پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج2-ص4

سادسها: ما ذكرناه من إفادة المعاطاة النقل وإنها بيع هو الأظهر من الدليل لصدق البيع عليها لغة وعرفاً وصدق التجارة عن تراض عليها أيضاً وأظهر أفراد التجارة في الأعيان هو البيع بل ربما يقال بشمول أوفر بالعقود لها بناءا على شمول العقد للقول والفعل المقصود به الربط والظاهر من العقد الناقل للأعيان هو البيع وللسيرة القطعية القاضية بجريان حكم النقل للأعيان عليها من دون نكير من الأئمة (()وأصحابهم من مواريث ووصايا وأخماس وزكاة ونفقات وأوقاف وعتق ولان المعلوم بديهة قصد الملك بها حين صدورها فلو لم يحصل كان أكل المال بها أكل مال بالباطل بل المعلوم بديهة أجراء حكم البيع عليها وصدق أنه باع واشترى عند المعاملة بها فظهر حينئذٍ أنها عقد تفيد التمليك وأنها بيع لا عقد مستقل ويدل على ذلك حصر الفقهاء للنواقل في أنواع محصورة ولم يذكروا المعاطاة منها نعم هي من أقسام البيع الجائز بالأصل للأصل والإجماع بقسميه ولأن المعهود من السيرة والطريقة إجراء حكم الجواز عليها حتى لو أريد اللزوم عدلوا عنها إلى الصيغ الخاصة ويجب الوفاء بالعقد على ما هو عليه فالقول بلزومها استناداً إلى أصالة اللزوم في البيع ضعيف كما أن القول بفسادها وعدم ترتب أثر عليها لا يعول عليه بل هو مخالف للإجماع بقسميه على الظاهر ومخالف للسيرة القطعية من لدن سيد البرية نعم لو قرنت المعاطاة بغير الصيغة الخاصة وقصد النقل بتلك الصيغة لا بها كان العقد فاسداً للأصل وعدم الدليل عليه خلافاً لمن أجاز كل صيغة دالة على المطلوب لخلو الأخبار عن ذكر الصيغ الخاصة وهو ضعيف لأن خلو الأخبار إنما كان للاكتفاء من الصيغة بالمعاطاة والألفاظ العامة يؤتى بها معها للدلالة على ذلك لا لقصد النقل وليس خلوها للاكتفاء بكل لفظ دال على المراد كما يشهد به الوجدان وذهب جمع من أصحابنا إلى أن المعاطاة إنما تفيد إباحة للتصرف لا تمليكا للعين ولا نقلاً له نعم تفيد نقلاً وتمليكاً ولزوما عند التلف أو التصرف على وجه البيع أو غيره ونسب ذلك للمشهور ونقل عليه الإجماع وهو بعيد عن مذاق الفقاهة مردود باستلزامه أموراً تنافي القواعد الفقهية والأصول الشرعية كاستلزامه عدم تبعية العقود للقصود لأن القصد الملك مع أن الأثر الإباحة واستلزامه كون التصرف مملكاً قهراً لكل من الجانبين من دون نية وهو بعيد سيما مع عدم إذن المالك فيه لان قصده الإباحة واستلزامه كون التلف مملكاً مع انه قبله لا ملك لعدم حصول سببه وبعده ملك معدوم ومعه بعيد عن موارد المملكات الشرعية ولاستلزامه الحكم بعدم الملك قبل التصرف أو التلف المقطوع بهما لاستصحاب البقاء مع الشك مع قضاء الضرورة بجريان حكم الأملاك ولاستلزامه كون التصرف من جانب والتلف منه ناقلاً للجانب الآخر قهراً وهو بعيد ولاستلزامه كون وطء الجارية غاصباً لأنه أن الملك قبل الوطء بنية التصرف كان خارجاً عن قواعد النقل وإن ملك معه أو بعده كان واطئاً لغير المملوك من غير تحليل ولاستلزامه كون النماء عند حدوثه إما مملكاً لنفسه دون الغير أو مملكاً لهما أو غير مملك حتى يتصرف بالعين فيملكها أو يملكه تبعاً أو لا يملك أصلاً وكلها خلاف القواعد وخلاف البداهة من إجراء حكم الأملاك ابتداءً أو ملكه بالتصرف فيه على نحو العين بعيد لخفاء شمول الأذن له واستدامة أن العين لو تلفت أو تصرف بها الغاصب فإن ملك تصرف الغاصب لأحد الجانبين أو كلاهما كان عجيباً