پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج2-ص19

رابعها:مما يشترط في العوضين أن لا يكون أحدهما أم ولد لمالكها قد علقت منه وهو مالك لها كلا أو مالك لها بعضاً كالأمة المشتركة أو المبعضة سواء نقلها كلاً أو بعضاً وسواء كان الولد بارزاً أو حملاً وسواء كان من وطء محرم في حيض أو محلل وسواء علم به الناقل أو جهل كل ذلك للإجماع المنقول وفتاوى الأصحاب بل الظاهر أن الإجماع محصل في جميع ما قدمناه وللأخبار الناهية عن بيع أمهات الأولاد القاضية بالفساد لتعلقها بذات المعاملة وما ورد في بعض الأخبار من أن حدها حد الأمة مطرح أو مأول أو منزل على موت الولد سميت بذلك لعلاقة ما كان ولو علقت أم الولد منه وهي غير مملوكة ثم ملكها لم يحرم بيعها اقتصاراً على مورد اليقين من النص والفتوى وأخذا بما ينصرف إليه الإطلاق منهما وبما جاء من الأخبار المتكثرة في مقام البيان وغيره الدالة على ترتب الولادة على شرائها وانتقالها الظاهرة في أن العلوق كان في ملكه وكذا لا يحرم بيعها لو مات ولدها في حياة أبيه للنص والفتوى بل الإجماع على الظاهر هذا إن يخلف ولداً فإن خلف ولداً احتمل المنع من بيعها مطلقاً لصدق أمهات الأولاد عليها وجوازه مطلقاً لانصرافهن إلى الولد الصبي ولأنه من مورد اليقين ولتصريح الأخبار برجوعها إلى الرق المحض عند موت ولدها من غير تفصيل بين كون ولد الولد وارثاً فيحرم بيعها لمكان ميراثه وبين أن لا يكون فيجوز وجوه أقواها الوسط لعدم ثبوت أن الحكم معلل بأنها تعتق من نصيب وارثها واستثنى الأصحاب وجملة من الأخبار من دليل المنع من بيعها جوازه في ثمن رقبتها مع إعسار المولى عنه بأن لا يكون عنده ما يفي به عنها زائداً عن مستثنيات الديون والظاهر أن الحكم بالجواز عام لإعساره عن كل الثمن وعن بعضه وعام لبيعها كلها إذا توقف الوفاء عليها ولبعضها إذا حصل الوفاء به وعام لما استمر استحقاق البائع له بنفسه أو كان منتقلاً عنه بضمان وشبهه وعام للدليل الحال أو المؤجل قبل حلول أجله وإن كان في الاقتصار على الدين الحال قوة وعام لحياة سيدها ومماته لشمول إطلاق رواية عمر بن يزيد لهما وللإجماع المنقول على الشمول والشهرة المحصلة والمنقولة فلا التفات إلى القول بعدم جواز البيع بعد موت سيدها بل توقف إلى بلوغ الولد بعد تقويمها فإذا بلغ جبر على ثمنها وإذا مات قبل ذلك بيعت في ثمنها ولا إلى القول بهذا بشرط وجود دين آخر ولا إلى القول بعودها بولدها وفاءً وبقاء ثمنها في ذمة سيدها إن لم يكن له مال سواها ولا إلى القول بالفرق بين حياته ومماته فلا تباع في الأول وتباع في الثاني كما أختاره جملة من الأفاضل وقد يستثنى من دليل المنع صوراً أخرى مبنية على عدم كون دليل المنع تعبدياً بل أما من جهة حق المولى فإذ غلب عليه حق آخر مقدماً على حقه قبل علوقها كحق رهانه أو حجر فلس أو حق جناية على العين أو شفعة لو جرت على المملوك أو نذر وشبهه أو اشتراط عليه أو ضمان متعلق بها أو خيار أو استطاعة منحصرة بها أو بعد علوقها كأسرها بعد خروج المال عن الذمة أو لحوقها بدار الحرب فاسترقت وربما يلحق بالأول لو وطأها المالك قبل قسمة الميراث فكانت بالقسمة نصيب غيره أو وطأها بعد أن بيعت فضولاً فأجاز بعد الوطء بناءً على الكشف فيهما وأما من جهة احترامه فيجوز بيعها لكفنه وحنوطه ومؤن تجهيزه مع عدم الباذل ولذوي مرضه وللإنفاق على من وجبت عليه نفقته ولبقاء كفره مع تجدد إسلامها أو إسلام أحد أبويها مع نقصها وتعلقها له وإصابتها عليه عمداً وإما من جهة احترامها فيجوز بيعها بعد إباقها أو ردتها أو لنفقتها أو لكل ما يدفع الضرر عنهما أو لتعجيل عتقها بالبيع على من تنعتق عليه أو بشرط عنقها أو لانحصار وارث المشتري بها وإما من جهة رجاء عتقها من نصيب ولدها فيجوز لانقطاع الرجاء من النصيب لاستغراق دين أو لعدم قابليته للإرث من قتل أو كفر أو غير ذلك وهذه كلها محل تأمل وإن كان القول في بعضها قريب لقوة دليله فيرجح على دليل المنع لأن ما بينهما العموم من وجه أو ينصرف دليل المنع إلى غيره ولكن التعدي عما عليه إطلاق الأخبار وفتوى المشهور لا يخلو عن القصور وأما ترجيح عمومات حفظ دماء المسلمين أو أعراضهم أو حفظ بيضة الإسلام وشعائره والأماكن المحترمة على دليل المنع فيجوز بيعها لذلك لا وجه له قطعاً لأنا لو حكمنا هذه العمومات لخربنا في الفقه تخريبات ولجاز بيع الأحرار بل وجميع ما أفسدت بيعه الأخبار وفتاوى الأخيار وفي جواز شرائها ممن يرمي جوازه وجه سيما من كافر أو مخالف إلا أن الأوجه خلافه سيما من المجتهدين المتخالفين في الفتوى.