انوار الفقاهة-ج2-ص25
ومنها:أنه يجب دفع الخراج في الأرض المفتوحة عنوة وما في حكمها إذا تصرف بها أحد بزرع أو غرس إلى الحاكم الجور سواء خاف منه بعدم الدفع أم لا وسواء كان مؤمناً أو مخالفاً وسواء كان ذا طبل ورايات أم لا إذا كان متغلباً قبل للإجماع محصلاً وندرة المخالف لا تنافيه ومنقولا وللروايات المعتبرة مع انجبارها بالإجماع والشهرة والقدح في دلالتها بردة التأمل في عباراتها وفهم الفقهاء ذلك منها وحرمته على الجائر وعماله وعدم دخوله في ملكهم لا ينافي ذلك بعد إذن المالك الأصلي لما فيه من مصالح المسلمين وتقوية الدين وحفظ بيضة الإسلام وحقن الدماء والأعراض وقطع موارد الفساد من الرعية بتقوية السلطان المعد نفسه لجلب النفع والأمان واطمئنان أهل البلدان فلا يجوز حينئذ الامتناع من دفع الحصة من الخراج أو المقاسمة إليه وتحرم سرقتها وخيانتها ويجب دفع ثمنها بعد شرائها إلى الجائر ويجوز للجائر أن يبيع مال الخراج والمقاسمة وإن يحيل عليهما ويجوز لغيره قبضه منه للإجماع والمخالف شاذ وللأخبار ولفعل الأئمة (()وتقريرهم إلا فيما إذا كان الأخذ من أعوانه وعماله أو دفعه لتقوية شوكته فإنه هناك يحرم على أخذه والخراج يتعلق بالذمة وله تعلق بالعين تعلق إرش الجناية في الخطأ بالجاني والمقاسمة تتعلق بالعين نفسها وهل يضمن الخراج من عطل الأرض من غير أن ينتفع بها وجهان ولا يبعد الضمان ولو كان على الأرض متغلبان أحتمل التخيير في الدفع وأحتمل التوزيع ولو ضرب الخراج جائر فجاء آخر لزم الدفع إليه ولو بعد الفراغ من الزراعة بل لو كان على صاحب الأرض خراج من سنين متقدمة جاز دفعها للجائر الجديد إلا إذا كان الخراج قد صالح الحاكم عليه شخصاً وأخذ عوضه فإنه يجب تسليمه ممن صالح الحاكم الأول كل سنة لسنتها ويجوز التوكيل عن حاكم الجور في قبض الخراج ولا يجوز الولاية عنه ويجوز له إسقاط الخراج ودفعه عن صنف أو شخص سنة واحدة أن اختصت ولايته بتلك السنة وسنين متعددة إن لم تختص كالسلطان مع احتمال أن للأول ذلك لأن اختصاص الولاية بسنة واحدة لا يقضي باختصاص أثرها في تلك السنة ويختص جواز أخذ الخراج من يده وشرائه وتقبله والتوكيل عليه بما إذا كان معتاداً أخذه لحكام الجور فإذا تجاوز المعتاد حرم أخذه الزائد كل وجه ولا يجب بل يحرم دفعه إليه مع إمكان الامتناع لأنه إعانة على الإثم وكل من يقبل سهم مقاسة أو خراج جاز له ولا تحل خيانته وهو حلال بالنسبة إليه ما لم يكن والياً أو أخذ على غير المعتاد ولا يجب على من تقبل خراجاً أو تملكه بأي نحو كان إرجاعه إلى أهله ولو عرفهم ومع عدم التمكن من الرجوع إلى الجائر العارض أو لعدمه رجع إلى الحاكم الشرعي لولايته على مصالح المسلمين ويقوى القول بجواز الرجوع إليه ابتداءً أما على وجه التخيير سيما مع عدمة طلب حاكم الجور ذلك منه ومع عدم التقية واحتمال تعين الرجوع لحاكم الجور الخراج لتقوية الجنود والعساكر المعدة لحفظ الطرق ورفع الفساد فيتولاه الجائر المعد لذلك وليس من أموال الفقراء والمؤمنين كي يتولاه ولي المساكين الذي لا طاقة له في زمن الغيبة على الخروج بالسيف ورفع الفساد قهراً أو هو الأقوى واحتمال تعين الرجوع لحاكم الشرع ضعيف ومع عدم التمكن من المحاكمين رجع