انوار الفقاهة-ج2-ص36
ثالثها:خيار الشرط الثابت به لا الثابت بفواته وهو بحسب ما يشترط لهما أو لاحدهما أوالأجنبي عنهما أولهما والأجنبي أو لاحدهما والأجنبي سواء كان الأجنبي عنهما أو عن أحدهما كل ذلك لعموم النص في العقود والشروط والفتوى والإجماع بقسميه على الظاهر والأخبار الخاصة الواردة اشتراط الفسخ على المشتري عند ر د الثمن بزمان معين فإنها بضميمة تنقيح المناط وعدم القول بالفصل وفهم الفقهاء منها أنها اشتراط للخيار من البائع لا اشتراط للفسخ على المشتري فيلزمه خيار البائع عند عدم الوفاء بالشرط يتم المطلوب والمناقشة بعموم أدلة الشروط وشمولها لاشتراط الخيار لانه ينافي مقتضى العقد من اللزوم ويحلل حراما غير مسموعة بعد فتوى الأصحاب وانصراف المحرم والمحلل بغير ما في الباب من المحرمات الأصلية المذكورة في الكتب الفقهية ومنع منافاة الخيار للعقد مطلقاً لمشروعية الإقالة فيه وهي شبيهة به أو قريبة إليه أو منع منافاته لمطلق العقد حتى للمشروط فلا إشكال حينئذٍ ولا بد من وقوع الشرط بين الايجاب والقبول أو متقدما أو متأخرأ على وجه الاتصال والبناء عليه ويجوز اشتراط الخيار في كل من العوضين وفي احدهما وفي بعض منهما لعموم الأدلة ويصح اشتراطه في زمان موصول بالعقد ومفصول عنه طويل أو قصير او موصول ومفصول معاً ويجوز اشتراط الاجتماع في اشتراط الخيار بالنسبة إلى المتعاقدين والأجنبي واشتراط الافتراق ولو ضربت صور اشتراط الخيار بالنسبة إلى الأشخاص والأحوال والأزمنة والأوصاف والكل والبعض لانتهت إلى الألوف ولا يجوز اقترانه بمدة مجهولة أو تعليقه بوصف غير منضبط وهل يصح إطلاق الاشتراط فيه فينصرف إلى الثلاثة بحكم الشرع للإجماع المنقول والشهرة المحكية عن القدماء وبعض الروايات المرسلة في الخلاف ومفهوم الصحيح الوارد في خيار الحيوان على ما قيل أو ينصرف إلى الثلاثة بحكم العرف والشرع كشف عن ذلك أو يفسد لأدلة الضرر وشهرة المتأخرين وضعف الأدلة المتقدمة سندا في الأول ودلالة في الأخير وهذا الأخير أقوى وتنزل الأخبار والإجماعات على إرادة ظهور الثلث من الإطلاق عرفا زمن الصدور وزمن نقل الإجماع وفتواهم به وهل اشتراط الخيار منهما أو من احدهما للأجنبي توكيل له منهما فينحل الشرط له إلى كون الخيار لمشترطه والوكيل على الفسخ هو الأجنبي فعلى ذلك يصح اجتماع المشترط مع الأجنبي في الخيار وينعزل الأجنبي بما ينعزل به الوكيل ويلزم عليه مراعاة المصلحة أو تمليك له فلا يشاركه المشترط ولا يصح عزله ولا ينعزل بما ينعزل به الوكيل وترثه ورثته ويصح الصلح على إسقاطه ولا يلزم عليهم مراعاة المصلحة وجهان والأوجه أن يقال انه لا توكيل ولا تمليك لما يظهر من مطاوي كلمات الفقهاء انه لا تجري عليه جميع أحكام الوكالة ولا أحكام التمليك بل هو تحكيم له من المشترط فلا يصح عزله ولا ينعزل ولا يجب فيه القبول منه ولا يصح الصلح عليه ولا يورث إلى غير ذلك مما هو المتيقن من ثبوته ونفي تلك اللوازم ولو رد الأجنبي الشرط لم ينفسخ الشرط وجازت له المباشرة بعد ذلك