انوار الفقاهة-ج2-ص153
العشرون: لا يجب ذكر موضع التسليم في غير السلم من العقود الحالة أو المؤجلة كلياً كان المبيع أو عيناً للأصل ولخلو الأخبار عن ذكر هذا الشرط وتسالم الفقهاء على عدمه فعلى ذلك فيتبع حكم العرف فما حكم به العرف من التسليم في بلد العقد أو بلد أحد المتعاقدين من البائع والمشتري وبلد الحلول في المؤجل أو بلد المطالبة أو بلد أحد المتعاقدين مع موافقته لبلد العقد حكم الشارع بلزومه فيه لكونه من مقتضيات العقد حينئذٍ ولا جهالة في عدم ذكره للاكتفاء بدلالة اللفظ عليه وما لم يحكم العرف به لمانع يصرف انصراف اللفظ لما هو المعهود فالظاهر وجوب تأديته عند المطالبة كما هي القاعدة في الحقوق المخلوقية مع إن في احتمال لزوم ذكر الموضع لرفع الجهالة وبطلان البيع مع عدمه قوة ثم إن العرف مختلف فمنه ما يقضي بنقل البائع له إلى البيت كالماء مثلاً ومنه ما يقضي بطرحه في السوق ومنه ما يقضي بذهاب المشتري إليه ليأخذه وعلى كل حال فاللازم على البائع تسليمه للمشتري وقبضه بنفسه أو بوكيله وعدم الامتناع عليه ولا يلزم عليه نقله وتحمل مؤنة نقله ما لم يقض العرف بذلك هذا في غير السلم وأما فيه فيجب ذكر موضع المسلم فيه لأن الأين من الأوصاف الذاتية للمسلم فيه فيجب ذكره لاختلاف الرغبات والقيم باختلاف موضع التسليم ولحصول النزاع والشقاق في تعيينه ولابد من قطعهما في العقود اللازمة والظاهر إن هذا القائل يلتزم بذلك في كل كلي مؤجل كالنسيئة إن لم يلتزم في الحال أيضاً لوحدة المدرك واحتمال إن في السلم خصوصية لشدة الاعتناء بضبطه وعدم تطرق الغرر إليه بعيد وقيل بعدم لزوم ذكر الموضع للأصل ولمساة السلم لغيره ولارتفاع الغرر بالعرف والإجماع المنقول على عدم اللزوم ولعمومات الأدلة وخلو الأخبار الخاصة عن بيان حكمه مع بيان ما هو أقل احتياجاً وخيال أنه داخل فيما دل على لزوم بيان الوصف ظاهر المنع لظهور الوصف في النصوص والفتاوى فيما يعتري الذات من غير زمانها ومكانها إلا إذا أحدث المكان وصفاً فهناك يجب ذكره لمكان الوصف لا لكونه مكاناً وقيل إن كان في حمله مؤنة وجب ذكر موضع التسليم لأن الأغراض إنما تختلف لاختلاف المؤن وبدون ذلك لا يجب لاستواء أمكنة التسليم في نظرهما وقيل إن كان في برية أو بلد غربة يريدان مفارقته ولا يجتمعان فيه وجب ذكر الموضع لعدم إمكان التسليم ببلد العقد حينئذٍ وغيره متساوياً بالنسبة وإلى التسليم لعدم ما يقضي بترجيح واحد على الآخر والأغراض تختلف بالنسبة إليها فيقضي عدم البيان إلى حصول النزاع والشقاق وقيل إن كان لحمله مؤنة ولم يكن المحل صالحاً للتسليم اشترط ذكر الموضع وإلا فلا وجه يعلم مما تقدم ثم مع القول بعدم وجوب ذكر الموضوع قيل بانصرافه إلى بلد العقد وهو المشهور إن لم يكن مجمعاً عليه وقيل بانصرافه إلى بلد الحلول لأنه موضع حلول الدفع إلا أن ينعقد إجماع على الانصراف إلى بلد العقد أو تقوم قرينة على عدم إرادته وربما يقال بانصرافه إلى بلد المطالبة لأنه الذي لا يجوز تأخير الأداء عنه إلا مع قيام القرينة على عدم إرادته وقد يقال بانصرافه إلى بلد المتعاقدين إن كانا معاً من بلد واحد أو يقال بانصرافه إلى بلد العقد مع موافقته لبلد أحد المتعاقدين أو يقال بانصرافه إلى بلد المسلم إليه إذا منع مانع من انصرافه إلى بلد العقد واختلفا في البلد لأن مالك المال عليه اتباع ماله بانصرافه إلى بلد المسلم وللزوم تسليم المال إلى أهله والحق أن العرف إن قضى أو العقد انصرف إلى موضع خاص كفى عن بيانه واشتراطه وإلا فإن لم تختلف الأغراض باختلافه ولا تتفاوت القيم بتفاوته ولا مؤنة لحمله وكان موجوداً بكل مكان لم يلزم على المتعاقدين ذكر المكان وإلا لزم عليهم البيان.