پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج2-ص20

خامسها:ويشترط في العوضين أيضاً الاستقلال في الملكية فلا تصح المعارضة على ما للبطون اللاحقة فيه كالوقف عامة وخاصة إذا كان مؤيداً للإجماع المنقول وفتوى المحققين من الفحول وللأصل المقطوع بأصله ولمنافاة النقل لحقيقة الوقف المتلقي عن الشرع لأخذ الدوام فيه وكونه حبساً للعين المنافي لنقلها فيكون كالتحرير للمملوك ولتعلق حق الأعقاب فنقله أكل مال بالباطل ولإقدام الواقف على تأييده واشتراك الذراري به وعدم نقله وقد نقل مستفيضاً أن الوقف على ما يقفها أهلها وللأخبار الواردة في وقوف الأئمة الناهية عن البيع والشراء والهبة قيل ولظهور منعه بين الناس حتى النساء والأطفال كاد أن يلحق بالضروريات ولخصوص بعض المعتبرة فيمن شري وقفاً بجهالة قال لا يجوز شراء الوقف ولا تدخل الغلة في ملكك ادفعها إلى من وقف عليه قلت لا أعرف لها رباً قال تصدق بغلتها فعلى ما ذكرناه لا يجوز بيع الوقف العام أرضاً أو غيرها لتعلق حق جميع الموقوف عليهم من الموجودين والمعدومين به ولشبهه بالعتق إن قلنا بخروجه عن ملك الواقف ودخوله في ملك الله تعالى إلا في بعض الصور على وجه يأتي إن شاء الله تعالى فإن كان الموقوف أرضاً وجب إبقاؤها بحالها مهما أمكن الانتفاع بها على تلك الحال الموقوفة من دار أو حمام أو مسجد وإن عرض لها عدم الإمكان بحيث حصل اليأس من الانتفاع بها بتلك الجهة أجرها المتولي في جهة أخرى متحرياً للأقرب فالأقرب كالانتقال من الدار إلى إلخان ومنه إلى الحمام ومنه للزراعة محافظاً على الآداب اللازمة للمسجدية لو كانت مسجداً فينتقل منه إلى إيجارها للأعمال المشابهة للعبادة الخالية عن تلوثها بالنجاسة وتصرف أجرتها ونماؤها فيما ماثلها من الأوقاف فإن تعذر المماثل صرفت في غيره فإن تعذر غيره من الموقوفات العامة صرفت في مصالح المسلمين هذا إن كانت الأرض من غير المفتوح عنوة أو منها وبقيت آثار التصرف وإلا عادت عند خرابها للمسلمين كافة وإن كان الموقوف غير أرض فإن بقى على حالة وأمكن الانتفاع به في خصوص المحل الذي أعدله لزم الانتفاع به كذلك وإن لم يبق على حاله بحيث لم يمكن الانتفاع به بوجه كرضاض الحصير والبارية الموقوفين في المساجد وغيرهما وبعض أجزاء الخشب والفراش جاز نقله بعوض وشراء ما ينتفع به في ذلك المحل الموقوف فإن لم يمكن ففي غيره مقدماً للأقرب فالأقرب لأن المنع من بيعه هنا مع اضمحلاله يوجب العبث والسفه مع احتمال الرجوع في مثل ذلك إلى حكم الإباحة كالملك بعد إعراض المالك عنه أو الرجوع إلى ملك المسلمين كافة تصرف في مصالحهم أو الرجوع إلى المالك الأول ومع عدم معرفته يكون مجهول المالك وما ذكرناه أولاً أقوى إلا مع عدم إمكان البيع أيضاً فاحتمال الرجوع للمسلمين كافة هو الأقوى وإن بقي على حالة أو على حالة ينتفع به إلا أنه لا يمكن الانتفاع به في الجهة المعد لها فهناك يلزم الانتفاع بها في المماثل مقدماً الأقرب فالأقرب وإلا فغير المماثل وإلا ففي منافع المسلمين كافة فإن تعطل نفعها بجميع الجهات فإن خشي عليها من التلف جاز بيعها أو شراء وقف آخر عوضها مقدماً الأقرب فالأقرب فإن لم يمكن الشراء صرفت في وجوه البر عيناً أو قيمة