انوار الفقاهة-ج2-ص98
ثامنها:مقتضى تعليق حكم الربا بما يكال أو يوزن أن المدار فيه مدار العادة وجوداً أو عدماً كما في سائر ذوات المبادئ مما علق الحكم فيها على المشتق كالمأكول والملبوس في السجود ونحو ذلك إلا أنه قد نقل الإجماع وأفتى الأصحاب بأن المقدر في عهد الرسول (() يجري عليه حكم التقدير وحرمة الربا وإنما يكون الإجماع وفتوى الفحول قرينة على تقيد إطلاق تعليق الحكم على نفس المشتق عما كان في عهده صلى الله عليه وآله أو قرينة على استعمال المشتق في المعنى الوصفي وفي روايات بخصوصه كانت مكيلة وموزونه في عهده (() أو قرينة على استعماله في المتلبس بالمبدأ أو في ما كان متلبساً في عهده وإن انقضى وأما غير المقدر في زمنه فقد قيل لا يجري عليه حكم التقدير وأن قدر بالعادة واستظهر بعضهم نقل الإجماع عليه ولكنه ضعيف لعموم أخبار جريان الربا في المكيل والموزون فتخصيصها بما يعلم عدم تقديره في زمنه (() يحتاج إلى دليل مقاوم وليس إلا ظاهر الإجماع وليس له أهلية المقاومة نعم قد يقع الإشكال فيما علم تقديره مرة وعدم تقديره أخرى فيباع في زمنه جزافاً ومقدراً أو في ما علم تقدير ابتداءاً ثم عودة جزافاً وفيما علم تقديره في غير بلده مما أقر أهله عليه مع عدم تقديره في بلده وفيما علم تقديره في بلد لم يعلم إقرار أهله منه عليه مع الجهل بحاله ببلده وفيما علم تقديره ببلده دون باقي البلدان مع إقرار أهلها منه (()وفي الرجوع للأصل في جميع ذلك قوة وفي الأخذ بالاحتياط سلامة في الدنيا والآخرة ثم أنه يجيء الكلام عند الرجوع في التقدير إلى العادة مع الجهل بحال المقدر عادة في زمن الصدور من أن المراد بالعادة هي العادة العامة في كل البلدان أو الغالبة فإن كان الغالب التقدير جرى عليه حكمه وإن كان الجزاف جري عليه حكم الجزاف أو لكل بلد عادة يتبعها أهلها أو من حلَّ فيها أو يكفي في التقدير حصوله في الجملة لصدق أنه مكيل أو موزون في الجملة فيغلب عليه جانب الاحتياط ومن أن العادة لو جرت بالتقدير مرة والجزاف أخرى فهل يلاحظ الأخير للأصل والأقل لصدق المشتق في الجملة والاحتياط ومن أن العادة لو تبدلت بعد التقدير إلى الجزاف فهل يلاحظ الأخير للأصل أو الأول للاحتياط ثم أنا لو قلنا مع اختلاف البلدان أن لكل حكم نفسه فلو كان كل من المتعاقدين من بلد وقد تعاقدا مع التفاضل في برية أو صحراء أو كان أحدهما من بلد التقدير والآخر من بلد الجزاف فهل يرجح جانب ذي بلد الجزاف فيحكم بالصحة أو يرجح جانب ذي بلد التقدير فيحكم بالفساد وجهان أوجههما الأخير.
تاسعها: الذي يستفاد من إطلاق الفتاوى والنصوص شمول حرمة الربا للمبيع أصالة وللمبيع تباعاً كبيع الدور المموهة بالذهب إلا أنه يظهر من بعضهم خروج ما لم يقصد في المعاوضة أصالة عن حرمة الربا ويؤيده انصراف أدلة التحريم للمقصود أصالة دون ما قصد تبعاً إلا أن الاحتياط ينافيه.
عاشرها: يتحقق الربا بالزيادة العينية قطعاً لظهور الأدلة فيها سواء كانت عيناً أو منفعة وتتحقق بزيادة الأصل أيضاً لأن للأجل قسط من الثمن فيكون محسوبا منه لفتوى الأصحاب وللخبر المشتهر نقلاً والمنجبر فتوى وعملاً إنما الربا في النسيئة وتتحقق بزيادة الحق وباشتراط شيء زائد من عين أو منفعة أو حق ولا يتحقق الربا بزيادة وصف من صحة في مقابلة المعيب والمكسور وغير المصنوع أو جرده في مقابلة الردئ وهل يتحقق بزيادة الشرط المجرد عن زيادة المشروط كاشتراط بيع شيء أو إجارة شيء بأجرة المثل أو اتهاب شيء على ثمن أو مثمن أو غير ذلك وجهان ينشآن من كون نفس الشرط زيادة وهي منهي عنها ولعدم صدق بيع المثل بالمثل وهو لا زم في الربوي ومن انصراف النهي عن الزيارة والأمر ببيع المثل بالمثل إلى زيادة العين والأجل والمنفعة والحق وإلى المماثلة بها دون الصفات والحالات:
حادي عشرها:إذا اختلفت الأجناس في العوضين المقدرين فإن كان كل منهما من النقدين جاز التفاضل فيهما نقداً للأصل وعموم الأدلة ولا يجوز التفاضل بينهما نسيئة لمنع النسيئة في الصرف مطلقاً حتى مع التساوي كما دل على ذلك الأخبار وفتوى الأًصحاب وإن كان أحدهما من النقد والآخر من العوض جاز التفاضل فيهما نقداً.
وفي جوازه نسيئة قولان.