انوار الفقاهة-ج2-ص34
أحدها:خيار المجلس وإضافته من قبيل إضافة الحال للمحل فيراد به أما المجلس حقيقة لأغلبية الاجتماع فيه ويلحق غيره من موارد الاجتماع به أو يراد به الكناية عن عدم التفرق لما بينهما من التناسب أو أنه حقيقة عرفية سمي به هذا الخيار ويدل على ثبوته السنة والإجماع وأنكره أبو حنيفة ورد به على رسول الله (() ويكفي في رده رده وخيار المجلس خاص بالبيع للأصل والإجماع ويعم جميع أفراد البيع اللازمة والجائزة بالأصل والعارض وتوارد علل الجواز على معلول واحد لا بأس مع احتمال الفرق بين الجائز بالأصل والعارض فينتفي في الأول ويثبت في الثاني ويحتمل ثبوت الخيار في الجائز بالأصل عند لزومه بالعارض كالتصرف بالمعاطاة من جانب غير المتصرف وإلا فالتصرف من جانبه إلتزام أو فسخ كما سيأتي ويحتمل عدم ثبوت الخيار أصلاً للشك في شمول أدلته له وغاية خيار المجلس الافتراق بالأبدان لا بالأرواح ولا بالعقود لتعليق حكم الخيار على عدم التفرق الظاهر في ذلك كما أن الظاهر من الافتراق هو الافتراق العرفي سواء كان بمشي أو بجر أو بغير ذلك ولا يراد الافتراق الحكمي قطعاً لعدم انصراف إطلاق اللفظ إليه مع أصالة بقاء الخيار ويكفي في العرف الخطوة كما فهم الأصحاب مع احتمال لزوم تعدد الخطأ لأنه المتيقن في حصول الافتراق وللخبر مشيت خطاه ولولا الاحتياج إلى التعدد لما صدر من الإمام (() وهو أحوط ويكفي في التفرق ذهاب واحد وبقاء آخر اختياراً كما هو المفهوم من الفتوى والرواية المتقدمة ولو تناديا من مكان بعيد بحيث يعدانهما متفرقان عرفاً احتمل سقوط الخيار وبقاؤه إلى أن يتباعدا عنه أو يسقطاه وبقاؤه أو يسقطا ولو تدانيا بعضاً إلى بعض لم يؤثر التداني شيئاً غير ما كان عليه حالة العقد وخير الوجوه أوسطها ولو جن المتعاقدين فتفرقا أو سهيا أو غير ذلك من نوم أو شبهه فالأقوى القول بسقوط خيارهما أخذاً بظاهر النص والفتوى مع احتمال بقاء الخيار لهما ويتولاه الولي كما لو لم يفترقا أما الاحتمال أن تفرق العقول بمنزلة تفرق الأبدان أو لانصراف لفظ التفرق للمقص ولكنه ضعيف جداً ولو جن أحدهما فافترق عن الآخر فإن تبعه الآخر لم يسقط خيارهما وإن لم يتبعه سقط خياره قطعاً ويسقط خيار المجنون الاّ على الوجه الضعيف فيبقى خياره فقط والمكرهين لو بلغ إكراههما إلى حد الإلجاء لا يسقط خيارهما لفتوى الأصحاب ولاستناد التفرق الملجيء حقيقة فلا عبرة بتفرقها وبهذا يحصل الفرق بين الإلجاء وبين الإكراه بتهديد وتوعيد أو تقية وكذا السهو والنوم وشبهها فإنه لا يسقط في الأول ويسقط في الباقي ويشترط في بقاء الخيار مع التفرق كرهاً عدم تمكنهما من الفسخ لو أراداه فلو تمكنا ولم يفعلا قدم الظاهر هنا وعمل به وسقط خيارهما ولو أكره أحدهما على التفرق والآخر على الجلوس مع عدم تمكنهما من الفسخ كان كالأول ولو اكره أحدهما على التفرق ولم يتمكن من الفسخ ولم يكره الآخر على الجلوس سقط خياره وحيث أنه لم يتبعه وبقي خيار المكره استصحاباً للحكم السابق وعليه ظاهر الفتوى وكذا لو أكره على الجلوس دون عدم الفسخ وبالجملة فيتحقق بقاء الخيار لهما بإكراه الاثنين على الأربع وإلا سقط أو من بعض دون بعض ولو مات العاقدان بقي خيارهما وينتقل إلى الوارث واحتمال السقوط لأن مفارقة الدنيا أولى من مفارقة المجلس ضعيف وهل يبقى دائماً لعدم إمكان الافتراق منهما اختياراً أو يبقى إلى أن يحملا من ذلك المجلس تنزيلاً لذلك منزلة التصرف أو يبقى إلى أن يفترقا بحملهما أما إذا دفنا بمكان واحد فلا سقوط وجوه ولو مات أحدهما احتملا أيضاً سقوط الخيار أصلاً واحتمل بقاؤه ما دام مع الأخر في ذلك المجلس واحتمل بقاؤه إلى أن يفارقه الآخر ولو عند الاشار واحتمل سقوطه بالنسبة إلى الحي إذا امكنته المتابعة فلم يتابع أوأمكنه الفسخ فلم يفسخ بعد نقل الميت وبقائه بالنسبة إلى الميت فينتقل إلى الوارث ثم