انوار الفقاهة-ج2-ص30
سادسها:لو كان المقصود من أحد العوضين الشم أو الذوق أو اللمس أو الطعم وكانت أفراده مختلفة اختلافاً بيناً من الاتصاف به وعدمه ومن الاتصاف بقليلة وكثيرة وجب اختياره قبل البيع بما يرفع الجهالة من ذوق ولمس وشم وطعم أو بما يرفعها من وصفه على لسان أحد المتعاقدين أو غيرهما عدلاً أو لا على إشكال فإن طابق الوصف فلا كلام وإلا ثبت خيار الوصف ولو كان المقصود منه ما قدمناه لا يختلف غالباً وإنما يحصل الاختلاف له لحصول العوارض من طول البقاء أو قرب النداوة أو وقوعة في الماء أو شبه ذلك فالأظهر عدم وجوب الاختبار ولا لزوم الوصف بل يجوز الإقدام على مقتضى أصل الصحة ويصح البيع فإن ظهر على خلاف المعتاد من الاتصاف بالعيب أو الرداءة المورثة غبنا كان له الخيار وإلا لزم البيع وعلى ذلك جرت السيرة في جميع أنواع البيوع من جميع أفراد المبيع ولولا ذلك لما صح بيع والخبر المشتمل على سؤال الصادق (() ممن يشتري ما يذاق مذوقه قبل أن يشتري والجواب بنعم فليذقه ولا تذوقن ما لا يشتري مع الإغماض عن سنده ظاهر في بيان المنع عن ذوق مال الغير بغير إذنه إلا مع قرينة الفحوى كإرادة الشراء ومن حكم من الأصحاب بالفساد مع عدم الاختبار أراد به عدم اللزوم بقرينة تذيله في كلام من يعتد به بأنه مع عدم انطباق الوصف يثبت الخيار ومن حكم بالفساد حقيقة مطلقاً أو بالفساد مع عدم المشاهدة أو بالفساد مع إمكان الاختبار دون ما كان مع عدمه فقد خالف المشهور نقلاً بل تحصيلاً وخرج من القواعد فتوى ودليلاً وهذا الكلام كله فيما يمكن فيه الاختبار وأما ما لا يمكن فيه الاختبار من جهة المختبر أو من جهة المختبر فالظاهر سقوط الخلاف المتقدم فيه رأسا ولو أدى اختباره إلى فساده كالبيض وكثير حمالة قشر يفسد بنزعه عنه جاز أخذه نقلاً وانتقالاً من دون اختبار بناء على أصالة الصحة ولزوم البيع فيه لعموم الأدلة وفتوى المشهور خلافاً لمن اشترط في صحة النقل اشتراط الصحة ناقلاً عليه الإجماع واشتراطها مع اشتراط البراءة من العيوب أو اشتراط أحدهما لا بعينة مطلقاً أو في خصوص الأعمى لعدم الدليل على ذلك كله سوى احتمال ظهور فساد البيع بالمرة فينبغي أحد ركني المعاوضة وذلك باعث على عدم قصد المعاوضة ابتداءً وظهور عيب فيه فيلزم الجهالة وهما ضعيفان كما لا يخفى والظاهر أن ترتب الضرر ليس علة تأمله في تسويغ البيع من دون اختيار لإمكان اندفاعه بالصلح ونحوه فييقتصر فيه على ما جرت العادة ببيعه كذلك وما أفتى به المشايخ وجرت عليه السيرة فلا يسري لما أدى اختباره إلى مشقة أو إلى بذل مال أو إلى خلاف تقية أو إلى تفاوت رغبته بل هناك من العدول من البيع إلى غيره ولا يؤثر شرط الصحة أثر في الصحة بعد أن يكون المبيع مجهولاً ابتداءً لأن الغرر لا يدفعه الشرط ثم أنه لو أخذه المشتري فكسره فخرج معيباً قبل العقد أو بعده قبل القبض سقط خيار الرد وكان له الأرش على الأظهر فيهما وإن كان لمكسوره قيمة سقط الإرش أيضاً ولزم إرجاع الثمن لأنه أكل مال بالباطل سواء اشترط البراءة من العيب أو لم يشترط أو التردد فيه من بعضهم من جهة بذل الثمن على كل حال ضعيف جداً سواء اشترط البراءة أو لم يشترط وهل ينكشف فساد العقد من أصله فالنماء للبائع وعليه مؤنة حمل الرصاص لأنه ماله وقد أدخل على غيره الغرر فيه أو من حينه لصحة البيع ظاهر قبل الكسر فالنماء للمشتري وعليه مؤنة حمل الرصاص