انوار الفقاهة-ج2-ص52
ثانياً:نعم لا يبعد القول بافتقارها إلى تجديد نية من البائع لتحقق صدقها أوافتقارها لمضي زمان يمكن وصول المشتري وشبهه إلى المبيع بنفسه أو بوكيله وبدون ذلك لا تسمى تقبيضاً عرفاً إلا أن الأقوى عدم الاشتراط والظاهر أنه لا يتفاوت في أن التقبيض هو التخلية فيما لا ينقل وغيره من منقول أو مكيل أو موزون أو مقبوض باليد مع احتمال أنه لا يتحقق في المنقول إلا بعد نقله عنه وفي المكيل والموزون إلا بعد كيل المشتري له أو وزنه وفي المقبوض باليد إلا بعد وضعه في اليد إلا أن الأقوى ما ذكرناه هذا في التقبيض والتسليم وأما نفس القبض والتسليم فالظاهر أنه التخلي للمشتري والسلطنة منه فيما لا ينقل وأما فيما ينقل فلا يبعد أنه كذلك مطلقاً إلا أن الأقوى عدمه لما قيل من أن العرف يأباه والأخبار تدفعه نعم قد يقال أن التخلي رافع لحكم الضمان فهي بحكم القبض إلا أنه لم يقم دليل صالح على ذلك نعم الانتفاع من المشتري رافع لحكمه وقد يفرق بينهما وقد يرد القول برفع الضمان مع التخلي خبر عقبة الدالة على ضمان البائع للمتاع حتى يخرج المبتاع من بيته وفيه أنه من المحتمل أن البائع لم يخل بينه وبين المشتري ولو خلى لما تركه المشتري عنده ويكون حكمه بالضمان حتى يخرجه من بيته مبنياً على الغالب من التلازم بين التخلية من البائع وإخراج المشتري له وعلى كل حال فالأقوى في المنقول من الحيوان وشبهه مما لا يكال ويوزن ولا يقبض باليد هو نقله للإجماع المنقول والعرف وخبر عقبة والظاهر في ذلك حيث قال فيه أنه ترك المتاع عنده ولم يقبضه وظاهر ترك المشتري للمتاع أنه بعد التخلية والتخلي فقوله لم يقبضه دليل على كون التخلي ليس قبضاً ثم انه حكم بالضمان على البائع حتى يقبض المشتري المتاع ويخرجه من بيته فدل على أن القبض شيء آخر غير التخلي بل أما القبض أو الإخراج من بيته ولكنه لما عطف عليه قوله ويخرجه من بيته وقال بعد ذلك فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه دل على أن القبض هو الإخراج وإن العطف من باب التفسير لتعليقه ضمان المشتري على الإخراج وهو لو كان موقوفاً على غيره لبينة وقد يستدل بهذا على كون القبض هو النقل مطلقاً حتى فيما يقبض باليد أو يكال ويوزن وهو في الثاني قوي للعرف والإجماع المنقول ولعدم تعرض الخبر للكيل والوزن إلا انه في الأول منظور فيه للعرف الحاكم بأن ما يقبض باليد قبضة هو إمساكه ولعدم دلالة الرواية على نفيه لأن تعلق ضمان المبتاع على إخراجه من بيته مبني على الغالب من أن الإخراج من البيت لما يقبض باليد انما يكون بعد إمساكه بل ربما كان في قوله أولاً حتى يقبض المبتاع ويخرجه من بيته إشعار بأن ما لا يقبض باليد يكفي في قبضة الإخراج وما يقبض لا يكفي وقرينته العطف فالأقوى أن ما يقبض باليد فبعد إمساكه باليد وشبهها وجمله من أصحابنا بنى على أن القبض في المكيل والموزون كيله ووزنه للأخبار الدالة على عدم جواز بيع الموزون والمكيل قبل قبضه إلا أن يكال ويوزن فدلت على انهما قبض وفيه أنه لعل الكيل والوزن يقومان مقام القبض في رفع الكراهة والتحريم لا أنهما هو فلا يباع المكيل والموزون قبل قبضهما إلا أن يقدرا أو يقبضا أو لأن الكيل والوزن لما كانا ملازمين للنقل والإمساك باليد عبر بهما عنه أوان الكيل والوزن شرطان في قبض المكيل والموزون لا أنهما نفسه ودعوى الإجماع على عدم ارتفاع التحريم والكراهة إلا بالقبض فإذا كان الكيل والوزن رافعان كانا قبضاً ممنوعاً لعدم تحققها بل لتحقق عدمها وغاية ما يسلم من الإجماع هو كون القبض رافعاً للمنع لا أن الرفع محصور به وذلك لا يجدي، نعم ورد في بعض الأخبار المنع عن بيع الطعام قبل قبضه فيمكن بعد ضمها