انوار الفقاهة-ج2-ص119
عاشرها: إذا مر مار بثمرة النخل والفواكه جاز له أن يأكل منها ما لم يضر بها ويفسد كأن يأكل منها بحيث يؤثر فيها أثراً بيناً فيحصل مسمى الأضرار عرفاً وهو مختلف بكثرة الثمرة وقلتها وذلك لفتوى المشهور نقلاً بل تحصيلاً وللإجماعات المنقولة والمستفيضة المنجبرة لفتوى المشهور نقلاً بل تحصيلاً منها المرسل كالصحيح عن الرجل يمر بالنخل والسنبل والثمرة أفيجوز له أن يأكل منها من غير إذن صاحبها في ضرورة أو من غير ضرورة قال: (لا بأس) ومنها عن الرجل يمر ببستان وقد حيط عليه أو لم يحط هل يجوز له أن يأكل من ثمره وليس يحمله على الأكل من ثمره إلا الشهوة له وله ما يغنيه عن الأكل من ثمره وهل له أن يأكل من جوع قال: (لا بأس أن يأكل ولا يحمل ولا يفسده) ومنها أمر بالثمر فآكل منها قال: (كل ولا تحمل) ومنها (لا بأس أن يمر على الثمرة ويأكل منها ولا يفسد) وألحق بثمرة النخل والشجر الزرع والخضر لعموم الأدلة وربما نسب للمشهور ونقل عليه الإجماع أيضاً وتردد في الأول في الإلحاق قوم آخرون وعلى الجواز فلا ضمان على الأكل قطعاً لظاهر نفي البأس في الأخبار والظاهر الإذن الشرعي فيه من دون ذكر الضمان في مقام البيان في الأخبار ولو فسد ضمن ما حصل الإفساد مع ضمان الكل واحتمال انه إن نوى في الابتداء الإفساد حرم عليه الكل وضمنه وإن لم ينو وحصل بالعارض ضمن ما حصل به الفساد وحرم وهذا هو الأقوى بل لو نوى الإفساد ابتداءً حرم عليه التصرف وضمن ما أكله وإن لم يتحقق به الإفساد على الأظهر ولما كان الحكم مخالفاً للقواعد اقتصر على المورد اليقيني من الأخبار وفتاوى الأخيار فلا يحل له إلا أن يكون المرور اتفاقياً لا بقصد الأكل كما يظهر من الأخبار ولا يكون القصد مشتركاً بين الأكل والمرور وإن يكون المقصد ما فوق مكان الثمرة كما يظهر من لفظ المرور أو المقصد مكانها وإلا فلا يحل وأن لا يعلم نهي المالك بل ولا يظنه وإنما يظن الرخصة أو يشك فيها وتكون الثمرة على الشجرة وما أشبه ذلك فلو اقتطعت لا يحل وأن لا يحمل منها شيء ليخرج به فيأكل ما حمله نعم لو أكل فحمل حل له الأكل وحرم الحمل وضمنه وان يكون الأكل مسلماً إذا كان صاحب الثمرة كذلك في وجه وإن يكون مكان الثمرة له باب الدخول والخروج أو بغير حائط فلو كان محيطاً عليه وقد سدت بابه فلا يجوز أن ينزو الحائط ولا ينافي في الخبر المتقدم وأن لا يأكل زائداً عن شبعه وأن لا ينوب غيره منابة وأن لا يفسد قبل الأكل فيحرم بعده في وجه وأن لا يعلم حصول الإفساد بأكله قبل أكله بكسر غصن أو قلع زرع أو إتلافه ولو أكل كذلك ضمن ولو أكل فحصل الإفساد بأكله قهراً ففي ضمانه لما أكل ولما أفسد وجه توافقه القواعد ولو تعددت المارة فحصل الإفساد بالأخير حرم عليه دون الأولين ولو حصل الإفساد بمجموعهم دون انفرادهم اقترعوا بينهم مع المشاحة ولو دخل الجميع فأكلوا ضمن الجميع والأحوط المنع على الإطلاق لقضاء العقل والنقل بحرمة التصرف بمال الغير والجور والخيانة والسرقة ولتأدية جواز ذلك إلى اضمحلال أموال الناس من الثمار الموضوعة في الطرق واضمحلال الأخماس والزكاة الحاصلة منها ولبعض الأخبار الخاصة منها الصحيح عن الرجل يمر بالثمرة من الزرع والنخل والكرم والشجر والمباطيخ وغير ذلك من الثمر أيحل له أن يتناول منه شيئا ويأكل بغير إذن صاحبه وكيف حاله إن نهاه صاحب الثمرة والحد الذي يسعه أن يتناول منه قال: (لا يحل له أن يأخذ منه شيئاً) ومنها المرسل فيمن يمر بالسنبل فيأخذ منه قال: (لا) وقال: (لو كان كل من يمر أخذ سنبلة كان لا يبقى شيء وهذه وإن أمكن حملها على الكراهة والإفساد أو حالة القطع بعدم الرضا إلا أنها بضميمة الأصول والقواعد وبضميمة التوقف من تخصيص أدلة المنع بأخبار الجواز يكون الاحتياط التام التجنب عن أموال الناس في هذا المقام نعم لو حصلت الإذن الفحوائية مما يفيد الظن بها عادة من وضعها في الطريق وعدم التسور والتحفظ عليها وعدم جعل ناطور لها وغير ذلك مما يفيد المظنة بالرخصة كوضع الأبيات للضيوف والدور الخارجة للمستطرقين وكان الإذن ممن له أهلية الإذن فجواز الأكل مع الشرائط المتقدمة لا بأس به.