انوار الفقاهة-ج2-ص134
خامس عشرها: يحرم وطء الأمة الحامل من غيره بما يسمى وطأً مع الإنزال وبإدخال الحشفة مع عدمه ولكن على إشكال لانصراف الوطء غالباً للموجب للغسل كما إن الإنزال من غير إدخال لا يخلو من هذه إذا كان الوطء قبل مضي أربعة أشهر من حال الحمل إما هلالية تامة إن وقع الحمل في مبدئها وإما هلاليين تامين وهلالي منكسر أو هلاليين تامين وعددي منكسر أو الكل عددية إن انعقد الحمل في أثناء الشهر ويلفق اليوم المنكسر من اليوم الآخر أو يسقط احتسابه يوماً تاماً أو يفرق بين قلة الانكسار فالثاني وكثرته فالأوجه وجوه أوجهها الوسط في الانكسار الأول والأول في الأخير والدليل على ذلك الإجماع المحكي والأخبار العامة الشاملة لما دون الأربعة ولما فوق الأربعة المستفيضة القريبة من التواتر بل ربما أدعي تواترها المعتضدة بالاحتياط في الفروج وبكونه من الباطل إذا اعتبر ميزان الحق والباطل وبتأديته لاختلاط الأنساب لأن التغذي بالنطفة له مدخلية بالنسب كما يومي إلى ذلك الأخبار من الأمر بعزل نصيب الميراث والأمر بعتقه والنهي عن بيعه وبتأديته إلى ذهاب حق صاحب الحمل لاشتغال الرحم بحقه في تلك المدة وبالاستصحاب للحرمة السابقة وبفتوى المشهور نقلاً بل تحصيلاً فمن الأخبار الصحيح في الأمة الحبلى يشتريها الرجل فقال: (أحلتها آية وحرمتها آية أما أنا أنهى عنها نفسي وولدي) والنهي حقيقة في التحريم وتخصيصه نفسه وولده إنما كان لنفسه لا الكراهة لأن الترجيح في جانب الحرمة قطعاً والآخر الرجل يشتري الجارية وهي حامل ما يحل منها قال: (ما دون الفرج) والثالث يشتريها وهي حبلى أيطأها قال: (لا) والرابع في الجارية الحبلى يشتريها الرجل فيصيب منها دون الفرج قال: (لا بأس) قلت فيصيب منها في ذلك قال: (يريد تضره) والخامس (عشرة لا يحل نكاحهن) وعد منهن (أمتك وهي حبلى من غيرك) والسادس فيمن اشترى حبلى فوطأها قال: (بئس ما صنع) إلى غير ذلك من الأخبار الدالة بإطلاقها على المنع مطلقاً فيدخل فيها ما دون الأربعة قطعاً ولخصوص الصحيح وإن كانت حبلى فما لي قال: (لك ما دون الفرج إلى أن تبلغ في حبلها أربعة أشهر وعشرة أيام) ومن خصوص هذا الصحيح يتجه القول بالحرمة إلى مذة عشرة أيام زيادة على الأربعة أشهر أيضاً وتدخل الليالي المتوسطة فيها وتخرج الأخيرة والمنكسر يلفق على ما هو أظهر ويحتمل اسقاطه ويحتمل احتسابه يوماً تاماً وكذا يتجه القول بحرمة الوطء قبلاً ودبراً لإطلاق لفظ الفرج عليهما وإطلاق لفظ الوطء على وطئه إلا أن ظاهر المشهور وأصالة البراءة وظهور القبل من إطلاق لفظ الوطء والفرج وإشعار علة المنع من خوف اختلاط الأنساب وتضييع حق صاحب الحمل مما يوجب اختصاص الحكم بالقبل فالقول باختصاصه به أقوى وإن كان الأول أحوط كما إنه يتجه الحكم بالتحريم مطلقاً إلى حين الوضع ولو كان توماً إلى حين وضعها أخذاً بإطلاق تلك الأخبار وشمولها جميع الأزمنة إلى حين الوضع المنجبرة بالكتاب والاحتياط والاعتبار وخصوص الأخبار المصرحة بالحرمة إلى حين الوضع كالصحيح في الوليدة يشتريها الرجل وهي حبلى قال: (لا يقربها حتى تضع ولدها) والأحوط نهي عن وطء الحبالى حتى يضعن وليس للصحيح قابلية لتقييد أدلة التحريم لأن الحمع فرع المقاومة (وح) فالقول بالجواز مطلقاً ضعيف والاستناد إلى الإجماع المنقول على الجواز معارض بإجماع آخر مرهون بمصير الأكثر إلى خلافه وإلى الآية الدالة على جواز نكاح ملك اليمين وهي كثيرة وهي معارض بما هو أقوى منها وهي آية أولي الأرحام لكون الأولى بمنزلة القاعدة الدالة على جواز تصرف الإنسان بماله بخلاف الثانية فإنها بمنزلة حكم جديد وإلى الخبر ما أحب للرجل المسلم أن يأتي الجارية