انوار الفقاهة-ج2-ص23
ومنها:أن الأرض المفتوحة عنوة كما لا يجوز التصرف بعينها لا يجوز التصرف بمنافعها ولا نقلها لعدم اختصاص وجه دون إخراجها إلا ما جرت به السيرة ودل عليه نفي العسر والحرج من غير ذلك حفر الآبار ونصب الخيام و كذلك بناء الدور والقرى إذا لم يكن مفتوحاً لمصلحة من مصالح المسلمين ولا يجوز التصرف بها بزرع أو غرس يعتد به من دون إذن من حاكم الجور في حال الغيبة أو حاكم الحق في حال الحضور اقتصاراً فيما خرج عن قاعدة حرية التصرف بمال الغير من دون إذن على مورد اليقين ولا يبعد التخيير بين ما دل على جواز الرجوع إلى حاكم الجور من الأخبار والسيرة القطعية ومن أنها ملك للمسلمين فتصرف في مصالحهم من حفظ الطرق وقطع مراد الفساد ومحاربة الأعداء من الكفار والبغاة والمتصدي لذلك في حال الغيبة هو حاكم الجور بين ما دل من الاستقرار القطعي واشارت إليه جملة من الأخبار من قيام المجتهد المطلق الجامع للشرائط مقام الإمام (()فحكم بالتخيير في الدفع إلى أيهما شاء وإن لم يوجد معا استأذن التصرف فيها عدول المسلمين فإن لم يكونوا تولى التصرف بنفسه وقام بما يلزمه صرفه بنفسه أيضاً ولما كان الرجوع إلى حاكم الجور مخالفاً للقواعد والضوابط ومنافياً لما دل على البعد من حكام الجور وحرمة إعانتهم والتحبب لهم والركون إليهم لزم الاقتصار فيه على مورد اليقين من السلطان المتغلب على ذلك المكان بجنده وعسكره المعد نفسه لحفظ ذلك الثغر من الأعداء وقطاع الطريق بحيث يعد المتصرف أنه من رعيته ومن المشمولين لدولته ولا عبرة بغيره ممن بعد سلطانه أو ضعف حالة بحيث لم يبق له من رسم السلطنة إلا الاسم كبعض أولاد العلماء المتصدين لدرك الفتوى ولا يشترط فيه أن يكون متصدياً لما يراد من إمام الحق وكونه ذا جماعات وأعياد ورايات وروايات وطبل وقضاء وعمال ولا أن يكون من العامة المخالفين ولا أن يكون ممن يرى أن أمر الأراضي ومصالح المسلمين بيده لإطلاق الدليل وللزوم الحرج والضيق وفساد نظام أكثر العالم لو اقتصرنا على ذلك فإن أكثر أهل الأطراف متغلبون كخراسان وهند وكثير من بلاد الإسلام ولزوم الخراج المتعدد وتحريم المعاملة على ما يدخلهم من جهة التسلط حرج عظيم لأن اسم الجائر في الأخبار وكلام الأصحاب يعم كل متغلب طلب الاستقلال لنفسه وكذا لفظ السلطان كما يظهر من كلام أهل اللغة أيضاً وفي إسناد المقاسمة والأخذ في الروايات وقوله(() لو لم يأخذه لأخذه غيره وقوله (() فتصنع بخراج المسلمين ماذا يدل على عموم الحكم لكل سلطان ومع ذلك فالجائر غاصب ظالم في أخذه ضامن للمال ولا يحل التصرف له بشيء من الأرض من خراج أو مقاسه أو إقطاع أو إحالة أو عطاء شيء مما يأخذه من نمائها لأنه غاصب لمنصب الإمام (() وإن لزم الرجوع إليه وجاز الأخذ منه إقطاعاً وخراجاً ولا منافاة بين حرمة تصرفه ووجوب الرجوع إليه اقتصاراً في حرمة التصرف بمال الغير من دون إذنه على مورد اليقين وجوز بعض المتأخرين التصرف للشيعة فقط في الأرض الخراجية في حال الغيبة من دون رجوع إلى الحاكم الجور أو إلى حاكم الشرع استناداً إلى الأخبار المتكثرة الدالة على أن الأرض لهم (() وإن شيعتهم في حل ورخصة من التصرف فيها عند عدم تمكنهم وإن ما كان في أيدي غيرهم فإن كسبهم حرام حتى يقوم قائمهم (()فيأخذ الارض من أيديهم ويخرجهم منها صغره ولا معارض لها مما يدل على حرمة التصرف بها حال الغيبة فيخص ما ورد من التوقف على أذنهم بزمان وجودهم وبسط يدهم وهو جيد إلا أن ظهور الأخبار في أرض الموات بعد فهم الأصحاب منها ذلك مما لا يكون المحيص عنه.
ومنها:إنا بعد ما قلنا أن المفتوحة عنوة تملك تبعاً لآثار التصرف المتجددة لا القديمة لان حالها حاُلها إذا كانت في زمن الفتح وإنها تنتقل تبعاً للملك فهل يراد بالآثار ما يعم الزراعة أو يختص بغيرها ظاهر الفتوى وجملة من الأدلة اختصاصها بغيرها وظاهر بعض الأخبار وفتوى بعض الأخبار عموم ذلك للزراعة أيضاً مع قيام المشتري بخراجها والأقوى الأول لانصراف العموم في الفتوى والرواية لغير الزراعة ولقيام السيرة على المنع من بيع أراضي المزارع وإجراء حكم الأملاك عليها ونقلها ما دام الزرع فيها على أن يكون ملكها ونقلها كذلك محدودان بذلك الحد لا على أن الزرع مملك لها دائماً والنقل مملك له دائماً ويكون عودها لملك المسلمين بعد ذهاب آثار التصرف حكماً شرعياً وعليه تنزل الأخبار المجوزة للشراء ولا بأس بذلك وإن كان بعيداً عن ظاهر النصوص والفتاوى وهل يجب في التصرف المملك أن يستند إلى إذن حاكم الجور أو الشرع إذا كان في أرض الزراعة أو الغرس لأنه بدونه منهي عنه أو لا يشترط لان، حرمة التصرف لا تنافي الملك لأنه من الأسباب الشرعية والأحكام الوضعية فلا تنافيه الحرمة العارضية بل والذاتية وجهان والأول أظهر ويظهر من بعضهم جواز بيع المفتوحة عنوة وإن لم يكن للبائع فيها أثر إذا قام المشتري بخراجها لما يظهر من بعض الأخبار ذلك وحمل أخبار النهي على صورة ما لم يقم بذلك ويظهر منه أيضاً أن البيع جائز من دون توقف على إذن حاكم الجور أو الشرع حال الغيبة وهو ضعيف مخالف لظاهر كافة فقهائنا (( ) ومنها: