انوار الفقاهة-ج2-ص8
ثالثها: يشترط في العاقد صحة ولزوما كونه مالكاً فلا يصح تصرف العبد لعدم ملكه نعم لو أذن له مولاه صح في مال المولى والأظهر صحة عقده لو وكله الغير على بيع شيء أو شرائه من الغير أو على شراء نفسه وإن لم يأذن المولى بل ولو منع والحرمة لاستلزام الفساد ههنا لان حرمة نصرفه بلسانه إنما جاء من أمر خارج فلا يفيد فساداً ووكالة الغير له وإن كانت فاسدة لكن عقده بها بصحتها إذن المالك وبحكم المالك الأب النسبي دون الرضاعي ودون المنخلق من ماء الزنى والجد للأب قريباً أو بعيداً مع وجود الأب ومع عدمه فإن لهما معاً في العقد على الصبي مميزاً أم لا وعلى المجنون والسفيه المستمران من قبل البلوغ إلى ما بعده على تلك الحالتين ولاية إجبارية لا تراعي بالمصلحة نعم لو أفسدا بطل تصرفهما فيما أفسدا به ولا ينعزلان ولو بلغ الصبي عاقلاً رشيداً زالت ولايتهما عنه فلو عاد إليه الجنون عادت ولايتهما عليه على الأقوى مع احتمال استصحاب زوالها فتكون للحاكم واحتمال الاشتراك بينهما وبين للحاكم وأما السفه ففي عودها وجهان والأحوط اجتماعهما مع الحاكم في التصرف ولهما أن يتوليا طرفي العقد ولاية وأصالة منهما لعموم الأدلة وفتوى الأصحاب من غير معارض سوى ما يتخيل من استدعاء العقد فعلاً وانفعالاً وفاعلاً وقابلاً وهو غير متحقق وهو مردود بأن الاختلاف ومن جهة الحيثية والمغايرة الاعتبارية كافية في المقام وهل يقدم الأب على الجد مطلقاً أو العكس أو تساويهما ومع الاقتران يبطل العقدان أو بشرط عدم التعارض أما معه فيقدم الأب أو يقدم الجد وجوه أقواها ثبوت ولايتهما وتقدم الجد عند التعارض أما الأول فلعموم الأدلة وأما الثاني فلما دل على تقديمه في النكاح مستنداً لقوله أنت ومالك لأبيك وتنقيح المناط وعموم العلة في الخبر وما دل على أن ولي النكاح وهو ولي المال يثبت تقديمه في كل عقد ولا يعارض ذلك قوة ولاية الأب في كثير من المواضع لقصرها على موردها كالعقوق وشبهه ولاية أولى الأرحام لتخصيصها بما قدمناه أو حملها أو محمولة على أن من أسباب الأولوية القدم أو الولاية على الولي ولو تعارضت الجدود فهل الأقرب أولى لآية [ أولي الأرحام ] أو لا لفحوى تقدم الجد على الأب وجهان ولا حكم لوصي أحدهما مع الآخر ومع عدمه فهل ينزل وصي كل واحد منزلته أو يقدم وصي الأب وجهان ويحكم الأب والجد الوصي عن أحدهما الجامع لشرائط الوصاية أو وصي الوصي مع الإذن منهما له بالوصاية فإنه ينفذ تصرفه بنقل أو انتقال بل بالفسخ والإقالة والتغيير والتبديل لأن الوصاية ولاية لا وكالة على الأظهر في مال الطفل أو المجنون المستمر جنونه من الصبا إلى البلوغ والسفيه كذلك ولو زال الجنون وعاد ففي عود ولايته إشكال وأشكل منه ما إذا زال السفه فعاد والأحوط الجمع بينه وبين الحاكم في التصرف ولو فقد الوصي كان الحاكم المنصوب نصباً عاماً أو خاصاً أو أمينه قائماً مقام المالك فإن فقد قام مقامه عدول المسلمين فإن فقد قام مقامهم فسقتهم إذا عرفوا من أنفسهم الأمانة ولهؤلاء التصرف بمال الصغير والمجنون استمر جنونه أو انقطع فعاد و كذلك السفيه وبمال الغائب عند خوف الفساد