پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج2-ص144

ثانيها: كلما لا ينضبط وصفه لا يصح السلم فيه لظاهر الاتفاق ولعموم النهي عن الغرر ولإشعار جملة من الأخبار الخاصة به ومرجع ذلك إلى العرف وهو المحكم فيما لم يجعل له الشارع ضابطاً فمن ناقش فيما لا ينضبط وأشكل عليه معرفته والفرق بينه وبين ما ينضبط وجعل الأصل في المشكوك فيه الجواز إلا ما علم عدم إمكان وصفه أصلاً لو جاء الدليل بمنعه رددناه بأن ذلك تشكيك في مقابلة العيان لحكم العرف بالفرق بينها بالوجدان ودعوى إن الأصل في المشكوك فيه الجواز مردود بأنه شك في حصول الشرط لا في طرو المانع والأصل عدم حصول الشرط والمشروط عدم عند عدم شرطه والتمسك بعموم أدلة الجواز إلا فيما يقطع بجهالته منقوض بالتمسك باشتراط المعلومية فلابد من إحرازه ومما لا يضبطه الوصف فلا يصح السلم فيه اللحم والخبز ونقل عليهما الإجماع وفي الخبر النهي عن السلف في اللحم معللاً فيه إنه يعطيك مرة السمين ومرة التاوي ومرة المهزول واشترى يداً بيد والتعليل بذلك ظاهر في أن المنع سببه إن دفع الموصوف غير ممكن لعدم انضباط الوصف فيه لا مجرد عدم وفاء البائع بما باع وفي الخبر دلالة على مساواة الكلي الحال للمؤجل في المنع وكذا لا يجوز في السلم في روايا الماء لعدم انضباط الراوية مع الإطلاق وعدم الوجود مع تقييدها برواية معينة وفي الخبر النهي عن ذلك معللاً بأنه يعطيك مرة ناقصة ومرة كاملة ولكن اشتر معاينة وهو أسلم لك ويمكن منع عدم الانضباط وحمل الرواية على الاستحباب وكذا السلم في النخل قبل أن يطلع لعدم انضباطه وللخبرين في أحدهما (لا يصلح) وفي الآخر (لا يصلح) وكذا السلم في الجواهر واللئالئ الكبار لعدم إمكان ضبطها لو أريد ضبطها والأول إلى غرة الوجود بخلاف الصغار الموزونة المطلوبة للتداوي وكذا لا يجوز السلم في الجلود على ظهر الدابة لعدم انضباط وصفه من خفة ونعومة وقوة وأضدادها ومع مشاهدتها تخرج عن وصف السلم على أن مشاهدتها على ظهر الدابة لا ترفع جهالة ومع مشاهدة جملة منها يشتمل على المسلم فيه قيل بالجواز والأظهر المنع أيضاً لعدم ارتفاع الجهالة وعموم الوجود المشترط في السلم كما هو المشهور وذهب الشيخ (() إلى جواز السلم في الجلود مع المشاهدة وفيه ما قدمنا واستند إلى الخبرين في أحدهما رجل يشتري الجلود من القصاب فيعطيه كل يوم شيئاً معلوماً قال: (لا بأس)وفيه مع ضعف السند وعدم الدلالة على جواز السلم وعلى شراء الكلي مطلقاً وعدم الدلالة على كونها على الظهر فلعله اشترى معيناً على الظهر مطروحاً ثم دفع إليه كل يوم شيئاً معيناً وفي الثاني أني رجل قصاب أبيع الجلود قبل أن أذبح الغنم قال: (ليس به بأس ولكن انسبها غنم أرض كذا وكذا) وفيه ضعف السند وعدم الدلالة على خصوص السلم والإعتذار عن الشيخ بالحمل على مشاهدة جملة يدخل فيها المبيع فيه ما قدمناه والظاهر أنه لا فرق في الحد بين أن يسلم ما على الظهر منه وبين المسلوخ للغرر وللإطلاق ولا يصح السلم في النبال المعمولة والسرير المعمول وأكثر الثياب المخيطة وأكثر الأدوية المركبة والدور المبنية والصفر والحديد المعمول إنائاً وسلاحاً لتعسر ضبطها ووصفها وكذا جملة من الأراضي المقصودة للزراعة ويجوز في جملة أخرى مع انضباط وصفها كما يصح إجارتها وكذا الأواني والثياب والميزان