ويشترط تعين الاجنبي فلا يجوز جعله لواحد مردد ولا لواحد من أهل البلد أو عقلائهم أو غير ذلك للزوم الغرر وعلى أي تقدير فهل يختص تحكيمه بمشيئة الفسخ فقط فليس له الالتزام أو يعمها حتى لو التزم لم يمكنه الفسخ بعد ذلك وجهان وظاهر اشتراط الخيار الأخير ويصح اشتراط المؤامرة وهي الرجوع لأمر من شاؤا من المتعاقدين أو أجنبي أو أحدهما معه أوكلاهما مجتمعين أو متفرقين أو مختلفين في الكل أو البعض إلى غير ذلك من الصور لعموم الشروط وهل يشترط عليه اعتماد المصلحة في الأمر لشبهة التوكيل أيضا أولا وهل إطلاق الرجوع لأمره شامل لما إذا أمر بالالتزام أو يخص ما إذا أمر بالفسخ فقط والظاهر انه لا يتوقف الالتزام على الرجوع لآمره بل يتوقف الفسخ فقط ولا يجوز للمأمور ر الاستبداد بالفسخ ولا يجب عليه الفسخ عند الآمر به إلا عند أشترط الفسخ عند الأمر وأما لو اشترط الخيار عند أمره فلا ولو أمر بما فيه مفسدة لم يسمع أمره ولا يجوز متابعته إلا مع التصريح بالمتابعة حتى مع المفسدة ولا بد من تعين المدة وضبطها كما مر في الخيار المشترط والظاهر ان الأمر مثال فيشمل الإباحة والإذن والشهرة بل كل وصف وحال من أحوال المتعاقدين أو غيرهما إذا قيد بهما الخيار في مدة مضبوطة والأولى في جميعها ترك ذكر ما يوهم التعليق كلفظ إذا ونحوها بل يؤدي بلفظ عند وما ضاهاها ولا يجب الفسخ عند الأمر فورا بل لو تأخر ثم فسخ جاز على إشكال والظاهر انه لا تفاوت في جواز الفسخ بين ابتداء الأمر وبين كونه بعد الاستئجار ولو تعدد المتأمرون فإن شرط الاجتماع لم يجز الفسخ حتى يجتمعوا ولو لم يشترط ذلك فأمر أحدهم دون الآخر اتبع الأمر بالفسخ ولو أمر الباقون بعدمه والأظهر جواز جعل الاستميار لاحد الشخصين أو لواحد من قرية أو من العقلاء أو غير ذلك لعدم الغرر فيه بخلاف شرط الخيار فإنه غير جائز وتجوز المؤامرة في غير البيع من العقود على الأظهر ويجوز أن يشترطا للبائع رد المبيع في مدة معينة يرد فيها الثمن للاجماع والاخبار وعموم الادلة ويلحق بذلك لعموم الادلة وتنقيح المناط اشتراط المشتري رد الثمن عند رد المبيع من غير تفاوت فيهما بين رد الكل بالكل أو البعض بالبعض أو الاختلاف لكن مع ضبط المدة في الجميع خوفا من حصول الغرر سواء كانت مفصولة أو موصولة أو مفصولة وموصولة ويجوز اطلاق مدة الرد بإطلاق مدة الخيار ويجوز تقييد الخيار بعد الرد شهراً أو نحوه في ضمن تلك السنة لا يجوز تقييد مدة الرد وإطلاق مدة الخيار بعدها للجهالة وهل يجوز اشتراط رد المبيع برد غير الثمن أو برد ثمن آخر لمبيع آخر وبرد ثمن مبيع العين ونحو ذلك مع ضبط المدة وجهان أوجههما الجواز وأشكل منه ما إذا اشترط ذلك بوصف آخر أو حال آخر أو غير ذلك وقد تبين أن مسألة اشتراط الرد بالرد هل هو على وفق قواعد الشروط وعموماتها فيعم سائر الصور وذكر الفقهاء للأول بخصوصه لأنه مورد الأخبار أو أنه جاء به الدليل بخصوصه لكونه تعليقاً للخيار و ما يشبه التعليق فيقتصر فيه على مورد اليقين أو يفرق بين تقييده بإداة التعليق فلا يوافق