انوار الفقاهة-ج2-ص124
أحدها: من اتصف بصفة الكفر الأصلي عن إنكار أو جحود أو عناد أو شرك أو شك في ربوبية أو نبوة أو معاد في أصلها وفي ضروري من ضرورياتها كاشف عن حصول الشك فيها أو تبعاً لذلك الكافر الأصلي وكان المتصف بإحدى الوصفين خال عن زمام أو عهد أو أمان بما يعتصم به من أهل الإسلام يجوز ملكه واسترقاقه إذا أسر قهراً أو أخذ سرقة أو غيلة ملك بنية التمليك أو بدونه ما لم ينوِ الأخذ الحلاف كالرد إلى وطنه أو حفظه سواء كان الأخذ بإذن الإمام أو بدونه بجهاد أو بدونه علم نسب المأسور أم لا أمكن تولده من مسلم أم لا عملاً بظاهر الحال حيث أنه أخذ من ديار الكفار وهل هو قبل الأخذ من الأحرار أو مباح من المباحات أو ملك للمسلمين كافة وجوه أوجهها الوسط هذا إذا كان قابلاً للملك أما إذا كان طفلاً أو امرأة أو بالغاً قد استرقه الإمام حالة الحرب ومن لم يتصف بالكفر الأصلي بل كان مرتداً فطرياً أو ملياً أو منتحلاً للإسلام وكذا من لم يكن قابلاً للأسر لا يجوز تملكه بوجه من الوجوه ويسري الرق في عقب المملوك وإن أسلم وآمن كل ذلك للأخبار والإجماع وإذا أخذ لقيط دار الحرب ملك مع نية التملك أو بدونها على الوجهين إذا علم عدم اشتمال الدار على مسلم يمكن تولده منه ولو احتمالاً ذكراً كان أو أنثى أو على معتصم بإحدى العواصم يمكن تولده منه أيضاً على الأظهر في ذلك أخذاً بالأخبار الناصة على أن المنبوذ حر كما في أحدها وإن اللقيط لا يشترى ولا يباع كما في ثالث أو لا يباع ولا يشترى ولا يوهب كما في رابع وإطلاقها وإن كان شاملاً لإمكان تولده من مسلم وعدمه إلا أن فهم الأصحاب وفتاواهم وظهور الإطلاق في غير المقطوع به إنه من أهل الحرب مما يقيد ذلك الإطلاق بل لولا إطباق الأصحاب على حرية اللقيط مع إمكان التولد من المسلم في دار الحرب لأمكن صرف تلك الأخبار إلى لقيط دار الإسلام كما تصرف أخبار لقطة المال إليها وكان حكم لقيط دار الحرب بحكم أسيره لضعف إجراء حكم اللقيط للأسير قطعاً ويقبل إقرار اللقيط بعد الحكم عليه بالحرية بالرقية كلاً أو بعضاً مسلماً أو كافراً وبما يلزمها بعد جمعه لشرائط صحة الإقرار لمالك معين مسلم أو كافر وإن لزم بيعه عليه مطلقاً كذب إقراره المقر له أو صدقه أو سكت لأن الإقرار حجة على المقر له أم لا عملاً بعموم الأدلة فإن كان الإقرار لمعين دفع إليه وإن كذبه دس في أمواله أو دفع إلى الحاكم وإن كان لمجهول جرى عليه حكم مجهول المالك وتولاه الحاكم هذا كله إذا لم يكن معروفاً بالحرية نسبة واستناده لأبويه وعشيرته فإنه لا يقبل لضعف إقراره بمعارضته بما هو أقوى منه والظاهر أنه لا خلاف فيه ولا فرق بين اللقيط وبين كل مجهول النسب وقد أقر على نفسه بالرقية فإنه يقبل منه مع كماله ورشده لعموم دليل الإقرار وللشهرة المنقولة بل المحصلة وظاهر نقل الإجماع كما عن بعض وللصحيحة أو الحسنة الناس كلهم أحرار إلا من اقر على نفسه بالعبودية وهو مدرك وللخبر عن رجل أقر انه عبد قال: (يؤخذ بما أقر به) ونحوه غيره ومنع ابن إدريس عن قبول إقراره لحكم الشارع عليه بالحرية فلا ينقض أو لتوقف صحة الإقرار على الحرية حتى لا يكون إقراراً في حق الغير المستلزم لبطلانه ضعيف لا يقاوم ما قدمناه كضعف من لم يشترط الرشد في إقراره استناداً لعموم الأدلة وفيه إن الأدلة منصرفة للرشيد بل في قوله وهو مدرك الإشارة إليه على أن الإقرار بالرقية أما إقرار بمال أو مستلزم ما لا غالب كما إذا كان في يده مال أو