عليه بنظر أهل الخبرة وبمال الممتنع من أداء الحق المخلوقي أو الخالقي وفي إلحاق العاجز عنه وجه قوي ويشترط في جواز تصرف الوصي وما بعده أما خوف الفساد أو جلب المصلحة اقتصاراً على مورد اليقين في ثبوت ولايتهما بخلاف الولي الإجباري فإنه يكتفي في تصرفه عدم الإفساد والظاهر الاكتفاء بالمصلحة التي أدى إليها النظر ولو أخطأ واقعاً لم يضمن المخطئ إلا إذا قصر بالنظر نعم يستثنى من اشتراط المصلحة جواز اقتراض ولي الأطفال دون غيرهم على الظاهر من مالهم لنفسه دون غيره مع الملاءة بأن يملك وفاء القرض زائداً على المستثنيات في الدين متمكناً منه عند الوفاء واقعاً بحصوله للنص وفتوى الأصحاب وظاهر إطلاقهما عدم اشتراط شيء آخر إلا أن الأحوط لزوم الأشهاد وخوف الفساد وجعل رهن على المال أو ضامن في المال ولو اقترض من دون الشرط المتقدم لم يخرج المال عن ملك المولى عليه وضمنه وتصح العقود المترتبة عليه إذا كان فيها ربح ويكون الربح للمولى عليه بل تصح مطلقاً وإن لم يترتب عليها ربح أما لأنه ولي فينفذ تصرفه أو لأنه فضولي تكفي فيه الإجازة الإلهية أو تعبداً للنصوص والظاهر أن للولي أن يقوم على نفسه مال المولى عليه إذا كان من أهل الخبرة من دون إحضار مقوم ويملكه من دون صيغة ناقلة لو قبض بنية المعاطاة وإن كان الأحوط إجراء الصيغة أو المعاطاة ويقوم الوكيل مقام موكله في التصرف فإن عين له جهة أتبعها وإلا وجب عليه مراعاة الغبطة والمصلحة ولا يكفي عدم المفسدة ولا يجوز له الاقتراض مع الملاءة والقياس على الولي بط ويجوز له تولي طرفي العقد وكالة عن اثنين أو أصالة ووكالة لعموم الأدلة وفتوى الأصحاب والإجماع المنقول والشك في شمول الأدلة بعد فهم الأصحاب وحكمهم بدخوله في ذلك الباب لا وجه له عند أولي الألباب وإن كان الأحوط لمن يريد أن يعقد عن اثنين توكيل غيره عن نفسه أو عن غيره وإيقاع العقد معه والأظهر أن يقال أن الوكيل لا يدخل في إطلاق أمر الموكل ببيع أو شراء أو عطاء أو تفريق على غيره ما لم ينص الموكل على ذلك لان غرض الموكل المماكسة والمغابنة وفعلهما في الوكيل مع نفسه مما يستبعده الموكل من النفس الإمارة وفي الأخبار ما يدل على المنع وفي بعضها لا يدنس عرضه وفي بعض آخر المنع من أخذ الوكيل على التفريق ممن يعمه اللفظ المأمور به سهماً لنفسه إلا مع الإذن له وبالجملة فظاهر الخطابات بالنسبة إلى أهل العرف والعادات خروج المتكلم والمخاطب عن إطلاق المأمورين بالنقل إليهم وإعطائهم بل وعمومهم وينعزل الوصي والوكيل والحاكم ونحوها عن الولاية بالموت والجنون والسفه والإغماء ولا ينعزل الولي الإجباري وإن بطل تصرفه فولي الولي يكون من الولي مع احتمال العزل فيه وعلى كل حال فالولي الإجباري تعود ولايته عند ارتفاع مانعها وكذا الحاكم ومن قام مقامه ولا تعود ولاية الوصاية ولا الوكالة للإجماع المنقول وفتوى الفحول ولأن عقد الوصاية والوكالة لا يقضيان بالعموم في الأزمان كي يخرج منه ما يقطع بخروجه منه ويبقى الباقي كما تخيله جمع بل الظاهر أنهما يتعلقان بزمن الوقوع وينجز فيما بعده بالاستصحاب فإذا انقطع الاستصحاب استصحب القاطع إلى أن