من تصرف الغاصب مملك له وإن لم يملك كان بمقتضى القواعد أن على القابض المثل والقيمة دون المسمى وهو خلاف ما عليه الفتوى والعمل وقد ينزل في كلامهم لفظ الإباحة على إرادة الملك دون اللزوم لظاهر قولهم أنها تفيد إباحة وتلزم بالتصرف ويكون على نحو قولهم بإباحة المساكن والمتاجر ونبغي أن يعلم أنه على ما اخترناه من كونها بيعاً أنها تجري عليها أحكام البيع من خيار وشفعة وصرف وسلم وعدم جواز الربا وعدم كون العوض مجهولا وغير ذلك سوى ما خرج بالدليل من الجواز وعدم اللزوم ويمكن إلحاق جواز الجهالة بالعوض بذلك لما نقل من أن سيرة المسلمين على ذلك وثبوت الخيار يمكن الحكم به مع الجواز إذ لا بأس باجتماع علل الجواز في مورد واحد لأن العلل الشرعية معرفات ويمكن الحكم به بعد التصرف واللزوم ولكن يكون مثبتاً للجانب الأخر لأن التصرف من جانب المتصرف مسقط لخياره وكما يجري عليهما أحكام البيع ههنا يجري عليها أحكام العقود الأخر إذا قامت مقامها لأنها فرد من أفرادها والقول بأنها عقد مستقل كالصلح يقوم مقام العقود كقيام الصلح مقامها ولا يشترط فيها شرائط العقود للأصل بعيد عن مقتضى الأدلة وعلى ما اخترناه فانصرافه لكل عقد إما بالبينة أو بالظاهر القائم مقامها من أن الأصل في نواقل العين البيع وفي نواقل المنافع الإجارة ولا فرق في جريان أحكام البيع بين كون الدفع من الجانبين أو من جانب واحد لقضاء السيرة بذلك وعلى القول بالإباحة فلا شك أنها قبل التصرف على ظاهر قولهم أمانة بيد قابضها وإنها تلزم من الجانبين بعد التصرف والتلف ولو من جانب واحد وإنها تلزم بالمسمى المأخوذ فيها ولكن لم يعلم أنها تعود بيعاً حينئذٍ أو عقداً مستقلاً أو حكماً شرعياً ثبت للتصرف والتلف وجوه خالية عن المأخذ وكالبيع فهل يجري أحكامه حينئذٍ عند التصرف أو من ابتدأ المعاطاة فيكون التصرف كجزء السبب وجهان وإن كان على القول بالإباحة أوجههما الأول ثم لو ترادا قبل اللزوم على كلا القولين رجع كل مال إلى صاحبه ووجبت التخلية ولا يلزم أحدهما الآخر بمؤونة الرد ولو فسخ أحدهما فأدعى الآخر اللزوم قبل ذلك بسبب خاص أو مطلقاً فالقول قول منكره ثم أن التصرف الملزم على كلا القولين يراد به ما ينافي الرد على وجه التمامية قطعاً كنقصان في عين أو صفة أو تغير هيئة أو خلط أو مزج لعين بأخرى أو غير ذلك مما يؤثر تغيراً وما لم يؤثر تغيراً كبعض الانتفاعات والتصرفات فإن كانت ناقلة بناقل شرعي لازم فكذلك على ظاهر الفتوى وإن كانت جائزة فهي كالتصرفات غير المؤثرة كالمقصود منها النفقة أو الحفظ أو لمزيده حسنا فلا يبعد عدم اللزوم بسببها لاستصحاب الجواز مع احتمال أن الأصل اللزوم عند الشك في بقاء الجواز أو إن التصرف كله بمنزلة الرضا فيفيد اللزوم كما في التصرف في زمن الخيار ولكنها لا تخلو من نظر وتأمل لإطلاق الدليل بأن الحدث مسقط للخيار بخلافه ههنا لبنائه على حديث الضرار ولأن الرضا هناك مسقط للخيار بخلافه في المعاطاة فإن الرضا والإسقاط لا يفيدها لزوماً على الأظهر ولان استصحاب الجواز لا يعارضة ههنا دليل لزوم البيع فظهر ضعف الأول أيضاً ومثل التصرف بالعين التصرف بالنماء في حصول اللزوم بالنسبة إلى العين نفسها وبالنسبة إليه ويجري فيه الإشكال المتقدم على القول بالإباحة والتصرف بالمنافع والنماء جائز على كلا القولين إلا أنها أن كانا متصلين كان حكمهما حكم العين وإن كانا منفصلين فإن تلفا فلا ضمان على كلا القولين سواء فسخا عقد