پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج2-ص104

ثانيها: نريد باشتراط التقابض قبل التفريق كون القبض أحد أجزاء سبب الملك فلا يتحقق الملك إلا به فحصوله له مثبت للملك من حينه لا كاشف عنه من أصله واحتمال أنه كذلك أو احتمال أنه شرط في اللزوم على وجه الإثبات أو على وجه الكشف إحتمالات لا وجه لها ولا نريد أيضاً باشتراط التقابض بيان كون التفرق مبطلاً من حينه بعد الحكم بصحة العقد أو كاشفاً عن البطلان من أصله بعد الحكم بصحة ظاهر المخالفة القول بذلك أيضاً لظاهر الأصحاب إذ الظاهر منهم كون التقابض نفسه شرطاً للملك لا أن التفرق نفسه مبطل له نعم يلزم القول بالتقابض قبل التفرق القول بالبطلان بالتفرق قبله فمن عبر البطلان بالتفرق قبل القبض ونسب القول به للمشهور ونقل عليه الإجماع إنما أراد بيان الشرطية المذكورة تعبيراً بالملزوم عن لازمه ويدل على ما ذكرناه من الشرطية الإجماعات المنقولة على البطلان بالتفرق قبل القبض والشهرة المحكية والمحصلة على ذلك بضميمة أن الظاهر من عباراتهم وفتواهم أن ذلك لمكان التقابض تصريحاً في مقام وتلويحاً في آخر ويدل على ذلك أيضاً الصحيح الناهي عن المفارقة وانه إذا نزي حائطاً فانزوا معه فإن الظاهر من سياق النهي في هذا المقام أنه إرشاد لبيان بطلان البيع بالتفرق بضميمة فهم الفقهاء وفتواهم من أن البطلان لمكان فوات الشرط يكون دليلاً على ثبوت الشرطية ويدل عليه الأخبار الآمرة ببيع النقدين يداً بيد الظاهرة بمعونة سياقها وفتوى الأصحاب أن ذلك إرشاً للشرطية لا أنه حكم شرعي وذهب جمع من أصحابنا إلى وجوب التقابض شرعاً أخذا بظاهر الأوامر بذلك وفيه أن الوجوب الشرعي في أمثال هذه المقامات مصروف للإرشاد بقرينة الفتاوى ولو أريد به بيان الحكم الشرعي من الوجوب فقط لكان مخالفاً للإجماع المحصل على ما قيل فضلاً عن المنقول وإن أريد بيان الحكم الشرعي والوضعي معاً لكان مخالفاً لظاهر الاستعمال في الأوامر والنواهي لأن استعمال الأمر في الوجوب والشرطية واستعمال النهي في التحريم والبطلان بالتفرق ممنوع منه لغة ومعرض عنه بين الأصحاب وذهب الصدوق (() إلى عدم اشتراط التقابض في الصرف للخبرين الدال أحدهما على جواف الأسلاف في النقدين والآخر على جواز النسيئة فيهما وهما ضعيفان سنداً ودلالة لأن موردهما جواز النسيئة والسلم فيهما وجوازهما لا يستلزم عدم اشتراط التقابض قبل التفرق لجواز القول بجواز الأولين ومنع الثاني والقول بعدم الثاني وعدم جواز الأولين والقول بمنعهما معاً استضعافاً للخبرين كما هو الأقوى ويأتي محله إن شاء الله تعالى.

ثالثها: لو تقابضا في البعض خاصة صح فيه دون ما لم يتقابضا فيه وتخيرا فيما يصح فيه بين الفسخ لتبعيض الصفقة وبين الإمساك ما لم يكن تأخير الإقباض عن التفرق بتفريط منهما أو من أحدهما فيسقط خيارهما في الأول وخيار المفرط منهما في الثاني كل ذلك لوجود الشرط المصحح للبيع في الأول فيدخل في العمومات ولفقده يبطل في الثاني ولتبعيض الصفقة الموجب للخيار في الثالث ولإدخال الضرر على نفسه بتفريطه في التأخير فيسقط خياره وفي الرابع وما ورد مما ظاهره البطلان رأساً مثل ما ذكرناه كالصحيح عن رجل يبتاع من رجل بدينار هل يصلح له أن يأخذ بنصفه ورقاً أو ذهباً ويترك نصفه حتى يأتي بعد فيأخذه منه ورقاً أو ذهباً قال ما أحب أن أترك شيئاً حتى أخذه جميعاً فلا تفعله ضعيف الدلالة أولاً ومحتمل لانصرافه إلى المنع من صحة المجموع من حيث المجموع ثانياً.

رابعها: المدار في التفرق المبطل للصرف هو تفرق المتعاقدين المباشرين للصيغة أصليين أو وليين أو وكيلين أو فضوليين أو ملفقين فلا عبرة ببقاء غيرهما مجتمعين ولو كانا هما المالكين نعم لا يشترط وقوع التقبيض من المتعاقدين بل لو تقابضا الأصيلان مع عدم افتراق الوكيلين صح القبض كذا لو تقابضا الفضوليان بعد صدور العقد عنهما فضولا صح الصرف مع الإجازة وعدم افتراق فضولي العقد إلى صدور فضولي القبض والوكيل عن اثنين والولي عنهما والاثنان على واحد لا يتحقق بينهما افتراق فيصح لهما الصرف متى تقابضا مع احتمال أن القيام من مجلس العقد بحكم التفرق.