يثبت مزيلة والظن أن فسق الوصي والوكيل فيما تؤخذ في وكالته العدالة يبطل الوصاية والوكالة ولا يعودان بالتوبة لما قدمنا وكذا ما علق على صفة فزالت ثم عادت نعم لو حصل مانع عن إيقاع موجب الوكالة قضى به الحكم الشرعي كالإحرام العارض لمن وكل على النكاح والاعتكاف العارض لمن وكل على البيع وغير ذلك لم يزل موجب الوكالة ويصح التصرف عند زوال المانع وقد يحصل الشك في بقاء موجب الولاية أو الوكالة فيما لو وكل شخص في تزويج امرأة مطلقاً فتزوجت وعادت خلية أو في تطليقها كذلك أو كان وصياً لأحد الأبوين مع وجود الآخر الناقص فكمل فزالت وصاية الوصي ثم عاد للنقص فهل تعود وصايته والأظهر في هذه الصور عدم العود ويضاف الأول أن المانع فيه أيضاً لفظي ولو وقع عقد الوليين أو الوكيلين في زمان واحد بأن أتحد زمان آخر القبول منهما أو ممن عقدا معه وكانا مختلفين في جهة العقد لا يمكن الجمع بينهما بطلا للتضاد بينهما وعدم إمكان الجمع وعدم جواز تزويج أحدهما من غير مرجح في غير ما دل عليه الدليل ويحتمل صحتهما موقوفة على الإجازة من الأصل بالنسبة إلى الوكيل ومن أحد الوليين بالنسبة إلى عقد الآخر تنزيلاً لعقدهما منزلة الفضولي لصدوره من أهله في محله ولا مانع سوى التضاد فبارتفاعه بالإجازة وأبطال الآخر يؤثر العقد أثره وأما احتمال القرعة أو التنصيف بينهما جمعاً بين العقدين كالجمع بين الدليلين فيضعف جداً لأن القرعة إنما تخرج المشتبه ظاهر المعلوم واقعاً وليس كذلك والتصيف يؤدي إلى إبطال مقتضى العقد لا إلى أعماله ولو وقع العقدان وجهل تاريخهما فالأظهر أنهما بمنزلة معلوم الاتحاد ولو علم تاريخ أحدهما تأخر عنه المجهول على الأقوى ولو علم السبق واللحوق وشك في السابق فليس إلا الصلح أو القرعة ولو وقع عقد الأصيل والوكيل دفعه مع اختلافهما رجح جانب الأصيل لأنه كالعزل له مع احتمال البطلان أيضاً ولو أمكن الجمع بين العقدين المختلفين كما إذا عقد وكيل عن شخص على واحد وعقد وكيله الآخر على آخر وكان وكيلا ذلك الآخر عن المشتري أيضاً فإنه يمكن هنا مع عدم اعتبار النية يصح العقدان أو الأول فقط ولكن الحكم بذلك لا يخلو من إشكال ويتحقق الاختلاف باختلاف المشتري أو باختلاف الثمن وإن اتحد المشتري أو باختلاف الحلول والأجل أو باختلاف الخيار وعدمه أو نقصان أجله وزيادته أو باختلاف الاشتراط لشيء واشتراط عدمه واحتمال صحتهما في القدر المشترك وصحة مشترط الزيادة من خيار أو أجل أو شرط فيما إذا وقع أحدهما مطلقاً والآخر مقيداً أو كان كل منهما مطلقاً من جهة مقيداً من أخرى لا ينافي قيد أحدهما الآخر اوجه والأوجه البطلان ومن الاختلاف الاختلافُ في العقد كصلح وبيع أو إجارة وجعالة وإن أتحد أثرهما مع احتمال الصحة وكونهما بمنزلة العقد الواحد الصادر من الوليين فإن الأقوى فيه الصحة وليست الأسباب الشرعية بمنزلة العلل الحقيقة لا يجري فيها التعدد فلا بأس بتعدد الإيجاب من واحد أو من آحاد من الأولياء واتحاد القبول أو تعددهما من المتعددين إيجابا وقبولاً دفعة واحدة من الأولياء من الطرفين إذا كان جنس العقد واحد والمعقود عليه واحد والمولى عليه واحداً.