فجر النحر وأمكنه أدراك أضطراري عرفه مضى أليه وأن كان قد وقف به قبل الإكمال وقد بقي وقت الوقوف عاد أليه ما دام وقت اختياري المشعر باق ولو قدم الطواف والسعي أحتمل وجوب العود أليه للاحتياط وأحتمل عدمه للأصل ومعنى الأجزاء أنه يكون فرضه حجة الإسلام ولا يجوز له تأخيرها ولو أهمل استقرت في ذمته ولكن هل يجب عليه تحديد النية على وجه الوجوب لأن لكل أمرء ما نوى ولوجوب نية الوجه أو لا يجب للأصل ولعدم وجوب فيه الوجه كفاية التقرب ولو وجبت في الابتداء فلا نسلم وجوبها في الاستدامة والأول أحوط نعم لا يبعد وجوب تعيين أنها حجة الإسلام لترددها بين حجة الإسلام والمندوبة وتعيين نوع شرط في النية ولو أتم بنية الندب زاعماً عدم البلوغ فتبين بلوغه بعد ذلك حق الحج احتملت الصحة والأجزاء عن حجة الإسلام لتعينها في الواقع فينصرف أليها العمل المتقرب به وتقع نية الندب لغواً لمكان الاشتباه وأحتمل صحتها ندباً وعدم أجزائها عن حجة الإسلام لعدم وقوع غير المنوي عن المنوي لأن حجة الإسلام والحج المندوب نوعان متغايران وأحتمل بطلانها لوقوع المندوب في غير محله وعدم إمكان وقوع الواجب وجوه أوجهها وأحوطها الوسط ويشترط في أجزائها عن حجة الإسلام الاستطاعة للأفعال الباقية قطعاً لأن شرط حجة الإسلام الاستطاعة والقدرة على الزاد والراحلة قطعاً ولكن هل يشترط الاستطاعة بجميع أفعال الحج من مكة أو يشترط الاستطاعة من بلده بمعنى أنه يملك الزاد والراحلة سابقاً في بلده وليس المانع ألا البلوغ أو بمعنى أنه بقدر أنه مستطيع من بلده حال البلوغ أو لا يشترط شيء منها ظاهر الفتوى ونسب إلى المشهور والنصوص الواردة في العبد المعتق عدم الاشتراط والاحتياط أو اصالة عدم الأجزاء ألا فالمتيقن يقضي بلزومها من بلده وفي الأكتفاء بها من مكة قوة وإذا نوى الوجوب فالأحوط أنه ينويه ببقية أحرامه وبباقي أفعاله المتلبس بها والمتجددة وظاهر الفتوى والنصوص الواردة في العبد عدم الفرق بين حج التمتع وغيره لأن عمرة التمتع مقدمة فيقع كلها ولكن الاحتياط والاقتصار على مورد اليقين يقضيان باختصاص الأجزاء في غيره لأن عمرة التمتع مقدمة فتقع كلها بنية الندب ومن البعيد أجراؤها مع جملة من أفعال الحج عن الحج الواجب وحينئذ فيأتي بعمرة مفردة في العام أو بعده وقيل يأتي بعمرة التمتع ويسقط الترتيب في حج التمتع وهو بعيد هنا إذا كان فرضه التمتع وما أتى به أيضاً كذلك وأما لو كان فرضه التمتع والمأتى به الأفراد أو كان فرضه الأفراد فكذلك في اللزم الإتيان بعمرة مفردة ويكون في الأول عادلاً عن فرضه إلى الأفراد ضرورة وأما لو كان فرضه الأفراد والذي أتى به التمتع فهل يبقى عليه ويجزي عنه الأفراد كمن عدل عن الأفراد إلى التمتع ضرورة أو يعدل بنيته إلى الأفراد أو ينقلب حجة مفردة قهراً أقواها أحد الأخيرين وعليه عمرة حينئذ وفي الأجزاء عن حج الإسلام في هذه المقامات نظر للأصل وعدم الداعي إلى العدول مخالفته الأصل لأن وجوب أداء حجة الإسلام في ذلك العام والحال هذه محل نظر في المقام .
ثالثها:الصبي غير المميز يحج به الأب والجد مع عدم المفسدة والوصي والحاكم مع المصلحة والأم على وجه ومثله الصبية وفي إلحاق المجنون بهما قول لا يخلو عن قوة فيحرم بهما الولي بمعنى أنه ينوي الإحرام عنهما فيفعل بهما ما يفعل المحرم ويكون الصبي محرم حينئذ لأنه يحرم عنهما بمعنى أنه يحرم وينوي بإحرامه عن إحرام الصبي على الأظهر ويلبي عنهما ويحضرهما المواقف وكلما أحسنه الصبي فعله هو وما لا يحسنه فعله عنه ويتولى النية الولي على كل حال ويجوز أن ينوب عن الولي غيره وفي الكل أو البعض مع أذن الولي له وعليه أن يحضره المطاف والمسعى والموقفين والجمار ويطوف به أن لم يقدر على المشي سواء كان طائفاً لنفسه أو لا وله أن يحمله على دابة يقودها أو يسوقها والأحوط لزوم الطهارة على الطائف به وأن لم يكن طائفاً لنفسه والأفضل أن يفعل به صورة الطهارة بل هو أولى بالأحتياط لأن الصبي هو الطائف وللأمر بغسله للأحرام في بعض الأخبار ويجزي طواف واحد عن الحامل والمحمول للإجماع المنقول والخبر المرآة تطوف بالصبي وتسعى به يجزي عنهما قال ومثله السعي ويصلي عن الصبي أن لم يمكنه الصلاة وألا حمله عليها ويذبح الهدي عنه من ماله لا من مال الصبي ومن لم يجد هدياً فليصم عنه وليه وعلى الولي الغرامة من نفقة زائدة على الحضر ومن فدية تلزم في العمد والخطأ أو تلزم في العمد فقط لو تعمدها الصبي في وجه تقدم وجهه ويرمى عنه الولي بيده أو يجعل يد الصبي آلة للرمي وأكثر هذه الأحكام بل كلها دلت عليه الأخبار منطوقاً ومفهوماً وكلام الأصحاب ولو أدرك المشعر بالغاً غير مميز أو عاقلاً وكانا مجنونان فالأقوى الاجتزاء بحجهما كما تقدم في المميز لعموم من أدرك المشعر فقد أدرك الحج وفي القول بعدم الأجتزاء به قوة لأن فعله كلا فعل فلا يجزي عن الواجب والمقطوع به عن الإجماع هو أجزاء فعل المميز دون غيره .