وإن لم يخش عليها قوى القول بجواز بيعها أيضاً كذلك إلا أن القول ببقائها في مكانها وعدم التعرض لها إلى أن يحكم ولي الأمر فيها بحكمه هو الأسلم ولا يجوز أيضاً بيع الوقف الخاص مطلقاً خرب خراباً لا يرجى عودة أو كان يرجى وسواء وجد من يراعيه بعمارة أو لم يوجد وسواء حصلت ضرورة من الموقوف عليه إلى ثمنه أو لم تحصل شديدة كانت أو غير شديدة وسواء حصلت فتنة بين أربابه من جهة أو لم تحصل وسواء أمكن تداركها أم لم يمكن وسواء اجتمع فيه خلف الأرباب وخوف الخراب الناشئ عنه أم لا أو اجتمع فيه خوف الخراب والحاجة الشديدة بالأرباب أو لا أو اجتمع فيه خوف الخراب للخلف بين الأرباب وكون البيع أعود لهم أو لا وسواء حصلت من الموقوف عليه بسببه فتنة للفساد أو لم تحصل وسواء حصلت ضرورة منه أو ضرورة إليه أو أعودية وأنفعية بيعه للموقوف عليه أو لا وسوى تولي بيعه الموقوف عليهم والواقف أو الحاكم الشرعي وسواء صرف ثمنه على الموجودين من الموقوف عليهم واشترى به شيئاً ويجعل وقفاً يسري نفعه للأعقاب ملاحظا فيه الأقرب فالأقرب إلى مراد الواقف كل ذلك للأدلة المحكمة المتقدمة ولا يُعارضها مذهب المجوز للبيع عند خوف الخراب أو الحاجة الشديدة بالأرباب حتى نقل عليه الإجماع ولا مذهب من جوزه عند الخراب الذي لا يرجى عوده وكونه لا يجدي نفعاً ونقل عليه الإجماع ولا مذهب من جوزه عند خوف الخراب الناشئ عن الخلف بين الأرباب ونقل عليه الشهرة ولا مذهب من جوزه عند الخلف بين الأرباب المؤدي إلى الفساد والخراب للصحيح فيمن وقف أرضاً وجعل للإمام فيها الخمس أنه يبيع ذلك ويصل الثمن إليه وفيما إذا كان بين الموقوف عليهم من هذه الصيغة اختلافاً شديداً فإن كان ترى أن نبيع هذا الوقف وندفع إلى كل إنسان منهم ما كان وقف له فكتب أن كان قد علم الاختلاف فيما بين أصحاب الوقف بيع الوقف فإنه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال والنفوس وربما يستند إلى أن المقصود من الوقف استيفاء المنفعة فإذا تعذر جاز بيعه تحصيلاً للغرض وإن الجمود على الغير مع ذلك تعطيل للمال وتضييع لغرض الواقف ولا مذهب من اكتفى بالأعودية والأنفعية في جواز البيع بل مجرد الحاجة كما في الخبر عن بيع الوقف إذا احتاج إليه الموقوف عليهم ولم يكفهم ما يخرج من الغلة قال نعم إذا رضوا كلهم وكان البيع خيراً لهم ولا غير هذه المذاهب مما نقلها الأصحاب لضعف دليلها عن مقاومة ما ذكرناه أما الإجماع المنقول فمعارض بإجماع مثله أولا وبأنه قابل للحمل على غير الوقف المؤبد المنشر من الأوقاف المنحصرة أهلها كما نزل الحلي كلام القوم وأخبارهم عليه وربما أشعر به ذكر الخلف بين الأرباب والقسمة عليهم وأما الشهرة المنقولة والمحصلة فإن أرادوا بها البسيطة فهي ممنوعة لعدم تحققها على قول خاص وإن أرادوا بها المركبة من أقوال المجوزين فهي غير حجة أو لا بل أن المشهور بل المجمع عليه على عدم الأخذ بها ههنا لعدم إفادتها حكماً سوى الجواز المشترك بين كل الأقوال ولا يقول به أحد وأما الأخبار ففي سند بعضها ضعف وهي مشتركة في عدم أخذ قيد الدوام في الوقف وفي ظهور الانحصار وفي الموقوف عليهم فلا يكون من المؤيد ويختص الأول منها باشتمال صدوره على جواز بيع حصة الإمام من