الوصف وينضبط وصف الجيد والرديء ولا ينضبط وصف الأجود والأردئ مع إرادة الفرد المتناهي للزوم ندرة الوجود لو أمكن ضبطه ولو أريد بالأجود والأردأ المعنى الإضافي كان كالجيد والرديء ولو أريد به المعنى الإضافي الحقيقي عاد مجهولاً لعدم انحصاره وما يتخيل من صحة الأردأ حقيقية لأنه إن دفعه حصل المطلوب وإلا كفى دفع الأعلى منه ويجب القبول مردود بأن الكلام في صحته ابتداءاً إلا في كفاية دفع الأعلى عنه بعد صحته وأحدهما غير الآخر وكلما ينضبط وصفه عرفاً يجوز السلم فيه وهو أكثر الأشياء من حبوب وفواكه وأدهان وحيوان ونبات وثمر وخلول وأدباس لعموم الأدلة وخصوصها نعم يشترط في كل نوع ذكر أوصاف صنفه الخاص التي تختلف بها القيم والرغبات كما يذكر في العبد الأنوثة والذكورة والنوع واللون والسن والقدر كالطول والقصر والربع ولا يصح تقديره بالأشبار لأوله إلى غرة الوجود إلا على وجه التقريبية والبكارة والثيبوبة وكونها حاملاً وحائلاً والكحل والزعج والزجج وتكلة الوجه والضعف والغلظة ونعومة الملمس وثقل الردف وطول الشعر وأضدادها وهذه قد يلزم ذكرها وقد يكون أولى ويذكر في الإبل السن والذكورة والأنوثة واللون والصنف كالعرابي والبخاتي والنتاج إذا كان معروفاً عام الوجود والأرض الساكنة فيها ونحو ذلك ويذكر في الخيل الذكورة والأنوثة والسن والنوع والعربي والتركي والنتاج والنسب إلى صنف معلوم وهكذا ويذكر في البقر والبغل والحمير النوع والذكورة والأنوثة والسن واللون والنسبة إلى أرض مخصوصة أو نتاج مخصوص إن كان ويذكر في الطير النوع وكبر الجثة وصغرها ويذكر في السمن والجبن وما ماثلها النوع والجدد والعتق واللون والصفاء وغيرها ويذكر في الصوف والشعر النوع والزمان والطول والقصر والنعومة والخشونة والذكورة والأنوثة إن كان لها مدخلية ويذكر في الثياب النوع والبلد والعرض والصفاء والغلظ والخشونة والنعومة وكونه مقصوراً أم لا وذكر البلد القصارة مع الاختلاف ومع تعدد الألوان والصبغ لابد من ذكر اللون وما يصبغ به وعدد خيوط سداه لو افتقر في بعض الأجناس لذلك ويذكر في الحرير والكتان البلد واللون والنعومة والخشونة والغلظ والدقة والضعف ويذكر في دود القز اللون والطراوة واليبس والبلد ويذكر في الغزل الغلظ والدقة والقوة والضعف وشدة اللفت وعدمه والنعومة وشبهها والزمان إذا افتقر إليه ويذكر في الحنطة والشعير وما شابههما البلد والحداثة والعتق واللون والكبر والصغر والطراوة ونحو ذلك ويذكر في التمر البلد والنوع واللون والكبر والصغر والحداثة والعتق والطعم وكذا في الزبيب ويذكر في الفواكه البلد والنوع والطراوة والطعم والرائحة فيما له ذلك ويذكر في الجوز الكبر والصغر والحداثة والعتق والبلد والصنف وكذا اللوز وللمسلم إليه منزوع القشر الأعلى منهما ويذكر في العصير البلد والنوع والحداثة والعتق واللون والصفاء والقوام ويجب كونه قد ذهب ثلثاه ويذكر في الدبس البلد واللون والقوام وما ذهب منه ونحو ذلك ويذكر في العسل البلد والزمان واللون ويحمل الإطلاق على المصفى ويذكر في الحطب والخشب النوع واليبس والرطوبة والغلظة والدقة في الحطب شدة النار وفي الخشب السماحة والطول والثخن والقوة وأضدادها ويذكر في الآجر والحجر اللين والنوع والقدر والسمك والثقل والخفة والبلد والنشاط وطريقة الفخر في الحجر واللون