انوار الفقاهة-ج2-ص22
ثانياً:فالأولى أقوى وعليه فلو وقع الشك في كون الأرض معموراً وقت الفتح أو خراباً فإن كان عليها يد مسلم أو عليها ولا يدعي ملكيتها لعدم العلم بحالها أو كانت معمورة ويضرب عليها الخراج أو كانت شبه المعمورة للقرب إليها أو للعلم بتعميرها في كثير من الأزمنة ككثير من أراضي الكوفة فالظاهر الحكم بعمارتها وقت الفتح لحصول الظن بذلك من أخذ الخراج لأنه يفيد الظن بذلك غالباً لا لأصالة الصحة لعدم جريانها مع العلم بكون الأخذ غير محق مع احتمال ذلك حملاً للمسلم على أقل القبيحين من فعله ولحصول الظن بتعميره سابقاً لعلو الهمم السابقة في التعمير حتى أنه قلما يوجد موضع لم يكن معموراً سابقاً والظاهر كفاية الظن في المقام لعدم إمكان الوصل إلى العلم ولزوم عدم إجراء حكم المفتوحة عنوة في جميع الأراضي إلا ما قل منها لعدم اليقين بعمارتها وقت الفتح وهذا خلاف الإجماع كما قيل وحينئذٍ فالحكم بخرابها وقت الفتح لأصالة تأخر التعمير ولأصالة عدم الاشتراك في الملك ولأصالة عدم وجوب دفع الخراج ولأصالة أنها تحت اليد بعد دخوله تحتها الملكية وإن لم يعلم السببية ضعيف لا يعارض ما تدبر القرآن لم تكن معمورة أو شبهه المعمورة ككثير من أراضي العراق البعيد عن السكنة والخالية عن الآثار المفيدة للظن بسبق عمارتها كدور خربة أو قرية كذلك قريبة إليها أو أبار أو أنهار عتيقة كذلك فالحكم بكونها مواتاً وقت الفتح للاستصحاب وكونها للإمام (()لأصالة عدم الاشتراك هو الأقوى وكذا الحكم في كلما علم أن عمارته في الأزمنة المتأخرة وإن لا أثر له باق من الزمان المتقدم إلى حين التعمير أما ما علم خرابه وعمارته سابقاً وشك في السابق منهما فهو ملحق بالمعمور حينه وإن كان الآن خراباً.
ومنها:أن المراد بالمفتوحة عنوة هو ما فتحها سلطان الحق أو نائبه العام أو الخاص أو ما كان مأذوناً به منه ولو بالفحوى أما ابتداءً أو انتهاءً لموافقة الفتح للمصلحة الإلهية لأن إظهار كلمة الإسلام أمر مطلوب لدى الإمام (()وعند الملك العلام كفتوحات الأمويين والعباسيين والسلاطين من الموافقين والمخالفين ويدل على ذلك السيرة القطعية بأخذ الخراج من سائر المفتوح للخلفاء ومعاملة خراجها كخراج المفتوح بإذن الإمام (()من دون نكير وقوله (() في الصحيح أن جميع ما فتح عنوة بعد النبي (() حكمه حكم أرض العراق فإن أرض العراق أمام الأراضي يفعل في جميعها ما فعل أمير المؤمنين (()فيها وقوله (() في بشرى النبي (() للصحابة حيث برقت برقة من ضربة الصخرة فأشرقت بها أطراف بلاد المسلمين بأنهم يملكونها وفي عد خراسان والشام منها تأييد لما ذكرناه وقد يقال بالاقتصار في المفتوحة عنوة على ما فتح بالإذن الابتدائية خاصة بل الصريحة اقتصاراً على مورد اليقين في دخول الأرض في ملك المسلمين وتحكيماً لما دل على أن المأخوذ بغير إذن الإمام (()قهراً أو غلبة فهو له من الأنفال والتزام تنزيل المتيقن من أنه فتح عنوة كأرض العراق على إذن الإمام (()أو على أن في الجيش كان الحسنان (()كما في بعض السير والآثار وهو قوي إلا أن الأول أقوى لما قدمنا ولإمكان تخصيص قاعدة كلما أخذ بغير إذن الإمام(() فهو له بغير الأراضي أخذاً بعموم أن ما أخذ بالقهر من أرض الكفار فهو للمسلمين أو ظهور تلك القاعدة في غير الأراضي وعلى كل حال فلا يبعد جواز اجراء حكم الخراج الصحيح على الخراج المأخوذ من يد الجائر من جميع تلك الأراضي وإن لم يعلم الإذن فيهما للسيرة الدالة على معاملة خراج جميعها معاملة المأخوذ بالإذن بل لا يبعد القول بجواز أخذ حاكم الشرع الآن الخراج منها لدلالة تلك السيرة على جواز اخذ الخراج منها للحاكم للحق.