انوار الفقاهة-ج2-ص93
ثانيها:يحرم البيع المشتمل على الربا على العالم به كتاباً وسنة وإجماعا والدرهم منه أعظم من بعين زنية بذات محرم ويتعلق التحريم بنفس المعاملة أن قلنا أن الربا هو المعاوضة المزيد فيها فتفسد لمكان النهي ويتعلق بجزئها أن قلنا أن الربا نفس الزيادة لأن الزيادة مشاعة في العوض المزيد فيه سواء كانت موافقة أو مخالفة للزوم الترجيح من دون مرجح مع الاختلاف فتفسد أيضاً لمكان تعلق النهي بجزئها ويتعلق بشرطها إن كانت الزيادة شرطاً فيفسد الشرط ويفسد المشروط بفساده لأن العقد المشتمل على الفاسد فاسد وبالجملة فدخول الربا في المعاوضة مفسد لها كدخول الربا في العبادة فلا يمكن أن يحكم بتبعيض الصفقة في البيع الربوي فيصح في المقابل ويفسد في الباقي لما قلناه وللإجماع على منعه ومع الحكم بفساد البيع يجب رد عين المال إلى أهله فوراً وعليه الرد لكونه الغاصب وان تلفت العين رد المثل أو قيمته عند التعذر في المثليات والقيمة وقت التلف على الأظهر وفي القيميات وله أن يأخذ ما قابل ثمنه مقاصة لو دفعه للمشتري فتلف عنده وامتنع من تأديته هذا أن علم القدر والمالك فلو جهل القدر صالح المالك بالصلح الاختياري أو الصلح القهري من الحاكم أو دفع ما يتيقن به فراغ الذمة للاحتياط أو دفع ما تيقن شغلها به للأصل أو يدفع الخمس إن لم يعلم بزيادة عليه أو نقصانه لأن دفعه مطهر للمال فإن علم بزيادته أو نقصانه فالوجوه السابقة وجوه واحتمالات أوجهها الرابع ولو اشتبه المال في محصور من أموال المشتري فالصلح الاختياري أو القهري أو القرعة ولو امتزج بذلك فلا بد من القسمة لتحقق الشركة ولو علم القدر وجهل المالك بحيث يأس من معرفته كان كالمجهول المالك حكمه الصدقة على الفقراء أو المساكين لظهور الصدقة في ذلك ما لم يكن المتصدق عنه كافراً وفي الكافر إشكال وإن ظهر المالك ورضي بالصدقة فلا كلام وكان كالإجازة في العقد الفضولي وإن لم يرض ضمن المتصدق ولو دفعه للحاكم فتصدق به فالظاهر انتفا الضمان عنه وعن الحاكم مع احتمال ثبوته في بيت المال هذا إذا لم يتعلق له به حق مقاصة ولم يكن مخلوطاً بماله فلو تعلق له به حق المقاصة جاز له أخذه وإن كان مخلوطاً بماله خلطاً لا يتميز كان شريكاً وله القسمة بإذن الحاكم ويفعل به ما مر ولو جهل المالك والقدر تصدق بما تيقن شغل ذمته به للأصل أو بما يتيقن فراغها به للاحتياط هذا إذا لم يكن مخلوطاً بماله فإن كان مخلوطاً ولم يعلم أنه يزيد على الخمس أو ينقص عنه تصدق بخمس المال من فقراء بني هاشم وحل الباقي كما مر في باب الخمس وإن علم زيادته على الخمس تصدق بالخمس على السادة وبالزائد المقطوع على الأظهر والمحتمل على وجه على غيرهم ويحتمل رجوعه صدقة على غيرهم من أصله وإن علم نقصانه عنه تصدق به على غيرهم ولو جهل المالك في قوم محصورين احتمل جواز استخراجه بالقرعة وكونه بمنزلة المجهول المالك ولزوم صلح جميع الأفراد المحصورة وهو الأحوط هذا كله في العالم بحكم الربا وأما الجاهل فلا يتعلق به نهي لمكان الجهل ولكنه يشترك مع العالم في ترتب أحكام العقد الفاسد لأن الجهل ليس بعذر في الأحكام الوضعية فأن علم وعرف بعد ذلك تعلق به الخطاب أمراً ونهياً لصيرورته بعد العلم به أكل مال بالباطل ويدل على اتحاد العالم والجاهل في الأحكام الوضعية على وجوب رد الجاهل المال بعد علمه قوله تعالى: [ وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم ] ومفهوم الشرط ملغي قطعاً فليحمل على إرادة الإرشاد للتوبة للعالم ابتداءاً وبعد جهله ودعوى اختصاص سياقها بالعالم مسلم ولكنه أعم من العالم ابتداء وبعد جهله فيتم المطلوب والأخبار الأمرة برد مال الربا إذا كان معزولاً معلوماً أهله من دون تفصيل بين العالم والجاهل والأخبار المطلقة الدالة على فساد الربا وحرمة أكله وبائعه ومشتريه القوية المعتضدة بالقواعد وفتوى مشهور الأصحاب فلا يقاومها إلا ما قوي عليها وليس فليس والظاهر عدم التفاوت هنا بين الجاهل والكافر والمسلم وحديث أن الإسلام يجب ما قبله مشكوك في شموله لحلية أموال الناس الدال على تحريمها العقل والنقل وذهب بعض أصحابنا إلى تحليل الربا المأخوذ مع الجهل وعدم وجوب رده بعد العلم أما لتحليل المالك الحقيقي له وإن كان مال الغير أو لتصحيح عقود الجاهل على الربا من الشارع لطفاً منه وكرماً لظهور اختصاص أدلة التحريم بصورة العلم دون الجهل ولاستصحاب حكم الجهل إلى حالة المعرفة والعلم بعده ولظاهر قوله تعالى: [ فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ ] المفسر في كلام بعضهم بما أخذ وأكل من الربا قبل النهي ولا يلزمه رده ولبعض النصوص.
منها: فيمن أراد الخروج من الربا مخرجك كتاب الله عز وجل[ فَمَنْ جَاءه ] الآية وفيه والموعظة التوبة ونحوه غيره وغيره.