القواعد وبين تقييده بظرف ونحوه فيوافق ولا يبعد ترجيح الوجه الأخير من هذه الوجوه وليعلم أن المذكور في الرواية وجملة من الفتاوى هو اشتراط الرد وظاهره انه اشتراط للغاية فينفسخ المبيع حينئذ بمجرد الرد من دون احتياج لامر آخر ولكن ظاهر جملة من الفقهاء ان هذا نوع اشتراط للخيار وان التعبير بالرد في الأخبار تعبير باللازم لتوقف الرد على الانفساخ الموقوف على ثبوت الخيار أو أنه بنفسه فسخ لدلالته عليه ولا يحتاج الفسخ للفظ والظاهر ذلك لاستبعاد كون دفع الثمن نفسه فاسخاً وحينئذ فيثبت الخيار بعد الرد ويكون تلف المبيع ممن لا خيار له بعد ذلك ولا يجبر بالفسخ فورا على الأظهر هذا كله لو وقع الاشتراط بلفظ الرد عند الرد أما لو وقع بلفظ الخيار فلا شك في توقفه على الفسخ ولا يسقط هذا الخيار بالتصرف قبل الرد لعدم حصوله قبله كالتصرف في المؤامرة قبل الرجوع إلى الأمر على الأظهر في المقامين والظاهر من إطلاق اشتراط رد المبيع هو رد نفس العين لا مثلها ولا قيمتها إلا إذا تلفت العين أو حال دونها حائل فإنه ينتقل إلى المثل والقيمة والظاهر من رد الثمن المشروط به هو رد عينه أو مثله أو قيمته سيما لو كان من النقدين لان الظاهر بل المقطوع به هو التصرف به وأتلافه لمكان الحاجة إليه غالبا بل لو كان هو موجود لا يلزم رده بعينه على الأظهر ولون شرطا عين الثمن نفسه أو مثله أو قيمته اتبع الشرط قطعا ولو رد الثمن فوجد المشتري غائبا قام مقامه الحاكم وإلا فعدول المسلمين على الأظهر وليعلم أيضاً أن التصرف مسقط لخيار الشرط ولخيار الرد بعد الرد للرواية الدالة على سقوط الشرط بإقامة الثوب في السوق للبيع وان لم يبعه ولظاهر التعليل في الاخبار والإجماع المنقول وفتوى الفحول ولو اشترط عدم سقوط خيار الشرط بالتصرف بل وكل خيار ففي صحة ذلك الشرط اشكال والأصل جريان خيار الشسرط في سائر العقود حتى الصرف والضمان خلافا لمن منعه فيهما إلا ما دل عليه الدليل كالنكاح والوقف واما الإيقاعات فالاصل عدم الجريان إلا فيما دل الدليل عليه.
رابعها:خيار الغبن وهو الخديعة وفي عرف المتشرعة هو زيادة أحد العوضين على الآخر بما لا يتسامح به عادة مع الجهل بذلك أو العقد الموجب لتلك الزيادة وهو ثابت بالإجمال المنقول وفتوى المشهور وحديث الضرار لأشعاره بالإنجبار والإرش ههنا سوى الخيار وهي بذل التفاوت كما هوالمشهور بين العلماء الأبرار وحديث تلقي الركبان المشتمل على الخيار المسبب عن الغبن كماهو الظاهر من الاخبار وقد يستدل بما جاء من تحريم الغبن والنهي عنه وقوله تجارة عن تراض ولا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه وفيه.
أولا: أن النهي للتنزيه لا للتحريم لمعارضته للعمومات الدالة على جواز البيع وغيره وهو مبني على المغالبة والمغابنة.
وثانيا: إنه لو كان للتحريم لكان مخصوصا بما فيه خدع وغرور وتدليس لحرمتها قطعا وظهور ذلك منها.
وثالثا: انه لو كان للتحريم لكان متعلقا بأمر خارج فلا يفيد شيئا.
ورابعا: انه لو تعلق بنفس المعاملة لأفاد فسادها لا عدم لزومها.