الإباحة والتمليك أو ابقياه لتسليط المالك غيره عليهما وإن كانا باقيين فليس للدافع الرجوع به على القول بالملك لملك القابض له سواء فسخ العقد الصادر على العين نفسها أو أمضاه وله الرجوع به على القول بالإباحة قبل لزومها قطعاً وبعده على إشكال وتلف بعض العين كتلف جميعه في تأثيره في اللزوم واحتمال اللزوم فيما قابلة فقط ضعيف لحصول الضرر بالرد في البعض دون البعض ولو وقع تلف وفسخ واختلفا في السابق واللاحق فإن علم تاريخ أحدهما حكم بتأخير الأخر وإلا أتجه القول بتقديم مدعي الفسخ أولاً لأصالة صحته واستصحاب الجواز اليه واحتمال تقديم قول مدعي التصرف والتلف لأصالة صحته وحليته للزوم وتصرف أحد المتعاقدين فيما أنتقل منه لا يؤثر على القول بالإباحة أثر أو على القول بالملك فهل هو فسخ وجهان ولو شرط أحدهما على الأخر عدم اللزوم بالتصرف كان منافيا لمقتضى العقد على القول بالملك فيتجه الفساد وعلى القول بالإباحة ففي بقاء الإباحة وجهان وكذا لو شرط أحدهما على الأخر عدم التصرف بوقت خاص أو حال خاص فعلى القول بالملك يبطل الشرط وعلى القول بالإباحة ففي بقائها بالنسبة إلى غيره وا للزوم به وجهان:

سابعها:لو حصل النقل بغير الصفة الخاصة أو المعاطاة أو غيرهما مع عدم إمكانهما كان العقد فاسداً لا يترتب عليه أثار العقد الصحيح وكان المقبوض مضمونا على قابضة للإجماع نقلاً بل تحصيلاً وللمشهور نقلاً وتحصيلاً وللخبر المستفيض المنجبر بالفتوى والعمل وهو على اليد ما أخذت حتى تؤدى والبحث في دلالته على الوجوب أو على العموم في الأخذ والمأخوذ أو على العموم للعين والمثل والقيمة أو على العموم للمأخوذ بنفس اليد وغيره أو على العموم للمأخوذ بالقهر وغيره ضعيف بعد فهم الأصحاب والإجماع المنقول في الباب وللقاعدة المشهورة فتوى والمعمول عليها والمنقول عيها الإجماع إن ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وظاهرها الضمان بالقيمة لا بما أقدم عليه من المسمى كما قد يتخيل وما أن جعلت عبارة عن العقد أفادت العموم بالنسبة إليه وكانت بالنسبة لأفراد المضمون قضية مهملة وإن جعلت عبارة عن المعقود عليه أفادت العموم بالنسبة إليه وكانت بالنسبة للأفراد الغير المعقود عليها كالنماء وشبهه قضية مهملة وإن جعلت عبارة عما يتعلق به العقد أصالة أو تبعاً أفادت العموم للجميع وكانت دليلاً على ضمانه إلا أن في دلالتها على ذلك نظر وتأمل وعلى كل حال فالمقبوض من العوضين و نمائهما المتصل والمنتقل ومنافعهما المستوفاة وغيرها كلها مضمونه على القابض سواء أتلفها بنفسه أو لا وإن كان تضمنه النماء الذي لم يدخل تحت يده لحصوله بعد ذهاب الغير منه بيد غاصب آخر أو بلا وضع يد عليه لا يخلو من إشكال ولا يتفاوت الضمان بين كون المتعاقدين عالمين أو جاهلين أو مختلفين مع قصد المعاوضة وعدم تسليط أحدهما للآخر مجاناً فيجب رد العين ولو مع الأجرة مع الغرور وتجب التخلية مع عدمه مع ترابعها الجوهرية والعرضية ما لم تكن من ماله وكان معذوراً فإنه يضرب بقيمتها إن بقيت ويدفع مثلها أو قيمتها إن تلفت بعد الرد ويجب مع تلف العين من القابض رد المثل عرفاً إن كانت تسمى مثليه عرفاً أما لتساوي أجزائها في الحقيقة النوعية كما في قول أو لتساوي قيمة أجزائها كما في قول آخر أو تساوي أجزائها وجزئياتها كما في وجه ثالث أو لتساوي أجزائها أو منفعتها وتقارب صفاتها كما في قول رابع أو لكونها مما يقدر بالكيل والوزن كما في قول خامس أو