إلى عدول المسلمين المتولين لمصالحهم فإن لم يكن عزلة وصرفه في مصالح المسلمين مع احتمال سقوطه عنه لأصالة البراءة مع احتمال عدم دليل على ذلك ويجوز استئجار أرض المفتوحة عنوة من حاكم الجور والمزارعة عليها من المستأجر كما يجوز التصرف بها بإذنه مع دفع خراجها ويجوزخرص حصة السلطان من المقاسمة والخراج وتقبلها بقدر معين بصيغة الصلح والقبالة بلفظ قبلتك كما يظهر من الأخبار ولا يجوز دفع الخراج من المفتوحة عنوة إلى غير المتغلب عليها من المتغلبين على بلدان أخر للأصل ولزوم الاقتصار على مورد اليقين وبالجملة فحلية أخذ الخراج من الحاكم وعماله إذا كان على النحو المعتاد أو على النحو الذي لو كان الإمام(() حاضراَ لأخذ به بديهي تقضي به السيرة القطعية قولاً وعملاً من غير تفاوت وبين كون الأخذ من الفقراء المحتاجين أو مما يدخل عطاؤه تحت مصالح المسلمين أو لا يدخل وبين ما يكون قبل قبض الجائر أو يكون بعده ويدل على ذلك الـأخبار الدالة على جواز القبالة في الخراج والجزية وجواز شرائه من حاكم الجور واستئجار الأرض وجواز قبول جوائز الظلمة وعمالهم وإنها حلال لأخذه وإن له المنهي وعليها الوزر وجواز قبول العطاء من بيت المال كما في خبر أبي بكر الحضرمي وجواز الشراء من القاسم كما في خبر الحذاء شراء تمر عين أبي زياد والظاهر أنه من الخراج كما في خبر جميل وغير ذلك من الأخبار وأما لو لم يكن على المعتاد حرم جميعه للقاعدة والأخبار أن أخذه دفعة واحدة وإن أخذه تدريجاً أحتمل حلية الأول إلى أن يصل إلى القدر المعتاد و كذلك لا إشكال في براءة الذمة من الخراج مع الدفع إلى حاكم الجور للسيرة والأخبار نعم ربما يستشكل في ظهور الدليل على وجوب دفعه إلى حاكم الجور وحرمة سرقته وغصبه سيما مع عدم التقية وإجراء جميع أحكام الخراج الصحيح عليه قبل قبضه وبعد قبضه والظاهر أنه بعد الإجماع المنقول وفتوى الفحول وما يظهر من بعض الأخبار كقوله ويصنع بخراج المسلمين ماذا لا إشكال في إجراء حكم الخراج الصحيح عليه ولا يتفاوت بين كون الجائر مؤمناً أو مخالفاً وإن كانت الأدلة في المخالف أظهر ويجري حكم الخراج للزكاة المأخوذة بحكم الجائر فيجوز شراؤها وقبولها وقبالتها للنصوص والفتاوى وكذا شراء ما فيه الخمس ممن لا يخمس على الأقوى وهذا المقام مما يستثنى من قاعدة أن المعاوضة لو فسد أحد أركانها فسد جميعه فيجري على حاكم الجور أحكام البيع الفاسد بالنسبة إليه وإلى عماله وتجري على المشتري أحكام البيع الصحيح بالنسبة إلينا ثمناً أو مثمناً ولو أباح أحد الجائزين الخراج وطلبه الآخر أحتمل وجوب الدفع إليه واحتمل عدمه وهو قوي والظاهر أن الخراج المأخوذ من غير المفتوحة عنوة لا يجب دفعه إلى تقية ويجوز سرقته ولكنه يعادل معاملة الخراج الصحيح بعد دفعه إلى حاكم الجور وقبضه له بل وقيل تبعته له لا طلاق النصوص الواردة في حكم الخراج فجميع العقود المترتبة على الخراج يجوز لنا التصرف فيها ولا يجوز له التصرف بشيء منها ولو عاد الجائر مؤمناً بعد قبض الخراج لم يكن له التصرف فيه ويرجع أمره إلى الجائر الآخر ولو كان قد تصرف فيه فباعه على شخص بقي ثمنه في حكم الخراج وكانت عينه ملك المشتري فيجوز له التصرف فيها ما دام جائراً أو بعد ذلك.