للأخبار الأولى تحصيل أن القبض هو الكيل والوزن كما حصل من آيتي الحمل والفصال كون الحمل ستة أشهر إلا أنه غير مظنون لاحمتال أن كلا منهما رافع على سبيل التخيير وإن الرافع أولاً وبالذات هو القبض ولكن يقوم مقامه الكيل حكماً لأسماء أو أنه يعبر عن القبض بهما لتلازمهما فمع قيام هذه الاحتمالات يضعف الظن بذلك واحتمال أن كلاً من النقل والكيل والوزن قبض جمعاً بين الأخبار والعرف وهل يلحق بالمكيل والموزون المعدود والمذروع فلا بد من الاعتبار بهما لتساويهما في التقدير أو لا يلحق للأصل وعدم دليل شرعي أو قضاء عرفي عليه وجهان أوجههما الأخير وهل يعتبر الكيل والوزن في المكيل والموزون فيما لو لم يعتبره المشتري سابقاً لأنه مورد اليقين بأن أخذ كلياً يعني اتباع البائع الكلي في صبره أو أخذه بقول البائع مع الشك في صدقه وكذبه فإن اعتبره المشتري قبل العقد أو اعتبره البائع بحضوره أو أخبره البائع بقدره فصدقه صار حكمها حكم باقي المنقولات ويسقط لزوم الكيل والوزن أو لا بد منهما مطلقاً بعد العقد لأجل تحقق التقبيض والقبض وجهان ويؤيد الأخير ما ورد في الصحيح من جواز بيع المكيل والموزون توليته قبل كيله أو وزنه فإن كان مخصوصاً بما لم يعتبر لما جاز توليه وغيرها للجهالة والخبر المانع من بيع الطعام قبل كيله بعد أن أخذه المشتري بإخبار البائع له بالكيل وصدقه أيضاً كذلك وهل يكفي فيما ينقل عادة إمساكه باليد عن نقله الظاهر العدم كما لا يكفي فيما يمسك عادة باليد نقله إلى أخر من دون الإمساك وكذا الكلام في المكيل والموزون على القول به ويمكن القول بأن القبض لاختلاف البعض والفتوى فيه يعود مجملاً فيؤخذ باليقين من معناه مما تعلق على اسمه حكم شرعي.
ثانيها:يجب على كل من المتعاقدين تسليم الأخر ما ملكه إياه كتاباً وسنة وإجماعاً ولا يجوز امتناع أحدهما أصلاًَ إلا لأجل المقاصة عند امتناع الآخر ولا يجوز له أن يمتنع من جهة امتناع صاحبه من غير جهة المقاصة لأن من ظلم لا يظلم مع احتمال ذلك لقوله تعالى: ( فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ ( فيكون العاصي هو من امتنع أولاً ويتعلق به جبر الحاكم وهذا هو ظاهر الأصحاب وجعلوه من أحكام المعاوضة أو من مقتضيات لفظها وللبحث فيه مجال ولو لم يمتنعا ولكنهما تساويا في التقدم والتأخر فالظاهر تساويهما في الحق فيقرعا أو يدفعا معاً بأيديهما أو بيد ثالث فإن امتنع أحدهما من القرعة أو المساواة أجبر الحاكم الممتنع وإن امتنعا معا جبرهما الحاكم دفعة لرفع النزاع والخصومة مع احتمال تقديم دفع المبيع أولاً لأن الثمن تابع للمبيع ولكن الأول أقوى ويحتمل أنه لو امتنع كل منهما من التقدم لم يعص أحدهما ولا يضمن إلى أن يتفقا ويرجعا إلى الحاكم ولكن لا يجب نعم إذا تقدم أحدهما بالدفع عصى الآخر ضمن وجبره الحاكم هذا كله أن أطلقا في معين أو كلي وأما لو شرطا التأجيل أو شرط أحدهما وجب الدفع فوراً على من لم يشترط وفوراً بعد الأجل على من اشترط ولو اشترطا التعجيل فالوجوب فوراً أشد والظاهر سقوط جواز التمانع بينهما من التسليم إذا تشاحا في التقدم والتأخر لمكان الشرط فتأمل.
ثالثها:لو حدث في المبيع عيب قبل القبض فلا إشكال في الخيار وهل يثبت به إرش مع الإمساك لأن العيب نقص في المبيع وهو مضمون على البائع قبل قبضه ويقابله جزء من الثمن فهو مردود على المشتري في مقابلة ما نقص وليس الإرش إلا ذلك ولقوله (()لا ضمان على المبتاع حتى ينقضي الشرط ويصير المبيع له وضمن له أنه يكون من ضمانه لأنه مالكه سابقاً فمفهومه حصول الضمان على البائع وعلى ذلك فتوى المشهور اولا ثبت للأصل والإجماع المنقول وهو ضعيف لانقطاع الأصل ووهن الإجماع بمخالفة المشهور له.