ويذكر في الآنية النوع والشكل والقدر والطول والسمك والسعة وكونه مضروباً ومصبوباً ويذكر في القرطاس السمك واللون والسعة وعدم انتشار المداد فيه إلى غير ذلك مما لم يذكر وإنما ذكرنا ذلك تنبيهاً على طريقة الوصف وإلا فقد لا يحتاج إلى جملة مما ذكرنا وقد يحتاج إليها وقد يكون في بعض الأزمنة ذكرها مفسداً والظاهر إن هذه الأمور لا تخص السلم بل تعمه وكل كلي مؤجل لمكان زيادة الغرر بالتأخير بل تعم كل كلي ولو حالاً لعدم المشاهدة فيه الرافعة للغرر إلا إن ظاهر الفقهاء إن الكلي الحال يتسامح فيه ما لا يتسامح في السلم ويثبت الوصف بشهادة عدلين بل العدل الواحد على الأظهر ومع تعذر ذلك فالرجوع إلى أهل الخبرة مع الأمانة وكذا يرجع في السلم إلى العدول فإن لم يكن فإلى ظن أهل الخبرة وإلا صدق سيده فيما يدعيه أو أخذ بقول العبد إذا كان مأموناً ومنهم من قدم قول العبد على ظن أهل الخبرة وعلى قول السيد وقول السيد على ظن أهل الخبرة ولا يخلو من وجه والأظهر ما قدمناه وينبغي مما ذكرناه من الضابطة المتقدمة صحة السلم في الجوز عداً مع ذكر الأوصاف المحتاج إليها في ارتفاع الغرر ولا حاجة إلى ضبطها بالوزن كما نقل عن الشيخ (() ويصح السلم في جوز القز مع ضبطه لعموم الأدلة من غير معارض سوى ما نقل عن الشيخ (() من منعه لاشتماله على دود إن بقي حياً أفسده وإن مات فيه كان ميتة وهو غير صالح للمنع لأن المقصود بالبيع قابل للسلم والدود غير مقصود كالنوى فإن مات لا ضرر فيه وإن أفسد ضمن فساده البائع إن كان قبل القبض ويصح السلم في شاة معها ولدها وفي جارية حامل لعموم الأدلة من دون معارض خلافاً للشيخ(()فمنع الأول لغرة الوجود والثاني للجهالة وهو ضعيف لمنع الغرة في الأول واغتفار الجهالة في الثاني لأنه من التوابع ويجوز السلم في جارية حسناء مع ولدها ومنعه العلامة (() لغرة الوجود وهو حسن ويجوز في شاة لبون بمعنى أنها من شأنها أن تحلب الحلب المعتاد.

ثالثها: يشترط في ثمن السلم الحلول فلا يجوز تأجيله لأنه من بيع الكالي بالكالي ولو أجل بعضاً دون بعض صح فيما لم يؤجله وبطل في المؤجل مع احتمال بطلان أصل العقد لمكان الجهالة وإنه عقد واحد ويجوز إسلاف الأعراض في الأعراض مطلقاً ما لم يكونا ربويين متحدين في الجنس فلا يجوز إجماعاً لأن الشي من الربا ومع اختلاف الجنس لا بأس به لعموم الأدلة وخصوص الخبر لا بأس بالسلف ما يوزن فيما يكال وما يكال فيما يوزن خلافاً لابن الجنيد (() فمنع إسلاف العرض في العرض إذا كانا مقدرين وهو ضعيف شاذ وفي الصحيح من إسلاف الزيت في السمن فقال: (لا يصلح) والآخر فيه (لا ينبغي) لا يعارضان ما قدمنا على أنهما أخص من المدعي ولفظهما ظاهر في الكراهة ويجوز إسلاف الأثمان بالعرض وهو المتعارف والمعتاد ولا يجوز إسلاف الأثمان بالأثمان ولو حصل القبض في المجلس للإجماع على الظاهر ولظاهر الأخبار في بيع الصرف أنه يداً بيد الشامل للحلول والقبض في المجلس فما ورد من الأخبار المجوزة للدنانير بالدراهم نسيئة والنافية للبأس عن ذلك مطرحة أو محمولة على التقية ويجوز إسلاف المنافع بالأعيان وكذا الحقوق والأعمال إلا أنه يلزم دفع العين المشتملة على المنفعة في المجلس كما سيجيء إن شاء الله تعالى وكذا يلزم تأدية العمل في المجلس وكذا توفية الحق وتفويضه إليه لعدم إمكان قبضه.