انوار الفقاهة-ج2-ص129
تاسعها: العبد بجميع أصنافه لا يملك مطلقاً عيناً أو منفعة مستقراً أو متزلزلاً إلا لفاضل ضريبته وارش جنايته أو ما ملكه مولاه أو كان وقفاً عليه حال الحرية قبل الاسترقاق أو ما جعل له من صدقة أو نذر أو زكاة أو غير ذلك كل ذلك للشهرة المحصلة والمنقولة وللإجماع المنقول على لسان الفحول صريحاً أو ضمناً كمذهب الامامية ومذهب أصحابنا أو عندنا وللأصل بمعنى الاستصحاب وبمعنى أصالة العدم ولأنه ليس إلا كسائر المملوكات من الحيوانات فيفتقر ملكه إلى دليل وما دل على ثبوت الأملاك للمالكين منصرف إلى الأحرار ولعدم معقولية ملك المملوك بعد أن تكون ذاته وصفاته ومن جملتها سلطانه مملوكاً لغيره ولانتفاء لوازم الملكية عنه فينتفي ملزومها كجواز أخذ السيد ما في يده قهراً بالإجماع محصلاً ومنقولاً ومنعه من التصرف فيه من غير إذن السيد إجماعاً والناس مسلطون على أموالهم وعدم بقاء ما في يده له مع بيعه واعتاقه إجماعاً وعدم ضمانه لمتلفاته بماله إلا بعد عتقه وتعلق جناياته برقبته أو بكسبه وعدم استحقاقه للإرث إلا بعد عتقه وعدم جواز الوصية والوقف عليه وجواز تصرف المولى بأمواله ولا يحل مال امرء مسلم إلا بطيب نفسه ولتعلق أحكام به يستفاد من مجموعها عدم الملك فتكون كالخاصة المركبة كعدم مشروعية الزكاة في ماله مع مشروعيتها في مال الطفل وعدم تعلق الزكاة والخمس والحج بماله وكذا الكفارات والنفقات وإجراء حكم الأمانات والولايات والوكالات عليه كاستبعاد تملك المولى فوائد بدنه ونماءاته كالحمل واللبن وأعواض الجناية عليه وعوض بضعه ولا يملك ما خرج عنه واجتماع المالكين على مملوك واحد محال كلزوم تأدية القول بالملك إلى تملك كل من العبدين صاحبه وهو أما بعيد أو محال إلى غير ذلك ولقوله تعالى:[ عَبْدًا مَمْلُوكًا لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْء] الظاهر في عموم العبد لوصفه بالمملوكية الظاهر في العلية وفي عموم القدرة والشيء الشاملان للملك والتملك على أن الظاهر الكشف في صفة عدم القدرة كظهورها منه في صفة المملوكية ولأن قصد التقييد للمملوكية خصوصية على أن الاقتضاء الذاتي ادخل في ضرب المثل وأوفق بإرادة البرهان على عدم القدرة ولقوله تعالى: [ هَلْ لَكُمْ منْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ ] فإنه ليس المراد فيما خصصناكم به وإلا فلا يبقى للمملوك خصوصية بل المراد الرزق العام فيفيد المطلق على أن فيها إشارة إلى الامتناع العقلي في تملك المماليك وللصحيح في المملوك (ما دام عبداً فإنه وماله لأهله) وفي آخر وصية له إن ماله لمولاه وتنزيل الإضافة في ماله على أنها لأدنى ملابسه أولى من صرف اللام من حقيقتها المفيدة للملك والاختصاص إما لكون الإضافة بذلك النحو حقيقة أو لكونها أقرب المجازات أو لأن التجوز باللام بالنسبة إلى ماله يقضي باستعمالها في حقيقتها ومجازها لأنها بالنسبة إلى العبد حقيقة وإرتكاب عموم المجاز مجاز بعيد وللصحيح الوارد في الوصية للمكاتب إنه يجوز له الوصية بحساب ما أعتق منه ولما دل على أن ما في يد العبد لمالكه إذا باعه إلا إذا اشترط المشتري فإنه يكون له ولما دل على عدم ميراثه إلا بحساب ما أعتق منه ولما ورد من جواز أن يأخذ المولى مما وهبه لأم ولده من دون طيب نفس منها ولما دل على أن وصية المولى لمملوكه بثلث ماله أنه يعتق بحسابه وهو ظاهر في عدم جواز إعطاء الثلث وذهب جمع من أصحابنا إن العبد يملك مطلقاً استناداً للعمومات في باب المملكات من التقاط واصطياد وحيازة وقبول هبة وكل سبب شرعي اختياري أو قهري إلا ما خرج بالدليل وفيه منع انصراف العموم للعبد ولو سلم من حيثية إن العام لا ينصرف إلى فرد دون آخر مخصوص بالعبد لما ذكرنا من قوة المخصص وضعف العام ولقوله تعالى: [ وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ] إلى قوله تعالى: [ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ] فإن الغنى عبارة عن ملك قوت السنة وفيه إن المراد الغنى بالعيلولة ووجوب الإنفاق من آخر عليه أو يراد الغنى بالإعتاق ثم الارتزاق أو يراد من الغنى الكفاية كما هو الغنى العرفي ولما روي عن علي (() إنه أعتق عبداً فقال: (إن ملكك لي ولك وقد تركته لك) وفيه مع ضعفه سنداً وكونه مفيداً للملك في الجملة إن من بين ملكك لي ولك منافاة وحمل ملكك على الاختصاص بقرينة سياق الأخبار