أنا لو لم نعتبر اجتماع الميت وافتراقه وقلنا بانتقال الخيار إلى الوارث احتمل بقاؤه دائماً واحتمل ثبوته فوراً واحتمل امتداده بامتداد مجلس الوارث مع الحي أو الوارثين أن كان الوارث حاضراً وإن كان غائباً امتد بامتداد مجلس وصول الخبر إليهما وإليه والأظهر هوٍ الاحتمال الثاني وكذا لو ارتفع الإكراه من المكره على التفرق احتمل ثبوته لهما دائماً واحتمل فوراً واحتمل امتداده بامتداد مجلس ارتفاع الإكراه فإن تدانيا معاً أو دنا أحدهما ولم يبعد الآخر بقي الخيار وإن تباعدا عنه سقط الخيار والأظهر الثاني ثم لو تعاقد الأصيلان فلا إشكال بأن الخيار لهما وغايته تفرقهما ولو تعاقد الوكيلان فهل يكون الخيار لهما قهراً لانهما بيعان أو يكون لهما مع تفويض أمره لهما من المؤكل أو لا يكون لهما أصلاً إلا بمجرد الوكالة في الفسخ أو الإمضاء وعلى تقديره فهل للأصيلين خيار حينئذٍ معهما أو لا معهما أو ليس لهما وجوه مبنية على تحقيق المراد من قوله البيعان فهل هما من صدر منهما العقد أو من كان لهما العقد أو الأعم وعلى كل تقدير فهل الغاية التي هي التفرق تدور مدار من له الخيار فإن، كان الوكيلان كان العبرة بتفرقهما وإن كان الأصيلان فكذلك وإن كان الجميع فالعبرة بتفرق الأربع أو الست بإضافة تفرق الوكيل عن الأصيل أيضاً وجوه مبنية على تحقيق مرجع الضمير في قوله (() يتفرقا والحق أن المدار في التفرق وعدمه على مباشرة العقد والخيار وعدمه على من كان له العقد وهو المنطبق على القواعد الفقهية ومذاق الفقهاء وإن احتاج استخراجه من الرواية إلى تكلف وإن تعاقد الوليان فالخيار لهما مع الغبطة وبدونها محل إشكال وإن تعاقد الفضوليان فأجاز المالك فإن كانت كاشفة فهل المدار على تفرقهما أو تفرق الأصيلين أو الجميع كما تقدم في الوكيلين وأن كانت ناقلة احتمل ذلك واحتمل دوران الأمر مدار تفرق المجيزين أو أحدهما مع الآخر المجاز له واحتمل دورانه مدار قيامه عن مجلس الإجازة والعاقد عن اثنين له الخيار ما دام في مجلس العقد مع احتمال بقائه دائماً لعدم حصول الغاية له مع ثبوت المغاير واحتمل عدم تعلق الخيار به أصلاً لعدم صدق البيعان عليه أو لعدم حصول الغاية له التي هي بمنزلة الوصف فينتفي الموصوف بانتفائها والاثنان على عقد واحد تجري فيه جملة من هذه الوجوه وأظهر الوجوه فيهما الوسط وفي الأول ويسقط هذا الخيار من المتعاقدين معاً أو من أحدهما في جميع العوضين أو في أبعاضهما باشتراط سقوطه على حسب ما يشترطانه في متن العقد أو قبله من غير فاصل يعتد به بحيث يبني العقد عليه أخذاً بالمتيقن من عموم أدلة الشروط خلافاً لمن أجاز الشرط مطلقاً ويسقط بالصلح على إسقاطه لعموم أدلته وهل يصح نقله بالصلح وجه والأظهر خلافه ويسقط بإسقاطه بعد العقد أو الالتزام بالعقد بعده لأنه حق مالي يصح اسقاطه كما يصح إبراءه ويسقط بتصرف أحدهما فيما انتقل إليه لدلالته على الرضا ظاهراً أو للضرار لولاه ولو علم أن التصرف ليس للرضا بل لغرض آخر أولا لغرض فوجهان ويسقط أيضاً بشراء من ينعتق عليه لتقديم جانب الحرية والحر لا يعود رقاً ويحتمل بقاؤه ويكون العتق كالتلف فيعود عليه بالمثل والقيمة واحتمال عوده رقا مطلقاً أو فيما إذا انفسخ البائع ضعيف ولو اختلفا في التصرف وعدمه كان القول قول منكره لاصالة عدمه طال الزمان أو قصر واحتمال أنه مع طول الزمان يغلب جانب الظن فيكون القول مدعيه احتمال عبرة فيه وكذا لو اتفقا على عدم التفرق وادعى أحدهما الفسخ بسبب آخر واحتمال أنه شيء لا يعلم إلا من قبله فيقبل قول مدعيه فيه ضعيف أيضاً ولو اتفقا على وقوع التفرق والفسخ واختلفا في تقدم الفسخ عليه وتأخره احتمل التعارض فيكونا كالمتداعيين واحتمل تقديم مدعي التفرق قبله لأصالة لزوم البيع واحتمل تقديم قول مدعي الفسخ لأصالة صحة وقوع لفظة هذا أن جهل تاريخهما وإل ا فتقديم ما تقدم تاريخه هو الأوجه.