غير داع ولا يقول أحد بجواز بيع الوقف من دون داع فلا بد من حمله على كون الوقف عليه فقط لا الوقف الدائم أو على عدم كون الحصة موقوفة عليه ويراد بموقوفة في كلام السائل موقوفة الثبوت والاستقرار لا الوقف بمعناه وعلى عدم قبضه بها أولا ويختص أيضاً باشتمال عجزه على جواز بيع الواقف له وإعطاء الموقوف عليهم الثمن وكلاهما بعيد جداً لأن القائل بجواز البيع إنما يجوز للموقوف عليهم لا للواقف ولأن بيعه وشراء وقف آخر مكانه كما حكم به جمع من أصحابنا أولى من تفرقة ثمنه كما في الرواية ولأن القواعد تقضي بخلافها من التنزل على مراتب الاضطرار عند خوف الفتنة وحصول الاختلاف من إيجار بعضهم من بعض أو من خارج أو المهاباة مع القرعة أو الصلح على منفعته مدة بمدة أو الصلح على منفعة بعض ببعض ولأن الخلف لازال ولا يزال واقع بين أرباب الوقف فتجويز بيعه لذلك يفضي إلى جواز بيع الأوقاف في جميع الأعصار وسائر الأمصار وهو بعيد عن الاعتبار وظواهر الأخبار فحمل هذه الرواية على بيعه قبل قبضه بقرينة أن المتولي للبيع هو الواقف أولى ويختص الثاني بعدم القائل ممن يعتد به سوى المفيد( () بمضمونه من تجويز بيع الوقف إذا حصل الرضا من أهله وكان خيراً لهم أو كانت لهم ببيعه حاجة إذ قلما يخلو وقف عند ذلك ولم يزل أهل الأوقاف مدينون ومحتاجون والبيع بالنسبة إلى الموجود منهم خير له من بقائه لقلة الانتفاع أو لثقل خراجه ومذهب المفيد( () شاذ لا يلتفت إليه وأيضاً فهو دال على كون الثمن لأهل الوقف ينفقونه عليهم مع أن الأوفق بالقواعد شراء وقف آخر بثمنه وجعله مكانه جمعاً بين الحقين وحينئذ فحمل الروايتين على كون البيع قبل القبض أو على كون الوقف محصوراًَ بطائفة أو أشخاص معلومين فيكون من المنقطع الأول فيعود حبساً أو على كونه من قبيل وقف المعاطاة الخالي عن الصيغة أو على كونه من الوقف المحدود بأجل أو عمر الواقف فيعود حبساً أيضاً أو على كونه من المنعقد بصيغة الحبس وشبهها وإن لم يكن محصوراً هو الأوجه لأن طرح الصحيحة الأولى بالكلية بعد فتوى كثير من الأصحاب بمضمونها وبعد نقل الإجماع على مضمونها لا معنى له والأقرب إلى العمل بها حملها على الحبس كما فهمه كثير من أصحابنا ولإطلاق الوقف عليه سيما لو كان بصيغته فإن كان على محصورين ولم يقرن بمدة كان جواز بيعه على مقتضى القواعد لجواز عقدة وإن كان على جهة قربة عامة أو مقروناً بمدة كان جواز بيعه خارجاً عن مقتضى القاعدة إلا أنه في صورة الاختلاف المؤدي إلى الخراب أو كونه لا يجدي نفعاً يجوز للرواية الصحيحة وفتوى الكثير والإجماع المنقول ويتولى الواقف البيع والصرف على المحبوس عليهم كما هو مورد الرواية والأظهر أن الوقف الخاص كالعام في جواز بيعه لا يمكن الانتفاع به بجهة أو بغيرها كالرضاض ويشتري بثمنه ما يقرب إليه فيكون وقفاً مع احتمال جواز صرف حاصلة على الموجودين من أربابه أو على وجوه البر أما لو أمكن الانتفاع به في غير تلك الجهة لم يجز بيعه وانتفع به لجهة أخرى مع ملاحظة الأقرب فالأقرب ولو وقف على قوم غير منحصرين ولكنهم متصفين بوصف خاص فانقرضوا أمام احتمال رجوعه إلى الواقف وعوده وقفاً على المسلمين كافة وجواز بيعه وصرفه في وجوه البر والاحتمال الوسط أوجه.

