انوار الفقاهة-ج2-ص28
ثالثها:يجوز بيع الجزاف مكيلاً وموزوناً مع المشاهدة لعدم الغرر وبدون المشاهدة لا يجوز للزوم الغرر لأن ما جرت العادة بمشاهدته كالحطب والتبن والماء لا يرتفع الغرر ببيعه إلا بها لعدم العلم بقدر الرطل والمن ولا يجوز بيع ما جرت العادة بكيله أو وزنه أو عدّه جزافاً كما تقدم إلا إذا كان يباع في العبارة بكل منهما فالتخيير ولو اختلفت البلدان فالمدار على بلد العقد مع اتفاقها مع بلد المتعاقدين أو أحدهما ومع اختلافها مع بلد المتعاقدين معاً فلا يبعد تقديم بلدهما ولو اختلفت بلدان العقد فلكل بلد حكمه ولو أختلف بلد المتعاقدين في وشبهها لزم الاعتبار وترجيحاً لجانب المقدر في بلده مخافة الجهالة مع احتمال التخيير بين اتباع كل منهما لبلد الآخر أو القرعة أو ترجيح الأقرب أو الأعظم من البلدين أواتباع بلد البائع في مبيعه والمشتري في ثمنه ولو أطلقا لفظاً كلفظ الحمل وشبهه مشتركاً بين الجزاف والمقدر وكان كل منهما من بلد في أحدهما الجزاف وفي الآخر المقدر أحتمل البطلان وأحتمل ترجيح المقدر مع علمهما بالاختلاف وأحتمل الأخذ بالأقل وأحتمل الأخذ بالأكثر وأحتمل الترجيح بالأقربية والأعظمية وأحتمل ترجيح البائع في مبيعه والمشتري في ثمنه وكذا لو عينا فاشتبه ما عيناه أحتمل القرعة والوجوه الباقية وفيها البعض المقدم على البعض ولو اختلفت العادة بحسب الزمان جرى على كل زمان حكمه أخذاً بالقواعد وعموم الأدلة وإطلاق لفظ المشتق وصدقة إلا انه قد نقل الإجماع على لزوم اتباع ما كان في عصر النبي (() من الجواز واللزوم فما جاز بيعه جازفاً جاز جزافاً وإن جرت العادة بكيله أو وزنه وما لزم تقديره لزم تقديره وما يباع جزافاً لزم تقديره أيضاً على نحو ما قدر وإن جرت العادة على تقديره بخلافه فيكون البيع تبعاً للعادة باطلا أمّا الحنطة والشعير فيجوز بيعهما وزناً وإن كانا في عهده مكيلين للإجماع المنقول أيضاً فيخص به الإجماع المتقدم ولولا الإجماع المنقول والإذعان له من الفحول في الأول لمنعناه من جهة لزوم الغرر في أكثر الموارد وعلى الأخذ به فالرجوع للعادة إنما يصح في مقام جهل حاله في زمن النبي (() أصلاً وفي مقام يعلم تقديره ولكن يشك في الخصوصية مع احتمال أنه مع الجهل بالخصوصية يقدم الوزن لأصالته أو احتمال أن يقدم الكيل لغلبته واحتمال التخيير واحتمال القرعة لاستخراجه وهل يراد بما كان في زمن النبي (() في بلاده خاصة أو فيما أقر أهله عليه كل في بلده فكل بلد يتبعها حكمها أو أنه إذا اختلفت في زمنه البلدان وقد أقر الجميع ممن باع جزافاً وباع مقدراً جاء التخيير إذ المدار على العادة العامة في زمنه (()وجوه أقواها الأول والأخير هذا كله في الجزاف والمقدر وأما المقدر نفسه فهل يقوم بعضه مقام بعض لحصول العلم في الجملة واندفاع الغرر بالتقدير في الجملة أولا يقوم لأن العدول عما جرت به العادة على نحو خاص إلى غيره غرر عظيم وجهان أقواهما الأخير وفي السرائر عدم الخلاف في منع بيع الموزون كيلاً فيلزمه منعه عدا بل منع المكيل كذلك بالأولى إلا أن يعرف أحدهما من الآخر فينتقل منه إليه كما إذا عرف وزن الموزون بكيله بالكيلة الخاصة لغيره أو كيله بوزنه بالوزن الخاص بغيره أن عده بوزنه أو كيله بالوزن أو الكيل الخاصين بغيره ويكون التفاوت اليسير مغتفراً كاغتفار التفاوت اليسير في الموازين والمكائيل كما ورد في الأخبار من جواز أخذ ما تقدر وزنه أو عده باعتبار في إناء واحد وأخذ الباقي بحسابه والظاهر أن المناط هو التعذر أو التعسر كما يظهر من كلام جملة منهم فيلزم الاقتصار على موردها ويظهر من بعض أصحابنا جواز بيع المكيل و المعدود وزناً لأنه الأصل في التقدير فيندفع الغرر به ولرواية وهب الدالة على جواز سلم ما يكال فيما بوزن وبالعكس ومن بعض آخر جواز بيع الموزون كيلاً لرواية وهب وكلاهما ضعيف لعدم اندفاع الغرر وللإجماع المنقول على منع الأخير ولعدم دلالة الرواية على جواز العدول وإنما موردها جواز سلم شيء في شيء لا العدول عن الشيء إلى الشيء.
رابعها:يجوز الاعتماد على خبر البائع في الكيل والوزن ولو كان فاسقاً للأخبار الدالة بإطلاقها على ذلك ويجوز الاعتماد على شهادة العدلين وفي الاكتفاء بالعدل الواحد الأجنبي قوة وأما غير العدل فإشكال وإذا تعذر التقدير لعدم إمكانه لعارض فهل يحرم البيع ويجب الرجوع إلى الصلح والهبة المعوضة أو يجوز لعموم ما لا يدرك ولان الضرورات تبيح المحذورات والأقوى الأول وقد يستنبط مما قدمنا من جواز أخذ الموزون والمعدود كيلاً بعد اعتبارهما بمكيال وأخذ الباقي بحسابه أن الضرورة مما تجوز بيع المجهول فيكون أصلاً في المقام إلا أنا بعد ما ذكرنا أن ذلك طريق من طرق العلم بالمقدر بينه الشرع للتخفيف والتفاوت اليسير مغتفر لم تبق في الروايتين دلالة على ما ذكرنا ويجوز التعويل على خبر العدل في بيان الكيل المتعارف بهذا المقدار وان هذه هي الكيلة المتعارفة أو إن معيار الوزن المتعارف هذا وفي قبول الفاسق منع الاطمئنان وجه قوي ولو جعل حاكم الوقت للكيل أو الوزن معياراً جديدا ففي جواز الأخذ به قبل شيوعية وقبل معرفة نسبته للمعيار الأول إشكال ولو اختلف حال الشيء باختلاف محاله بحسب العادة من الجزاف والتقدير كالثمرة قبل الجذ وبعده اختلف حكمها وكذا لو اختلف باعتبار وصفه كقطع الحديد الكبار التي يمكن في العادة وزنها أو كالصغار جداً لو ساغ بيعها لغرض اختلف حكم التقدير وعدمه باختلافه ولو وقع عقد صالح للبيع والصلح إلا أنه في البيع أظهر وكان على مجهول فهل يقدم الظاهر ويحكم بالفساد أو يقدم أصل الصحة فيحكم بصحته صلحاً وجهان والأظهر الأول ويخرج المقدر عن لزوم التقدير في الذهب والفضة والصفر بخروجها عن كيفيتها وصيرورتها حلية لسيف أو طلاءاً أو نقشاً للباس ونحو ذلك.