انوار الفقاهة-ج2-ص2
ثالثها: اختلاف الفقهاء في الحدود وليس للاختلاف في المحدود كما قد يتخيل في بادي النظر بل الغالب في الاختلاف إنما يكون في التأدية من المعنى الواحد بحسب الكثرة والقلة والأوصاف والأحكام لأن غرضهم بيان المعنى برسمه والإشارة إليه بحيث يعرف عن غيره فمنهم من يقتصر على ما يكفي به للفقيه ومنهم من يبطل لزيادة التنبيه وأجود ما يقال أن البيع نقل بلفظ خاص أو ما يقوم مقامه معاطاة أو إشارة مع عدم التمكن لعين لا لمنفعة ولا لحق متميز في الخارج أو كان ديناً في الذمة أو كلياً مملوكة فعلاً أو قوة كالكليات أو تقديراً بعد البيع كمن باع ثم ملك في وجه للمالك العاقد أو وكيله أو فضولية معلومة بالمشاهدة والتقدير مقدوراً على تسليمها بعوض عين أو منفعة لا حق على الأظهر معلوم بالمشاهدة أو التقدير من شخص إلى غيره تحقيقاً أو تقديراً على وجه التراضي أو الجبر القائم مقامه من الحاكم ونحوه فلا يصح بيع المنفعة ولا الحق لعدم صدق البيع وللأصل والإجماع مع الشك في شمول الدليل نعم يجوز جعل المنفعة ثمناً لعموم الأدلة دون الحق على الأظهر ولا بيع لا يملك أو ما لا يملك إلا مع إجازة المالك أو المالك الحقيقي ولا بيع ما خلا عن العوض أو ما كان عوضه غير قابل للمالك ولا بيع المجهول ولا الممتنع تسليمه وتسلمه ولا بيع الإكراه بدون إذن المالك الحقيقي إلى غير ذلك مما يخرج البيع عن اسمه أو يخرج عن حكمه.
رابعها: قد يكون البيع بالصيغة الخاصة ولا يكفي كل صيغة كما ذهب إليه بعض الأعلام لخلو الأخبار عن بيانها وعدم التعرض لها وهو مردود بأن الاكتفاء عن ذكرها إنما لشيوع المعاطاة وقيامها مقامها وللاكتفاء بكل لفظ دل على ذلك بحيث يكون الناقل نفس اللفظ دونها ويشترط فيها الصراحة بدلالتها عليه وضعاً مطابقة أو الأعم منه أو الأخص على أن يكون مجازا مشهور متعارفاً أو مشتركاً لفظياً أو معنوياً تخصصهما القرينة ولا يجزي غير الصريح وإن دخل في الاشتراك المعنوي كبدلت ونقلت وعوضت ولا المجاز غير المشوب كوهبت ولا الكناية كانصرفت وودعت ويجزي بعت وأسلمت وملكت وشربت ولا يصح في القبول أذعنت وتحملت ويجزي قبلت لصراحتها وللإجماع وكذا تملكت وابتعت واشتريت ولا يبعد الاكتفاء بما كان كقبلت مثل رضيت ونحوها والمنع في ذلك كله للشك في شمول دليل العقود والبيوع لغير الصيغ المتعارفة بل الظن بعدم شمولها لفتوى الأصحاب وظواهر الإجماعات المنقولة في الباب على عدم إجزاء كل لفظ وإبقاء الدلالة على عمومهما يلزم منه كون الخارج أكثر من الداخل وحينئذ فيدخل في العام شوب الأجمال ويسقط به الاستدلال ويشترط فعلية الصيغة وما ضويتها وعربيتها مع إمكان مباشرة العربية بنفسه وموافقتها للقواعد النحوية والصرفية مع إمكان مباشرة ذلك بنفسه وترتيبها سواء وقع القبول بلفظ قبلت أو بغيرها وإن كان المنع في الأول أظهر ويشترط المطابقة بين الإيجاب والقبول ثمنا ومثمناً وعدم الفصل الطويل بينهما كل ذلك اقتصاراً على مورد اليقين في السببية من العقود المتعارفة في العرف العام والدائرة على السنة الأعلام والأظهر سقوط جملة من هذه الشرائط مع عدم الإمكان بنفسه والأحوط مراعاة التمكن من التوكيل أيضاً وعدم التمكن من عقد آخر بضنه يقوم مقامه ويشترط أيضاًَ تنجيزها فلا يصح في العقد التعليق لظهور العقد في المنجز والشك في سببية المعلق ويشترط التعيين فيها فلا يصح الترديد فيها بين صيغتين أو بين ثمنين أو مبيعين لما ذكرنا وهل يشترط ذكر المعقود عليه لفظاً أو يكفي الإشارة إليه أو اضمارة وجهان أحوطهما عدم كفاية الإضمار.