سادسها:ويشترط في العوضين أن لا يكونا أو أحدهما مباحاً لم يدخل في ملك أحد كالكلأ والماء والسمك والوحش سواء كانت في أرض الإمام (() أو المسلمين أو لبعضهم مع عدم المحصورية أو مع المحصورية ولم يكن الماء من نمائها كالبئر وشبهه وفي الحشيش إشكال ويلحق بالكلأ القصب والبردي وكل ما نبت على الأظهر ويدخل في المباح ما كان مملوكاً فأعرض عنه صاحبه ولو طرأت على المباح الحيازة صار مملوكاً وجاز بيعه وأما طرق المسلمين وأسواقهم ومقابرهم وحريم بلدانهم وقراهم وسورهم ومطرح ترابهم فلا يبعد إلحاقها بمباح الأصل وإن كان للمسلمين فيها حق الاختصاص ما دام لهم فيها حاجة فإذا بطلت حاجتهم زال حق الاختصاص عنها ويمكن الحكم بملكيتهم لها فإذا بطل الانتفاع بها في الوجه الخاص بهم صرفت منافعهم الجديدة في مصالح المسلمين ويحتمل رجوعها كأرض الموات ولو عمر أحد شيئاً من أطرافها حيث لا يضاد منفعتها المطلوبة ملكه تبعاً ويبيع الأرض في الحكم إذا كانت وقفاً عاماً أو خاصاً سواء وصل المالك إلى الماء بالحفر أو لم يصل لأن الأسفل يتبع الأعلى في الملكية وكلما يتجدد من الماء يملكه مالك الأرض لحيازته له بإعداده الموضع القابل لحيازته له مع قصده ذلك ولو حفر حافر بئراً في أرض مباحة بالأصل أو في طرق المسلمين أو في أراضيهم المشتركة مع عدم تضرر المسلمين به ملك ماءها مع نية التملك ومع دفعه لا يملك نعم له حق الاختصاص مع عدم النية والقصد وكذا من حفر بئراً في أرض مملوكة أو مباحة بنية حيازة الماء ملك الماء الداخل فيها وإن لم يعمل لسيده من أمره عملاً لفتوى المشهور وللسيرة القطعية والمنع من المالك مطلقاً أو مع عدم السيد ضعيف وأبار النجف الآن من هذا القبيل نعم الخارج عنهن إلى غيرهن بمنزلة المال المعرض عنه وكل ما يلزم من الامتناع عنه العسر والحرج من المياه التي في الطرق من الأراضي المتسعة يجوز التصرف فيه واستعماله على نحو ما جرت العادة به وإن كان مملوكاً سواء أذن المالك أو لم يأذن بل ولو منع للسيرة الدالة على رضا المالك الأصلي يملك المعدن في الأرض المملوكة تبعاً لها ولو تناهى في العمق على الأظهر ويملك في الأرض المباحة مع النية.