وفتوى من تقدم وتأخر أولى من حمل اللام في لي على الاختصاص بالتصرف ولأن إباحة النكاح له والتحليل يستلزم الملك وفيه إنا لا نسلم إن البضع من المملوكات بل هو سلطان آخر قضي به السلطان وقد جعلوا الاستباحة البضع سبيين الملك والعقد وأحدهما غير الآخر وإلى قول أبي الحسن (() في رجل قال لمملوكه أنت حر ولي مالك: (لا يبدأ بالحرية قبل المال بل يقول لي مالك وأنت حر) وفيه مع ضعف السند إنه لا يوافق القواعد الشرعية ومعارض بالمعتبرة الدالة على كون مال المعتق للمالك إذا كان جاهلاً به مطلقاً ولو لم يستثن ولا يدل أيضاً إلا على الملك في الجملة فطرحه وحمله على التقية أولى وذهب جمع آخر من أصحابنا إلى ملكه لفاضل الضريبة وهو فاضل الخراج الذي يضربه عليه المالك استناداً إلى إن المولى لا يستحق على العبد إلا ما ضر به عليه إجماعاً فلو لم يملك العبد الفاضل لبقي بلا مالك وفيه ضعف لعدم منافاة ملك المولى للفاضل وللتحجير عليهما بالتصرف فيه بعد تمام الأداء أو بعد تأدية البعض وإلى الصحيح الدال على أن ما اكتسب بعد الضريبة له وإن له أن يتصدق ويعتق وفيه ضعف لتضمنه ما لا يقوله أصحابنا من جواز تصرف العبد بماله وحمله على الواقع بإذن الولي خلاف ظاهرها فلا تقاوم أدلة المنع مطلقاً كي تقبل لتقييدها لأن حمل العام على الخاص مشروط بالمقاومة وليس فليس فلابد من طرحها أو حملها على التقية أو على جواز التصرف بالإذن الفحوائية وذهب جمع إلى ملكه لارش الجناية استناداً إلى أن المولى لا يملك إلا الانتفاع به وأما نفسه فهي ملكه لتعلق التكاليف به فارشها له وفيه أنه مخالف للإجماع والكتاب والسنة من أن العبد مملوك كسائر المملوكات وإلى ما روي من أن العبد إذا ضربه المولى ثم استحله بألف درهم لا يجوز للمولى أخذها وزكاتها على العبد ولا يعطى من الزكاة شيئاً فإذا ملك عوض ضرب المولى ملك عوض ضرب غيره بالأولى وكذا إذا ملك عوض الضرب ملك عوض ما هو أقوى من الجنايات بالأولى وفيه مع ضعف السند اشتمالها على ما لا يقول به أحد من منع المولى من التصرف بمال العبد وثبوت الزكاة في ماله فيطرح أو يحمل على التقية بقرينة ثبوت الزكاة في ماله أو يحمل على الندب والتنزه وهذه الأقوال المعروفة وربما يقال بملكه لما ملكه مولاه أو إذن له في ملكه استناداً إلى أن العبد له ذمة وله قابلية للضمان ولتعلق الخطابات ولا مانع من ملكه سوى منع المولى فإذا ملكه وإذن له في الملك ارتفع المانع وفيه أنه ليس للمانع من تمليكه منع المولى بل المانع كونه مملوكاً وهو من الموانع الذاتية كما ذكرناه من الأدلة والفرق بين كونه له ذمة فيملك عليه وتتلعق به الخطابات وبين كونه له قابلية الملك ظاهر أو إلى رواية تمليك السيد له ما قابل ضربه له وفيه ما قدمنا وربما يقال بملكه ملكاً غير تام للجمع بين ما دل على ملكه وما دل على عدمه بحمل الأول على المتزلزل والثاني على المستقر وفيه إن الجمع فرع المقاومة وليس فليس على أنه رجوع للقول بالملكية لأن القائلين بها يقولون بتزلزلها بالنسبة إليه وإن أمرها إلى السيد أبقاءاً وفسخاً وربما يقال أيضاً بملك التصرف خاصة دون العين استناداً للإجماع على جواز تصرف العبد بإذن المولى وهو معنى الملكية وإلى جواز نكاحه وفيه إن المتيقن من الإجماع والأخبار هو إباحة التصرف لا ملكيته وإن للنكاح حكماً آخر غير أحكام الأملاك وتترتب على القول بالملكية وعدمها ثمرات متعددة منها ما لو كان بيد عبد مسلم عبداً مسلماً وكان مولى الأول كافراً بيع عليه على جميع الأقوال للزوم بيع الأول وعدم جواز تملك الثاني ولو انعكس الحال بيع على القول بملكية العبد وللمولى تملكه ومنها لو وطأ العبد جارية حد على القول بعدم الملك وغرر على القول به ومنها إنه لا يحل للمولى وطأ جارية العبد إلا بتملكها على القول بملكه وعلى القول بعدمه يحل ذلك واحتمال أن نفس الوطء مملك للمولى فيحل مخالف للاحتياط ومنها لو وهب كل من السيدين عبده للآخر بطلت الهبة إن كان دفعة وصح السابق إن سبقت هبة أحدهما أو شك وكان أحدهما معلوم التاريخ لامتناع ملك العبد وسيده ومنها سقوط الاستطاعة والزكاة ونحوهما من الحقوق عن السيد على القول بملكية العبد وعدم السقوط على القول الآخر ومنها ترتب ثمرات الإحلال والإحرام فيما لو كان السيد محرماً والعبد محلاً أو بالعكس في الصيد وشبهه مما يزول الملك عنه بالإحرام إلى غير ذلك.