انوار الفقاهة-ج2-ص145
رابعها: يشترط في ثمن السلم قبضه في المجلس للإجماع بقسميه والظاهر أنه شرط للصحة كما يلوح من عباراتهم لأنه كاشف عنها عند حصوله ولا إن التفرق فاسخ للعقد من حينه أو من أصله بعد حصوله ولا أنه شرط في اللزوم ولا أنه واجب شرعي كما ذكروا في الصرف لعدم دليل عليه ولا يحتاج في المقبوض سابقاً تجديد نية القبض مع الإذن فيه وإن كان الأحوط تجديد النية والمقبوض بلا إذن سابقاً لا يجزي إلا مع الإذن اللاحقة والمال المودع والمعار بمنزلة المقبوض مع الإذن وإن كان في البيت ولا يحتاج إلى إمساكه باليد جديداً وتكفي التخلية فيما لا يمكن نقله وقبضه باليد كالعقار والحقوق ومنافع العين المستأجرة ولا يتوقف على استيفائها ولو قبض بعضاً فقط صح السلم فيه وبطل في الباقي وكان للمسلم الخيار فيما قبض لتبعض الصفقة إلا إذا كان التبعض بتنزيله ويجوز كون ثمن السلم كلياً كما يجوز أن يكون عيناً شخصية ولكن يجب دفع فردها قبل التفرق ويجوز تعيين الفرد في عين شخصه ويجوز تعيينها في دين على المسلم إليه فينوي قبضه عن الكلي ولا يقع التهاتر مع اتحاد الجنس كما قيل لعدم اشتغال ذمة المسلم بشيء للمسلم إليه على الأقوى والأظهر ويجوز تعيينه في دين للمسلم على أجنبي فينوي الغريم قبضه عن المسلم إليه مع رضائه بذلك ولا يجب على المدين إفرازه ثم قبضه عن المسلم إليه في المجلس لأن ما في الذمة بمنزلة المقبوض وكذا لا يجب على المسلم إليه قبضه في المجلس بل لو رضى به صار ثمناً وإن كان الأحوط قبضه في المجلس لأن تشخيص الكلي في غير العين من الدين سيما فيما ليس في ذمة المسلم إليه محل نظر وتأمل على أنه لا يخلو من شبهة بيع الدين بالدين لتشخص الكلي بالدين وإنصابه عليه فيكون منه إلا أن تعلق العقد بالكلي أولاً وبالذات ثم احتساب الدين فرده بمنزلة الاستيفاء به لا معاوضة جديدة عليه ومما ذكرنا يظهر إن المسلم لم أحال المسلم إليه كلي الثمن حين العقد والتفرق فاسخ له من حينه فهناك الحوالة تكون بمنزلة القبض لو قلنا الحوالة من البري تفيد النقل والانتقال وكلاهما لا نقول به ولو أحال المسلم إليه على المسلم غريماً له في المجلس احتملت الصحة على القول بصحة الحوالة على البري وإنها بمنزلة الضمان والحكم بالفساد مطلقاً أوجه وهل يجوز جعل الثمن ديناً له في ذمة البائع لعموم الأدلة ولأن ما في ذمته بمنزلة المقبوض ولأن دليل شرطية القبض قبل التفرق هو الإجماع والمتيقن من إنعقاده على الأعيان فيدخل غيره في عموم دليل الصحة وللخبر في رجل كان له على رجل دراهم فعرض عليه أن يبيعه بها طعاماً إلى أجل مسمى فقال: (لا بأس بذلك) وفي ذيله ما يدل على النهي عنه إلا أنه بحسب سياقه ظاهر في التقية وللآخر سألته عن السلم في الدين قال: (إذا قال اشتريت منك كذا وكذا فلا بأس) أو لا يجوز لعموم النهي عن بيع الدين بالدين المنجبر بفتوى المشهور بل الاتفاق ظاهراً على ما قيل والدين عام للحال والمؤجل فيشمل ثمن المسلم لو كان ديناً حالاً أو مؤجلاً وعام لما كان قبل العقد ولما يكون بعده مجازاً مشهوراً أو حقيقة عرفية وفي الخبر عن الرجل يكون عليه طعاماً أو غنماً أو بقراً فأتى الطالب المطلوب يبتاع منه شيئاً قال: (لا يبيعه نسيئة وأما نقداً فليبعه بما شاء) إشعار بالمنع أيضاً والأخير أحوط إن لم يكن أظهر ولا بأس بالسلم في كلي واشتراط أدائه من الدين لعدم دخوله في بيع الدين بالدين قطعاً.
خامسها: يشترط في المسلم فيه أن يكون كلياً فلا يصح السلم في العين للإجماع ظاهراً من فتاوى الفقهاء ولأنه موضوع لفظ السلم لغة وشرعاً والمنقول عن السلف كما قيل والذي شهدت به السيرة ويلحق بالعين الدين الذي يراد تأجيله فيبيعه مؤجلاً على شخص بثمن حال ولو أسلم في دين أو عين فإن قصد البيع المطلق صح وإن قصد خصوص السلم فالأوجه البطلان.
سادسها: يشترط في ثمن السلم أن يكون معلوماً بالنوع والوصف والقدر بالكيل والوزن والعد والذرع إن كان مقدراً بأحد هذه ولا تكفي المشاهدة في المقدر مطلقاً لتنقيح المناط بين السلم وغيره من أنواع البيوع ولعموم أدلة النهي عن الغرر ولظاهر الاتفاق وللصحيح عن أبي عبد الله (() (إن أباه لم يكن يرى بأساً في السلم في الحيوان شيء معلوم إلى أجل معلوم) وخالف المرتضى (() في ذلك وهو ضعيف بما ذكرناه وفي إيضاح النافع إن قوله متروك وخالف جمع في المذروع فاكتفوا فيه بالمشاهدة لإندفاع الغرر بها وهو ضعيف لمنع إندفاع الغرر والجهالة عرفاً بذلك ولأنه عقد لا يؤمن انفساخه أو تبعض الصفقة فيه والتنازع فيه فلزم معرفة قدره لرفع الاختلاف والتشاجر.