انوار الفقاهة-ج2-ص106
سادسها: لو كان لشخص على شخص آخر أحد النقدين وأراد تحويله إلى نقد آخر جاز أن يأمر الشخص بتحويل ما في ذمته من النقد إلى نقد آخر بزيادة أم لا إذا كان مختلف الجنس أو بغير زيادة مطلقاً لو ساعده على ذلك وعرف كل منهما قدر العوضين والآمراة بالتحويل قد يكون مصرحاً بطريقة كان يقول حوله بصيغة الصلح فيتولى الإيجاب والقبول بنفسه أن جاز أو بنفسه وغيره أن لم يجز أو يقول حوله بصيغة البيع وافرز ما أنت مشغول به وافرز عوضه واقبضهما فيتولي الجميع من الإيجاب والقبول والقبض والإقباض بنفسه أو بنفس وبغيره على ما تقدم وقد يكون مطلقاً ومع الإطلاق فإما أن يأمره بالتحويل فقط والظاهر أنصرافه للبيع لظهور الأمر بالمعاوضة فيه والظاهر إرادة البيع الصحيح منه وحينئذٍ فيلزم منه لزوماً بيناً توكيله في عقد البيع بنفسه أن قلنا بجواز تولي طرفي العقد لواحد أو بنفسه وغيره أن لمن تقل وتوكيله أيضاً لزوماً بيناً في القبض لتوقف صحة البيع عليه أما بأن يفرز ما في ذمته ويقبضه بوكالة عن صاحبه ويفرز عرضه فيقبضه لنفسه بوكالة أيضاً عنه وأما بأن يحدد بنية القبض فقط بناء على أن ما للغير الذي في ذمته بمنزلة المقبوض له وكذا ينوي قبض عوضه لأنه بحكم ما في ذمته أو لأن النقدين من واحد كما أشارت إليه الرواية حيث قال فيها الدراهم من عندك والدنانير عندك فقلت نعم فقال لا بأس فيكون ذلك مستثنى من اشتراط التقابض في الصرف وأما بأن يأمر بالتمويل على جهة البيع فيلزم منه لزوماً بيناً إرادة البيع الصحيح المشتمل على القبض والإقباض الصحيحين على نحو م ذكرناه فيدل على إرادة تولي العقد بنفسه أو بنفسه وغيره وعلى تولي طرفي القبض على جهة الإفراز وعلى جهة تجديد نيته أن قلنا ما في الذمة بمنزلة المقبوض وإن عرضه بمنزلته لأن النقدين من واحد وعلى جميع ما ذكرناه فلا منافاة بين ما ذكرناه وبين القواعد إلا في كون ما في الذمة بمنزلته المقبوض وكون عوضه بمنزلة فأنهما وإن خالفا القواعد معاً سيما الأخير منهما لكن ظاهر الروايتين المعتبرتين المشهورتين فتوى ورواية بذل عليه ففي أحدهما عن الرجل تكون عنده دراهم فآتية فأقول حولها دنانير من غير أن أقبض شيئاً قال لا بأس قلت فيكون لي عنده دنانير فآتية فأقول حولها دراهم واثبتها لي عندك ولم أقبض منه شيئاً قال لا بأس وفي الآخر ما يدل على ذلك ويظهر من بعض أصحابنا الأخذ بظاهر الرواية فقلت نعم لا باس بذلك ويظهر من بعض أصحابنا الأخذ بط الرواية فالجمود على مدلولها وإن خالفت القواعد بظاهرها من حصول النقل بلفظ التحويل ومن انه من صيغ بيع الصرف أو عقد مستقل ومن أنه يحصل النقل به بلا قبول من أن التفرق قبل القبض غير مانع ومن أنه يصح وقوع الإيجاب بلفظ الأمر ومن أن ما في الذمة بمنزلة المقبوض ومن انه عوضه بمنزلته وخالفت الأحتياط من جواز بيع الدين بما يكون دينا ومن جواز بيع ما لم يقبض على من هو عليه وهما لا يخلوان من إشكال وعلى ذلك ينبغي الاقتصار على الدراهم والدنانير دون غيرهما ومع ذلك فهو بعيد كما أن طرحها أو حملها على بيع ذمة بذمة على أن كلا منهما غريم للآخر أو حملها على الغرم على الوفاء بوقته من دون إجراء عقد معاوضة أو حملها على أن النقد كان أمانة عند البائع كله بعيد أيضاً فإرجاعها للقواعد وتطبيقها عليها إلا فيما لا يمكن فيها أولى وأحرى.
سابعها: إذا كان في أحد النقدين غش متمول غير مستهلك بحيث لا يصدق عليه اسم المغشوش جاز بيعه بالمخالف مطلقاً للأصل وعدم المانع وللصحيح عن شراء الفضة فيها الرصاص بالورق وذا خلصت نقصت من كل عشرة دراهمان أو ثلاثة قال لا يصلح إلا بالذهب وعن شراء الذهب فيه الفضة والزئبق والتراب بالدنانير والورق فقال لا تصارفه إلا بالورق وما فيه من حصر بيع المغشوش بالمخالف مبني على الغالب من نقص الخالص عن المغشوش بحسب المقدار فإن بناء البيع على المماكسة والمغابنة فالمشتري لا يبذل فضة أو ذهباً خالصين في مقابلة الغش وتعسر معرفة المغشوش وإلا فلو تحقق خلاف الغالب من زيادة الخالص على الغش أو حصول معرفة المقدار لجاز كما سيجيء إن شاء الله تعالى وجاز بيعه بجنسه مع مساواة المغشوش للصافي في الوزن فيكون الزائد من الصافي في مقابلة الغش إذا كان متمولاً وكذا يجوز مع العلم بزيادة الصافي المنفرد على ما في المغشوش في الجملة وإن لم يعلم قدره ولم يكونا متساويين فتقابل زيادة الصافي في زيادة الغش في المغشوش ويجوز بيع المغشوش بالمغشوش علم قدر الصافي فيها أو لم يعلم بعد أن يعلم قدر المجموع إذا لعلم بقدر المجموع برفع الجهالة وكان الغش كالضميمة إلى الطرفين يرفع شبهة الربا ولا يجوز بيع بالخالص من جنسه مع العلم بزيادة أحدهما أو مع الجهل بها لأن الجهل في باب الربا كالعلم بالزيادة ولا يجوز بيع الخالص بالمغشوش أيضاً مع عدم العلم بقدرهما مخافة لزوم الربا كبيع الربية الآن بالشام مع عدم العلم بوزنهما إلا إذا علم بزيادة الخالص على خالص المغشوش في مقابلة الغش إذا قلنا أن المسكوك قد خرج من الموزونية بالسكة وأنها كما تقوم مقام الوزن بالنسبة إلى العلم بالتقدير كذلك تخرج الموزون عن حكمه اللازم له على تقدير بوزنه ولا عبرة بالغش المستهلك عرفاً فيباع جوهر الرصاص والنحاس بالفضة والذهب وإن كان فيهما يسير من ذلك ويدل على ذلك ظواهر الخطاب المعلق على نفس الاسم واتفاق فتوى الأصحاب وظاهر السيرة تشهد بذلك أيضاً والأخبار المتكثرة كالصحيح في الأسرب يشتري بالفضة فقال أن كان الغالب عليه الأسرب فلا بأس ونحوه غيره.