لأنه ماله إلى حين الكسر وبعد الكسر إنما صار للبائع بفعل المشتري لا بتقصير البائع أو لأنه بعد الكسر ليس لأحد لعدم ملكه لأحد وإخراجه عن ملك أيضاً بفعل المشتري مع احتمال أنه على المشتري على كل حال لأن الحمل لمصلحة لا بأمر البائع ولا بغروره أو احتمال أنه على البائع مطلقاً لأن الحمل إنما جاء من غروره والغرر من قبله والمغرور يرجع على من غره إلا إذا اشترط البائع عدم مؤنة النقل ويجوز بيع المسك بعد الفتق للأصل والعموم والإجماع بقسميه لأن النبي (() كان يتطيب به وللسيرة والنص الدال على ذلك وما يتوهم من القول بتنجيسه لابانته من حي ولكونه دماً مردود بمنع كونه قطعة مبانة وإنما يلقيه الغزال كما يلقي الطائر ولو سلم فلا نسلم بنجاسته ما في نفس الجلد إلا بعد ثبوت ملاقاتها للمسك بعد الاستحالة برطوبة وهو ممنوع وبمنع كونه دماً بعد الاستحالة وقبلها لا يضر ويجوز بيعه في فارة ولأن لم ينفتق ولا يضر جهالته بجهالته وزن الجلد بعد وزنه معه ولا عدم العلم بالصحة والفساد للأصل وارتفاع الغرر بالبناء على أصل الصحة وللسيرة القاضية بذلك ولدخوله تحت ما يفسده الاختبار ولدخول الجلد معه دخول الجزء في البيع فيصح وزنه معه ونسب الجواز ههنا إلى ؟الشيء بل نقل انه لا خلاف فيه ومع ذلك فاختباره بالشم أحوط ويكون ذلك بإدخال خيط فيه ونحوه وشمه وقد يجري حكم المسك لصدف اللؤلؤ إلا أن الأحوط كسره قبل البيع أو العدول إلى الصلح وشبهه.
سابعها: رواية رؤية بعض المبيع أو ذوقه أو شمه أو وصفه بما يرفع الجهالة كافية في اندفاع الغرر وصحة البيع للسيرة ولزوم العسر والحرج لولا ذلك ولدلالة الجزء على الكل والظاهر على الباطن غالباً فيرتفع الغرر المنهى عنه فيصح بيع المائعات مع رؤية ظاهرها وكذا الأرض والدار والعقار والحنطة والشعير وكلما تعذر أو تعسر اختيار باطنه كالنباتات والمركبات والحبوب والأدهان المجتمعات ثم بعد معرفة الظاهر فإن طابقه الباطن فلا كلام وإلا فإن خرج عن القول تبعضت الصفقة وإن خرج عن المطابقة بزيادة كان للبائع الخيار مع جهله وإن خرج بنقيصة كان للمشتري الخيار كذلك وإن خرج معيباً كان له الخيار العيب فلو اشترط شيئاً فخرج اختلافه كان له خيار الشرط وهكذا ومثل ذلك ما لم يشاهد المشتري أو البائع ما انتقل اليهما فإنه يكتفي بالوصف الرافع للجهالة من بيان نوعه وصنفه وكل وصف تختلف القيم والرغبات باختلافه من غير خلاف يعرف فإن وجد المنتقل إليه بعد ما قبضه مطابقاً للوصف فلا كلام وإلا ثبت له الخيار مع الجهل وثبت للمنتقل عنه أيضاً الخيار مع ظهور الزيادة والجهل بها ويأتي تمام الكلام في خيار الرؤية إن شاء الله تعالى وكل ما لا يدل جزؤه على كله ولا ظاهره على باطنه كصبرة البطيخ والخيار وسلة العنب ونحوها لم يجز الاكتفاء برؤية جزئه ولا ظاهره للزوم الغرر ولو أرى البائع المشتري كفاً من حنطة فباعه وزنة منها على أن يكون المرئي داخل صح وإن باعه على أن يكون المبيع مثله احتمل الصحة لأنه نوع طريق إلى معرفة البيع فيندفع به الغرر عرفاً واحتمل الفساد لأنه باع بلا وصف ولا رؤية للمبيع لا كلا ولا جزءاً فيكون داخلاً في قسم المجهول مشمولاً لأدلة الغرر واحتمل الفرق بين ما يطمئن بوجوده للرجوع إليه عند النزاع فيصح وبين ما لا يطمئن فيفسد واحتمل الفرق بين كون المبيع كلياً قد مثله بما في كفه فيفسد وبين كونه شخصياً فيصح وهذا الأخير أقوى.