هو أقوى من المال والإقرار لا يمضي إلا في حق المقر دون غيره فإقرار المرأة لا يسمع في حق الزوج وكذا إقرار من عقد لازماً أو عمل متبرعاً شيئاً فتلف ولو استلزم الإقرار دفع حد أو تخفيضه أو رفع وجوب نفقة قبل فيما له لا فيما عليه وفي اندفاع الحد عنه لمكان الشبهة ولا تسمع بنية المقر على خلاف ما أقر به لتكذيبه إياها بإقراره إلا إذا أقام البينة على أمر محتمل في إقراره كدعوى شبهة مسموعة في حقه أو غلط بحكم شرعي أو بنسب أو نحو ذلك بل قد تسمع دعواه من غيره ولكن مع يمينه في وجه قريب سيما مع عدم المنازع له فعلاً وللإنسان أن يشتري ما يباع في الأسواق من المماليك أقروا بالرقية أو سكتوا صغاراً أو كباراً مميزين أم لا للإجماع وللأخبار وللسيرة القطعية وإن ادعوا الحرية وكان الإقرار بعد البيع مع حضورهم ومشاهدتهم لم تسمع دعواهم في الأول ولا بينتهم إلا إذا أظهروا للإقرار وجهاً محتملاً وتسمع دعواهم مع البينة في الأخير وإن كان قبل الإقرار وقبل البيع فإن كانوا مشهورين بالرقية مع بلوغ حد الشياع أو عدمه على الأظهر أو كان قد جرت عليه أحكام الرقية من قبل واستقرت عليه اليد القاضية بالملكية من تصرف وسلطنة أمر ونهي حكم برقيته ولا تسمع دعواه الحرية إلا ببنية وإن لم يكن شيء مما ذكرناه وإنما كانت مجرد دعوى لشخص برقية آخر لم تسمع دعوى مدعيه إلا بالبينة وهذا كله يمكن أخذه من السيرة القطعية ومن قواعد اليد ومن حمل فعل المسلم على الصحة مع عدم المعارض والممانع ومن أصالة الحرية مع عدم ما يقطعها ومن ظواهر الأخبار كالصحيح سألته عن مملوك ادعى أنه حر ولم يأت ببينة على ذلك أشتريه قال: (نعم) وفي آخر أدخل السوق وأريد أشتري جارية فتقول إني حرة فقال: (اشترها إلاّ أن تكون لها بينة) فإن ترك الاستفصال فيها مع قيام الاحتمال دليل على جملة ما ذكرناه من الأحكام المتقدمة.
ثانيها: يصح أن يملك كل من الزوجين الآخر دواماً ومتعة وكذا المحلل له ما لم يختلفا في الإسلام وعدمه فتبطل الزوجية ويبقى الملك إجماعاً محصلاً ومنقولاً صريحاً في الزوجية وظنياً وعلى وجه العموم في التحلل على ما قيل ولامتناع اشتراك الأسباب المسوغة للوطء لظاهر الإجماع والكتاب لأن التفصيل فيه قاطع للشركة ومنه الجميع وللسنة قيل ولتضاد اللوازم فيبطل اللاحق السابق وإلا لزم اجتماع سببين على مسبب واحد وللأخبار الخاصة ومنها عن امرأة حرة تكون تحت المملوك فتشتريه هل يبطل نكاحه قال: (نعم لأنه عبد مملوك لا يقدر على شيء) وفي آخر امرأة لها زوج مملوك فمات مولاه فورثته قال: (ليس بينهما نكاح) وفي ثالث فيمن زوج أمه ولد له مملوك فمات فورث الولد نصيباً في زوج أمه ثم مات الولد فورثته أمه كيف تصنع وهو زوجها قال: (تفارق وليس عليها سبيل) وفي رابع زوجة مملوك قد ملكته بالميراث فأتت إلى أمير المؤمنين (() فقالت هل تصلح له أن يطأني فقال ((): (هل جامعك مذ صار عبدك وأنت طائعة) قالت: لا قال: (لو كنت فعلت لرجمتك) والحديث طويل ويدخل في الملك الوقف الخاص دون العام ودون الأملاك العامة كالمشتري من مال الزكاة أو المحبوس على المسلمين ونحو ذلك اقتصاراً على مورد اليقيني من الملك والمنقول إليه من أحد الزوجين فضولاً لا يتوقف عن الوطء قبل الإجازة إن قلنا أنها ناقلة وإن قلنا أنها كاشفة فلا يبعد لزوم ترك الوطء حتى يتبين أحد الأمرين أو الإجازة ممن وقع العقد فضولياً عنه وملك البعض كملك الكل كما دلت عليه بعض الأخبار المتقدمة وكلام الأصحاب.