حبلى قد حبلت من غيره حتى يأتيه فيخبره وهو معارض بما هو أقوى منه ومع ذلك فهو ضعيف سنداً ودلالة وكذا القول بالتحريم فيه إلى أربعة أشهر وعشر أو الكراهة فيما فوقه إلى حين الوضع استناداً في التحريم إلى ما دل عليه عموماً وخصوصاً كما ذكرناه وفي الجواز إلى الأصول والعمومات المجوزة والروايات المتقدمة المقيدة لعمومات المنع بالأربعة أشهر وعشراً فما دونها وإلى التخلص من شبهة التحريم نصاً وفتوى وذلك لعدم قابلية الصحيح لتقييد تلك الأدلة ولظهور التقية حيث أن في آخره أن المنع من الوطء إلى الرضاع من أفعال اليهود ولعدم ذكر التقييد بالأربعة أشهر وعشر في رواية الكافي ولأن ظهور الحمل إنما يحصل غالباً بالأربعة أشهر فيكون في الحقيقة معارضاً لروايات المنع لا مقيداً لها وكذا القول بالتحريم إلى حين الوضع في الحلال ولو شبهة أو كان مجهولاً والجواز لو كان الحمل منها زنا مع الكراهة وبدونها أو القول بإلحاق المجهول بالزنا أو القول بالتحريم إلى الوضع في غير الزنا وبالتحريم إلى الأشهر في الزنا أو القول بالتحريم إلى الأشهر في الحلال والجواز مطلقاً في الزنا كل ذلك للجمع بين الأخبار مهما أمكن ولما دل على أن الزنا لا حرمة لمائه وإن الشارع قد ألغي اعتباره في العقد والاستبراء ووجه ضعفه أن الأخبار على كثرتها خالية عن التعرض للزنا والتفصيل بينه وبين غيره مع إن المقام مقام البيان لكثرة وقوع الزنا في الجواري وأما ما دل على أن الزنا لا حرمة لمائه غير صالح لتقييد الأدلة المتقدمة لضعفه وقوتها وإن الحكم بعدم العدة لماء الزنا قد يناقش فيه وإن كان مشهوراً بين الفقهاء ولورود عدة من الأخبار بالاعتداد عموماً لقوله ((): (العدة من الماء) وقوله (() (إذا أدخله وجب العدة) وبعضها خصوصاً ففي رواية (حتى يستبرئها من نطفة غيره) وفي آخر (إذا هو اجتنبها حتى تقضي عدتها باستبراء رحمها من ماء الفجور) والظاهر إن النزاع مختص بما كان الحمل سابقاً على الملك وأما لو كان لاحقاً فإن كان عن حلال فالظاهر تحريمه مطلقاً لكتاب غير معارض وما قدمنا خاص بالمتقدم على الملك ولأن الحرام لا يحرم الحلال وإن كان مجهولاً ففي تحريمه لحمل فعل المسلم على الصحة ولإطلاق الآية بأولات الأحمال وعدم تحريمه للأصل وإطلاق الآيات الدالة على جواز التصرف بالملك مطلقاً وجهان والأول أظهر وأحوط ولو وطء الحامل على الجواز أو فعل حراماً استحب له العزل عنها لفتوى المشهور وإشعار الأخبار وأوجبه بعضهم قبل مضي أربعة أشهر مدعياً عليه الإجماع وهو أحوط وإن لم يعزل كره له بيع ولدها لتشبثه بالحرية وعلقة البنوة كما تشعر به الأخبار وحرمه بعضهم حيث يكون الوطء قبل أربعة أشهر ونقل فيه الإجماع وبعضهم أضاف العشرة أيام وحرمه بعضهم مطلقاً ويستحب أن يعزل له من ميراثه قسطاً أوجبه بعضهم فيما كان الوطء قبل أربعة أشهر ناقلاً عليه الإجماع وبعضهم ذلك مع زيادة العشرة أيام وليسي للقسط حد في النص والفتوى نعم فيها ما يدل على كثرته في الجملة لأن في بعضها اعتبار الوصية بما يعيش به والأولى جعله نصيب ولد وأوجب بعضهم عتقه فيما لو كان الوطء متقدماً على الأربعة أشهر وعشرة أيام مدعياً عليه الإجماع ولولا شهرة القول بالندب فيما ذكرناه شهرة محصلة ومنقولة الإجماع والأصول والقواعد القاضية بالجواز لكان القول بالوجوب متجهاً للأمر بعدم بيع الولد وعتقه وجعل شيء له من ماله وفي الأخبار ومنقول الإجماع قيل ويستحب للواطئ وأرحامه الإنفاق عليه والقبام بحقوقه ومعاملة الواطئ معاملة الأب وأولاده معاملة الأخوة لهم ولو شك في الإنزال والعزل انتفت الأحكام من الأصل والقسط يخرج من الثلث بعد المنجزات والحقوق والواجبات ولو تأخر على إشكال.