انوار الفقاهة-ج2-ص24
ومنها:أنه لو اشتبهت الأرض المفتوحة عنوة بغيرها فالأصل أن لا تكون منها وضعاً وشرعاً إلا أن الظاهر الاكتفاء بالظن في الحكم بها كذلك فيجوز لحاكم الشرع أخذ الخراج منها بمجرد الظن الناشئ عن قول المؤرخين أو الناشئ عن استمرار أخذ الخراج منها لإفادته الظن لا لأصالة الصحة أو الناشئ من استظهار كونها كذلك الناشئ من قدم عهدها وقربها للمسلمين وكونها في أيديهم بعد أن كانت في أيدي الكفار أو الناشئ من أصالة عدم الاختصاص بالإمام (()وغيره مع قوة القول بالرجوع عند الشك إلى كونها للإمام (()لأصالة عدم الاشتراك وأصالة كون كل الأراضي للإمام (()إلا ما أخرجه الدليل هذا إن وقع الشك بين كونها مفتوحة عنوة أو كونها للإمام (()من سائر الأراضي كالشك بينها وبين أرض الصلح إذا عقد الحاكم الشرعي أو الجائر معهم على أن الأرض لهم كلهم أو لبعض دون بعض أو على سبيل التوزيع أو على أنها لنفسه أو بينهما وبين أرض الأمان عقد الأمان لهم أن الأرض لهم أو لغيرهم معيناً أو بينها وبين أرض من أسلم أهلها عليها طوعاً فأنفالهم ما داموا قائمين بعمارتها أحتمل هناك الحكم بتقديم المفتوحة عنوة لأصالة عدم الاختصاص وأحتمل عدمه لأصالة عدم الاشتراك سيما فيما كانت تحت يد أهلها فإن اليد قاضية بالاختصاص وعلى كل تقدير فالظاهر جواز الأخذ من خراجها لو أخذه الجائر حتى مع العلم بحالها لإطلاق الأدلة وأما أرض الصلح والأمان إذا عقد الحاكم الشرعي أو حاكم الجور في وجه قوي معهم أن الأرض للمسلمين فحكمها حكم المفتوحة عنوة وأما إذا عقد الحاكم معهم على أن الأرض له (() وكانت الأرض ممن انجلى عنها أهلها أو كانت مما سلموها طوعاً من دون أن يوجف عليها بخيل أو ركاب أو كانت مما لا يعلم مالكها أو كانت من الموات عرفاً لانقطاع الماء عنها أو لاستيلائه عليها أو لاستيجامها أو لاندراس رسومها لاضمحلال أهلها أو لغير ذلك فإن ذلك كله للإمام ( لا يجوز التصرف فيه حال الحضور ويجوز حال الغيبة للشيعة خاصة التصرف فيه مجاناً من دون لزوم دفع خراج أو حيازة ويملكه الحي بما يسمى أحبائاً عرفاً ما لم يسبق عليه مجيراً أو كان حريماً لعامر إلى أن يظهر صاحبه له نفس الفداء فيعود الملك لأهله وكذا الحكم فيما استعد للعمارة لنفسه لانقطاع الماء عنه أو لزوال آجامه في كونه للإمام(() ويجري فيه الكلام السابق ولو أخذ الجائر خراجاً من هذه الأراضي فالأظهر أجراء حكم الخراج عليه من جواز أخذه منه ولا يجوز للحاكم الشرعي أخذ الخراج منها بعد العلم بحالها.
ومنها:أن الأظهر أن مكة مفتوحة عنوة لشهادة السير والتواريخ بفتحها وإطلاق أهلها وتسميتهم الطلقاء وللإجماع المنقول ولما ورد من إمضاء أمير المؤمنين (()بيع دار عقيل ومن بيع جماعة من الصحابة وعدم الإنكار عليهم وحينئذ فيجوز بيع دورها المتجددة أو المصاحبة لآثار متجددة سواء كانت في ارض أموات أو معمورة ولا يجوز بيع دورها الباقية على حالها وقت الفتح لأنها للمسلمين كافة ومنع الشيخ من جواز بيع دورها لتحريم منع الشيخ الحاج من سكناها المنقول عليه الإجماع بلفظ لا ينبغي والوارد فيه إلا الأخبار المتكثرة ضعيف لا يعارض ما قدمنا ولا منافاة بين جواز ملكها ووجوب إيواء الوافدين من الحجاج والزائرين احتراما لهم وإعظاماً لحقهم بل ربما يكون ذلك شاهداً على الملك إذا لم يتعلق بها حق الملك لما كان لتحريم منع الحاج خصوصية وتساوت المسلمين فيه على مقتضى القواعد ودعوى منع بيعها لكونها مسجد استناداً للآية لأنه اسري به من بيت أم هانئ ولبعض الأخبار الضعيفة ضعيف لا يعارض ما قدمناه مع أنه يلزم إما كونها مسجداً مع انتقاء لوازمه وعدم احترامه أو كونه مسجداً مع إجراء حكم المساجد عليه وكلاهما بعيد ومفتقر إلى دليل قوي وليس فليس.
ومنها:أن المأخوذ من المفتوح عنوة أو غيرها من المشتركات حتى الأوقاف العامة من طين أو لبن أو آجر أو حجر يملكه الأخذ بنية الملك للسيرة القاضية بإجراء حكم الأملاك عليه كان عليه أثر التصرف أو زال منه ولا يعود بزوال أثر التصرف إلى أصله وحينئذٍ فالأحجار المأخوذة من الأرض المفتوحة عنوة والمصنوعة منها والطين المأخوذ للبناء مما يجري عليه حكم الملك فإذا وضع في الأرض ملكت الأرض تبعاً له ويجوز بيعه مستقلاً ومنضماً معمولاً أو غير معمول كتراب بلد الحسين (() وشبهه.
ومنها:أن الأظهر لزوم الخمس في الأرض المفتوحة عنوة لعموم الغنيمة لها وربما ظهر من بعضهم نقل الاتفاق عليه إلا أن الظاهر سقوطه في زمن الغيبة وتحليله للشيعة للأخبار الدالة على تحليل الأراضي التي هي لهم لشيعتهم وللسيرة المستمرة على عدم إخراج خمسها في الحضور والغيبة مع عدم الإنكار من العلماء الأخيار.