انوار الفقاهة-ج2-ص147
تاسعها: لابد من صراحة الأجل من الجهالة لمكان الغرر ولأن للأجل قسط من الثمن وللإجماع وللأخبار الخاصة المقيدة للأجل بالمعلومية فلا يجوز السلم إلى وقت مجهول عند المتعاقدين كظهور الصاحب (() وقدوم الحاج وإدراك الغلة وإلى حصاد ودياس ويكفي هلال الشهر وآخره وإن احتمل زيادته ونقصه بالهلال لانضباطه عرفاً والتسامح به عادة ويجوز التأقيت بشهور الفرس والروم وبيوم النيروز والمهرجان وفصح النصارى وفطر اليهود مع معرفة المتعاقدين بتلك الاصطلاحات ولو ذكر الأجل بلفظ مشترك لفظي بين زمانين مـتأخر ومتقدم كربيع وجمادى أو بين فصلين في زمان متقدم ومتأخر أو مشترك معنوي كذلك كالجمعة والسبت ورجب وشعبان ونفر الحاج فإن عين أحد الأفراد وذكر ما عين فلا كلام وإن نسيه جاء احتمال القرعة والأخذ بالأزيد للاستصحاب وبالأقل للأصل وإن لم يعين جاء احتمال البطلان واحتمال الصحة لأن الحمل عليها مهما أمكن أولى فليحمل على أول جزء من أول معاني المشترك لأن الحكم عليه بإرادة معين لم يبينه مناف للحكم بالصحة وإرادة معين بعينه ترجيح بلا مرجح وبإرادة المبهم لا محصل له وبإرادة كل من المعنيين لا وجه لها فليس إلا أنه أراد المفهوم الكلي وهو المسمى في المشترك اللفظي والطبيعة في المشترك المعنوي والمفهوم الكلي يحصل بحصول جزء منه فيكون هو الأجل وقد يقال بالصحة والحمل على أول شهر لا لما ذكرنا بل الحكم العرف بالانصراف إليه لظهوره في مثل هذا المقام وأقربيته من المعنى الأخير وهو حسن لأن انصراف الإطلاق إليه في الآجال مما لا ينكر سيما في المشترك المعنوي في الأشهر والأيام والأسبوع وقد يفرق بين تعريف أيام الأسبوع فينصرف إلى الأول وتكون اللام فيه عهدية وبين تنكيره فيبطل للجهالة وهو قريب لفهم أهل العرف وعلى كل حال فالأجل المعلق إلى يوم أو شهر أو غداً ونجو ذلك يحل بحصول أوله لأن المفهوم عرفاً ولأن المتيقن من إنتهاء تأخير التسليم الإنتهاء إلى أول جزء منه ولو قصد إن محل التأدية جميع اليوم أو الشهر أو قال ومحله يوم الجمعة أو رمضان احتمل البطلان للجهالة واحتمل الصحة وتكون جميع المدة ظرفاً للأداء فيتخير البائع في أجزائها في التأدية ويجب القبول منه متى أدى وحتملت الصحة وتكون الغاية هي الآخر ويلجق توسعة ما قبل الآخر بما قبل المدة ولو صرح بالأول والآخر من يوم أو شهر احتمل البطلان لجهالة الأول والآخر واحتملت الصحة وانصرافه إلى الأول والآخر العرفيين فتكون مدتهما ظرفاً للأداء مخيراً فيها ولو علق الأجل بوسط الشهر احتمل البطلان لجهالة الوسط لعدم العلم بإنتهائه في التاسع والعشرين أو الثلاثين واحتملت الصحة بالحمل على اليوم الخامس عشر أو الوسط العرفي وعليهما يكون جميع الوسط أظرافاً للأداء أو يتعين بأول الوسط أو يتعين بوسط الوسط الحقيقي وجوه أوجهها الوسط وتحمل السنون والأشهر في باب الآجال على الهلالية فتعتبر الأهلة ما لم يكن فيها منكسر كأن وقع العقد في خلال الشهر صار وقوعه قرينة على عدم إرادة الهلالي لأن الظاهر دخول الكسر واتصاله بالعقد فلا يمكن كونه هلالياً وهل يتم هذا المنكسر شهراً عددي أو يتم شهراً هلالي كأن يكمل أيامه بعد انتهائه بقدر ما فات منه من الهلال إلى حين العقد وجهان والأوجه الأول ولو علق الأجل إلى ثلاثة أشهر وكان الأول منكسراً أكمل الأول من الرابع عددياً لا هلالياً واحتسب الباقية هلالية واحتمل إنكسار الجميع واحتسابها عددية أو هلالية بعيد لعدم الاحتياج إليه ويصدق مضي ثلاثة أشهر حينئذٍ وصدق مضي شهرين ونصف لو مضى شهران هلاليان ونصف عددي فلا يفتقر إلا تكملته شهر عددي واليوم المنكسر من يوم آخر بعد تمام العدة ولم يسقط احتسابه مطلقاً كما لا يجوز احتسابه بيوم تام مطلقاً قليلاً كان الكسر أو كثيراً مع احتمال احتسابه يوماً تاماً مع قلة الكسر وسقوطه مع كثرته وتلفيقه مع توسطه والذي يفهمه أهل العرف في الأيام المنكسرة هو الأول فكأنه صار مجازاً مشهوراً في أمثال هذه المقامات فيقدم على إرادة الحقيقة ولو قال إلى شهر فإن قارن الهلال كان الأجل آخره وإلا فالأجل إلى ثلثين يوماً ولو عين الشهر كرجب ومثله فالأجل أوله ولو بقى منه يوماً فإن قارن التأجيل أوله كان قرينة على إرادة آخره حملاً للعقد على الصحة مهما أمكن واحتمال الصحة وسقوط الأجل فيكون ذكره لغواً بعيد والعمدة في الحكم بذلك فهم العرف ولأن المبهم لو أريد به أوله لخلا الأجل عن الفائدة لتحقق أوله بعد تمام العقد فلو أريد به كل هلال يقع بعد العقد لنفاه أهل العرف لأنهم يفهمون إرادة تمام العدة وإلا لعدلوا إلى المعين فلا احتياج إلى تعليل ذلك بأن المعنى في المبهم المدة وهو لا يصدق إلا بالمجموع وفي المعين مسماه وهو يحصل بأول جزء منه ولا إلى أن الغاية في المعين مفصولة بمفصل محسوس فتخرج وفي المبهم غير مفصولة فتدخل لإمكان توجه النظر إلى ذلك كله وأعلم أن لفظ اليوم حقيقة في التام واستعماله في الملفق مجاز مشهور تقضي به قرائن الأحوال ومع جمعه يكون من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه إن سوغناه أو من باب عموم المجاز كما إن الشهر حقيقة في الهلالي دون العددي أو مشترك لفظي أظهر فردية الهلالي أو معنوي وهو عدة من أيام لا يتأخر عنها الهلال تحقيقاً كالهلال أو تقديراً كالعددي وأظهر فرديه الهلالي أيضاً ولكن قرائن الأحوال تصرفه إلى العددي أو إلى المعنى العام لهما كما إذا جمع أو ثنى وقد يظهر من العرف فيمن نذر صوم شهراً أو استأجر على عمل شهراً أو نذر صوم سنة أو استأجر على عمل سنة إرادة العددي دون الهلالي وكأنه لغلبة الإنكسار وإرادة العمل في المنكسر يكون ذلك.