انوار الفقاهة-ج2-ص72
رابعها:إذا أحدث من انتقل إليه أحد العوضين به حدثاً بحيث اثر فيه تغيراً بزيادة أو نقص في عين أو صفة أو تغير هيئته من قطع ثوب أو خياطة أو نعل دابة أو خلط بما لا يتميز أو نحو ذلك مما لا يصدق عليه أن الشيء بقي قائماً بعينه فلا كلام في سقوط الرد به للأخبار وفتوى الأصحاب وللزوم الضرر بالرد ولا يجب الضرر بالضرر وفي رواية جميل أن كان الثوب قائماً بعينه رده على صاحبه وأخذ الثمن وإن كان الثوب قد قطع أو خيط أو صبغ رجع بنقصان العيب وفي رواية زرارة في المبيع أحدث فيه بعد ما قبضه شيئاً وعلم بذلك العيب وذلك العوار أنه يمضي عليه البيع ويرد عليه بقدر ما ينقص تصريح بما ذكرناه وظاهر النص والفتوى شمول الحدث لما صدر بعده قبل العلم كما تشعر به رواية زرارة ولما صدر بعده ولما كان الحدث مانعاً من الرد كالاستيلاد ولما لم يكن مانعاً ولما كان صدوره بالاختيار ولما كان بغيره من سهو واضطرار أو غفلة أو نوم ولما قصد به الحفظ أو الاستخبار ولما لم يقصد به ذلك ولما توقف الرد عليه ولما لم يتوقف مع احتمال أن الصادر عن غير شعور لا يسقط حكم الرد لانصراف إطلاق الحدث لما كان عن اختيار ولكن الأقوى السقوط ولا أقل من الشك في بقاء جواز الرد فأصالة اللزوم يحكم على استصحاب الخيار في وجه قوي كما تقدم غير مرة ويلحق بأحداث الحدث التصرف في أحد العوضين بوطء أو لبس أو استخدام أو ركوب أو غيرها مما يعد تصرفاً عرفاً ويلحق نقله بعقد لازم أو عتق أو جائز أو نقل المنفعة كل ذلك للإجماعات المنقولة والشهرة المحصلة والأخبار الواردة بوطء الجارية من انه مانع للرد ومثبت للإرش ولا فارق بين الوطء وغيره في المنع ممن يعتد به ولان التصرف بعد العلم بالعيب دليل على الرضا وإسقاط الخيار وظاهر إطلاق الدليل عدم الفرق بين التصرف الاختياري وغيره كصدوره بجنون أو سهو أو نسيان أو شبه ذلك وبين المانع من الرد كالاستيلاد وغيره وبين ما قصد به الحفظ والاستخبار وغيره وبين ما كان قبل القبض وما كان بعده وبين ما توقف عليه الرد وما لم يتوقف وبين ما كان قبل العلم بالعيب وما كان بعده وبين ما كان قبل العلم بالخيار وما كان بعده وإن كان التصرف بعد العلم بالعيب والخيار أقوى في سقوط الرد لدلالته على الرضا ولا يسقط الرد بما لم يعد تصرفاً عرفاً سواء عد انتفاعاً له كالاستظلال بالحائط أو المسير على ضوء النهار أو التلذذ بسماع الصوت أو النظر لغير الجارية من الحيوانات أو غيرها أو التلذذ بالرقص واللعب إذا لم يكن هو الحامل عليها أو شم الطيب إذا لم يكن بفعله أو نحو ذلك أو لم يعد انتفاعاً له كأكل الجارية من بيته والنظر إلى ما يحل النظر إليه منها من غير لذة وسقي الدابة وعلفها على النحو المعهود وأخذ المعيب إلى بيته ورده إلى صاحبه بعد ظهور العيب وهذه الأخيرة وإن قلنا بصدق التصرف عليها لا تمنع من الرد قطعاً للسيرة والعسر والحرج وظاهر الأخبار وقد يقال أن كشف الثوب عن الجارية أو الرحل على الدابة والاستخدام بالجارية أو تمشية الدابة أن كان للاختبار لا يسقط الرد لأن الإطلاع على العيب لا يحصل غالباً إلا بفعل هذه بهما فلو سقط بهذه الخيار أنتفت ثمرة الرد غالباً في خيار العيب ولزوم الضرر بل قد يقال ذلك في جميع ما كان للاختبار وكان غير مضر بالمبيع ولا مغير للهيئة والصفة وما وقع الشك في كونه تصرفاً أم لا كالقاء القردة عن الدابة وتقبيلها أو تقبيل الغلام وإزالة بعض القذارات عنهما وشبه ذلك فالاستصحاب يقضي ببقاء الخيار وأما العقود الجائزة فإن كانت ناقلة للملك فالظاهر أنها كاللازمة وإن لم تكن ناقلة فلا تعد في العرف تصرفاً كالسكنى والعارية وعود المنتقل إلى الملك لا يبطل حكم التصرف بعد إبطاله الرد وقد يقال أن المانع هو تصرف كل شيء بحسب المعد له فركوب العبد ليس بتصرف وتقبيل الدابة ليس بتصرف وركوب الدابة تصرف فيها وكذا تقبيل الجارية إلا