انوار الفقاهة-ج2-ص46
رابعها :يجوز شراء ما بعده نسيئة قبل حلول الأجل نسيئة ونقداً بنقصان وبزيادة بجنس الثمن وبغيره للعمومات ولخصوص ما جاء في ذلك ولفتوى الأصحاب وفي بعض الأخبار ما يدل على النهي عن البيع نسيئة على من كان له مطلوباً بطعام أو بقر أو غنم وهو مجمل لا تصريح فيه بالنهي عن ما نحن فيه مع أنه مخالف للفتوى والرواية فليحمل على الكراهة هذا كله إذا لم يشترط حين البيع وإلا لم يجز الشراء ثانياً قيل بلا خلاف وتدل عليه رواية قرب الإسناد فيمن باع ثوباً بعشرة فأراد شراءه بخمسة قال إذا لم يشترط ورضيا فلا بأس وظاهر أن الشراء الثاني ليس ممنوعاً مع الشرط تعبداً مع صحة البيع الأول بل ممنوع بفساد العقد الأول أيضاً بل ظاهرهم شمول ذلك بيع النسيئة وغيره بل شموله لسائر العقود لأنهم عللوا المنع بأن بيعه ثانياً عليه موقوف على ملكيته له الموقوفة على بيعه وبعدم القصد إلى نقله إلى المشتري مع الشرط وهما ضعيفان أما الأول فلأن التوقف على حصول الشرط هو لزوم البيع لا صحته غايته أن تملك البائع موقوف على تملك المشتري وأما تملك المشتري فلا يتوقف على شيء ولأن هذا جار في سائر الشروط كشرط العتق وشرط بيعه للغير ولا قائل ببطلان البيع فيها قطعاً على أن اشتراط بيعه بعد الأجل مما يوجب تخلل ملك المشتري فلا وجه لمنعه نعم لو شرط في بيعه أنه بعد بيعه يكون مبيعاً عليه كان من البيعين في بيع وهو ممنوع وأما الثاني فلان اشتراط بيعه منه ثانياً مما يؤكد القصد إلى البيع الأول لا مما ينافيه والحق جواز البيع الأول وصحة الشرط وجواز البيع الثاني إلا أن ينعقد إجماع على عدم جواز البيع الثاني أو بطلان البيع الأول فلا تسوغ مخالفته وما استند إليه بعض المتأخرين مما ورد في من يشتري المتاع ثم بيعه ثم يشتريه مكانه فقال إذا كان بالخيار إن شاء باع وإن شاء لم يبع وكنت أنت بالخيار أن شئت اشتريت وإن شئت لم تشتر فلا بأس مجمل لا يصلح أن يكون شاهداً لدعوى البطلان مع الشرط وغايته تحريم الشراء ثانياً وهو غير المراد وأما شراء ما باعه بعد حلول الأجل فجائز بجميع صوره ولعموم الأدلة وخصوصها إلا فيما إذا شراه بجنس ثمنه الذي باع به أو لا بزيادة أو نقصان ففي جوازه قولان وروايتان أشهرهما رواية وفتوى الجواز وجملة منها وإن كان ظاهرها الاستيفاء من المشتري ما عليه لا الشراء منه إلا أنها بإطلاقها شاملة للوفاء والشراء والأخرى وأفتى به الشيخ المنع وهي ضعيفة عن مقاومة الأخبار سنداً و عدداً و دلالة إلا أن في أحدهما النهي عن الشراء بعد الأجل مطلقاً وإنه لا خير فيه وفي الثانية الأمر بالأخذ بسعر يومه فمضمون الأولى لا يقوله أحد فحملها على الكراهة سيما بضميمة قرينة قوله لا ضير فيه خير من حملها على النهي عن الأخذ بزيادة أو نقيصة والأمر بالأخذ بسعر يومه أعم والعام لا يدل على الخاص على أن موردهما الطعام فلا تضم سائر أفراد المقام.