انوار الفقاهة-ج2-ص45
ثالثها:يشترط في البيع الجزم والتيقن في ثمن أو مثمن فلو باع شيئاً بأحد الثمنين مطلقاً أو بأحدهما على تقدير دفعه في زمان أو مكان أو حال أو وصف وبالآخر على تقدير آخر أو اشترى شيئين أحد المبيعين مطلقاً أو أحدهما على تقدير والآخر على تقدير آخر أو باع أحد الشيئين بأحد الثمنين على تقدير والآخر على تقدير آخر بطل البيع للأصل وعدم انصراف أدلة العقود جنساً ونوعاً لما اشتمل على ذلك وللغرر والجهالة ولما ورد من النهي عن شرطين في بيع وعن بيعين في بيع الشامل لفروض المسألة المؤيد بفتوى المشهور وبقاعدة الجزم في العقود المسلمة عندهم وبظاهر الاتفاق على بطلان تأثير المردد فيه على أن أثره التخيير فيه كما هو المفهوم منه فعلى ما ذكرناه لا يصح بيع شيئين بثمنين أقل وأكثر الأقل في مقابلة الحلول والأكثر في مقابلة التأجيل أو الأقل في مقابلة الأجل الناقص والأكثر في مقابلة الزائد لما ذكر وذهب الشيخ إلى أن للبائع أقل الثمنين إلى أبعد الأجلين استناد الرواية النوفلي عن السكوني وهو ضعيف لا يعارض ما قدمنا لضعفه سنداً ولإشتماله على مالا يقتضيه القواعد لأن العقد أن صح فالمذهب التخيير وإن فسد كان الثمن سحتا فدفع أقل الثمنين في أبعد الأجلين تجارة عن غير تراض وأكل مال بالباطل والاستناد إلى الصحيح الآتي غير صالح لإجماله وعدم وضوح دلالته ودعوى أنه من باب الأسباب الشرعية والأحكام القهرية جاء به الدليل لا من باب تأثيرات العقود إلا الاختيارية والنواقل الوضعية لا وجه لها لافتقار الحكم بها إلى دليل واضح وبرهان لا ئح ولا يتفاوت الحال في هذا الحكم بين بقاء العين أو تلفها ويجب مع تلفها رد المثل أو القيمة خلافاً لجمع من أصحابنا فأوجبوا أقل الثمنين في أبعد الأجلين زاد على قيمته أو نقص عنها والإجماع المنقول وهو ضعيف لمخالفته القواعد وفتوى المشهور وللصحيح من باع سلعة فقال أن ثمنها كذا وكذا يداً بيد وكذا نضره فخذ بأي ثمن شئت وجعل منفعتهما واحدة فليس له إلا أقلهما وإن كان نضرة وفيه أنه مجمل الدلالة يخالف طرفاه وسطه مشعر بما قاله الشيخ سابقاً وليس فيه دلالة على التلف بوجه وليس فيه تصريح بوقوع الإيجاب على ذلك النحو عند التزام صيغة البيع ولا وقوع القبول فليطرح أو يحمل على وقوع الترديد بالمقاولة قبل البيع وعلى إرادة الإرشاد إلى الأخذ بالأقل من النفي وما بعده أو يحمل على الأمر يأخذ ثمن معين ونفي جواز الترديد أو أنه ليس له حينئذ إلا الأقل فتأمل أو يحمل على أن الأقل هي قيمته بعد التلف أو غير ذلك وعلى القول الأول أو الأخير كان الحكم مخالفاً للقواعد فيتوقف فيه على مورد الروايات من البيع والترديد بين ثمنين وكان أحدهما حالاً والآخر مؤجلاً فلا يسري للمؤجلين قريباً وبعيداً كما سبقه بعض الأصحاب لخروجه عن مورد الرواية.