انه محتاج إلى تأمل ونظر في الفرق بين موارد التصرفات ولا يخلو من بعد أيضاً ونقل عن الشيخ في المبسوط ان التصرف قبل العلم لا يسقط به الرد وكأنه استند إلى أن تحقق الخيار إنما يكون بعد العلم بالعيب لا قبله فالتصرف ليس في زمن الخيار والى أنه مع العلم بالعيب لا يدل على الرضا والإسقاط دائر مداره والى رواية زرارة المتقدمة حيث جعل العلم قبل الحدث شرطا لمضى المبيع عليه وفي الجميع نظر لمنع عدم تحقق الخيار إلا بعد العلم بالعيب بل هو متحقق حين العقد ولو مع الجهل ومنع كون التصرف لا يكون مسقطاً إلا في زمن الخيار وأيضاً منع دوران اسقاط التصرف مدار الرضا ومنع دلالة رواية زرارة على ما ذكره أن لم تكن على خلاف مدعاة أدل نعم قد يستثنى من إسقاط التصرف الرد ما سيجيء إن شاء الله تعالى من الرد بعيوب السنة والرد للجارية التي لا تحيض إلى ستة أشهر والرد للشاة المصراة والرد لاشتراط أن التصرف لا يسقط الرد على الأظهر ولا يسقط الإرش بسقوط الرد بالتصرف للأصل ولحديث نفي الضرار سواء كان التصرف بعد العلم بالعيب أو قبله خلافاً لابن حمزة حيث اسقط الارش مع التصرف بعد العلم بالعيب لدلالته على الرضا وفيه أن الرضا بالبيع أعم من إسقاط الإرش غايته أنه يدل على قبوله وهو ظاهر في إسقاط الرد دون الارش وهذا كله فيما لو كان المتصرف هو من انتقل إليه أما لو كان غيره فإن كان بأذنه فالظاهر أن حكمه حكمهُ وإن لم يكن بأذنه فإن أحدث فيه حدثاً فالظاهر أنه مانع من الرد لمكان التغير المؤدي إلى الضرر برده متغيراً عن حالته وإن لم يحدث حدثاً فالظاهر أنه لا عبرة به اقتصاراً فيما خالف استصحاب الخيار على مورد اليقين في النص والفتوى من تصرف من انتقل إليه.
خامسها:قد يسقط به الرد خاصة عيب فيما انتقل إليه لأحد المتعاقدين وكان ذلك العيب مضموناً على المنتقل إليه كالعيب الذي أحدثه بنفسه في حيوان أو غيره قبل الثلاثة أو بعدها قبل القبض أو بعده فإنه مضمون عليه لا على الناقل وكذا العيب الحادث من غيره بآفة سماوية أو غيرها إذا كان بعد القبض في غير الحيوان مطلقاً أو في الحيوان بعد الثلاثة أو في الثلاثة مع إسقاط خيارها عدا العيب الحادث من البائع لنفسه فإنه لا يسقط به الرد وإن كان قبل القبض لأنه مضمون عليه ففي جميع ذلك يسقط الرد للاجماعات المنقولة والشهرة المحصلة والرواية المتقدمة الدالة على دوران الرد مدار كون الشيء قائماً بعينه وللزوم الضرر على البائع مع رده بلا إرش وعلى المشتري لو رده مع الإرش لأنها غرامة لم يقابلها مبيع ولو رضي البائع برده مجاناً أو مع الإرش للعيب الحادث عند المشتري جاز ولو قبل البائع رده من دون تصريح بالمجانية أو الإرش فهل له الإرش على المشتري لأنه مضمون عليه فهي غرامة شرعية لا تزول إلا بالإسقاط أو الإبراء أو ليس له لأن الظاهر من الرد من دون تصريح إسقاطه مع احتمال أن يقال ان البائع لا يستحق الإرش ابتداءً لأنها غرامة على المشتري لا يقابلها نفع وليس عليها دليل صالح وأما لو كان العيب مضموناً على الناقل كالحادث من غير جهة المنتقل إليه قبل القبض أو الحادث في زمن الخيار المختص بالمنتقل إليه فإنه لا يسقط حكم جواز الرد للاستصحاب ولأن ضمانه عليه فلا يتحقق به إسقاط الرد عليه مع احتمال السقوط لمفهوم الرواية المتقدمة وللشك في الاستصحاب مع معارضة دليل اللزوم نعم حدوثه مما يوجب خياراً جديداً فهو مسقط للخيار الأول ومثبت لخيار جديد لمكان كونه مضموناً على المنتقل إليه فله الرد به لا بالأول وله الامضاء فيأخذ إرش المعيبين الأول والثاني لكونهما مضمونين عليه ولو لم يمكن أخذ الإرش لعدم إمكانه أما لعدم حصوله أو للزوم الرد فيه يسقط الإرش وأسقط الرد بالثاني وسقط الرد في الأول على ما قلناه وعلى المشهور لا يسقط الرد بهما معاً ويسقط الرد دون الإرش فيما تراخى من انتقل إليه المعيب بالرد على القول بأن خيار العيب فوري.