انوار الفقاهة-ج1-ص30
سابعها:إذا استأجر أرضاً للزرع وعين مدة يعتاد حصاده فيها صح فإن استحصد في تلك المدة فلا كلام وإن تأخر حصاده لعارض من حر أو برد أو قلة ماء فالأوجه لزوم إبقائه على المالك في الأرض مع الأجرة جمعاً بين الحقين لأنه لم يكن الإبقاء مستنداً لتقصيره مع احتمال أن للمالك قلعه مع أرش النقصان جمعاً بين الحقين أيضاً واحتمال أن له قلعه من دون أرش لعدم بقائه بعدة المدة بحق إلا أن الأول أقوى وأما الزارع فلا شك في أنه له قلع زرعه عند انتهاء المدة وإن لم يستحصد والأوجه أن الأرش عليه للأرض لو تعيبت لأنه عمل مأذون فيه مع احتمال أن له ذلك جمعاً بين الحقين وإن تأخر حصاده بتفريط المستأجر كما إذا زرع ما يبقى بعد المدة عادة أو غير ذلك فلا حق للزارع لدخوله تحت قوله ((): (ليس لعرق ظالم حق) وهل للمالك منع الزارع من أن يزرع ما بقي عادة بعد المدة لانصراف إطلاق العقد إلى ما لا يبقى كذلك فلو زرع كان له قلعه حينئذٍ أوله لشمول إطلاق عقد المزارعة لكل ما يزرع سيما لو كان للزارع نفع بنفس الزرع في تلك المدة ولا ينافي ذلك جواز قلع المالك لأنه من الأحكام الشرعية التابعة للملك ولو استأجر الأرض مدة لزرع ما لا يدرك فيها عادة وإن اشترط قطعه بعدها فلا كلام في الصحة لعموم الأدلة ما لم يؤدِ إلى السفه والعبث وإن اشترط بقاءه مدة معينة كان الأجل هو ما شرط وإن شرط بقاءه إلى مدة ادراكه كان شرطاً مجهولاً لا يبطل ويبطل العقد ببطلانه وإن أطلق احتمل الحكم بالصحة لحصول المقتضى أعني العقد الصادر من أهله في محله مع عدم المانع واحتمل البطلان لدخوله تحت السفه والعبث وفيه ضعف لإمكان حصول النفع بمجرد زرع تلك المدة ويكون ذكر المدة قرينة صارفة عن إرادة الزرع على الوجه المعتاد واحتمل الحكم بالصحة مع إمكان الانتفاع بالمزروع في تلك المدة نفعاً يعتد به عند العقلاء والبطلان عند عدمه واحتمل الحكم بالصحة إن أمكن الانتفاع بالأرض في تلك المدة بزرع آخر مساو للزرع المشروط ضرراً أو أقل منه وعدمه عند عدمه والأوجه هو الوجه الأول وعليه فهل يجب إبقاء الزرع على المالك مع الأجرة جمعاً بين الحقين ولمفهوم (ليس لعرق ظالم حق) وهذا موضوع بحق أو لا يجب عليه لعموم (الناس مسلطون على أموالهم) ولأنه بعد المدة لا حق له فلا يشمله المفهوم.
ثامنها:لو استأجر الأرض للزرع وكان لا ماء لها أصلاً أو كانت غارقة بحيث لا ينحسر عنها الماء بطلت الإجارة مع الجهل والعلم واحتمال إلغاء قيد الزرع مع العلم فينصرف لغيرها إذا أمكن الانتفاع بغيرها مما يساويها ضرراً بعيد ولو تجدد حصول الماء أوانحساره على خلاف العادة فالبطلان باق على حاله ولا يصحح العقد طرو المصحح في الأثناء بعد الحكم بالفساد ولو قل الماء في الأثناء بعد أن كان على العادة فللمستأجر الخيار ولو انقطع لنفسه أو قطعه متعمد بسد أو أخذ انفسخ العقد من حينه وكان للمستأجر الخيار بين الفسخ ودفع أجرة المثل عما مضى والإمضاء ودفع المسمى عما مضى ولو استأجر أرضاً مطلقاً وصححنا له ذلك وكان عالماً بعدم الماء صحت الإجارة وانتفع بها بغير الزراعة وإن كان لا ينتفع بها بغير الزراعة فسد العقد وإن لم يكن عالماً بعدم الماء فإن كان لها نفع ظاهر غير الزرع صح العقد وإلا ففي صحته والانتفاع بها بغيره أو فساده لأن أظهر منافع الأراضي المتسعة الزراعة فينصرف إليها وجهان ولا يبعد الصحة ولو استأجر أرضاً لزرع شيئين أو أشياء دفعة أو متعاقبة فامتنع أحدهما أو أكثرها بقي العقد على الصحة وكان للمستأجر الخيار.
تم كتاب الإجارة بعون الله تعالى والحمد لله أولاً وأخراً والصلاة والسلام على محمد وآله الأبرار الأئمة الأخيار.
24
أمور في الإجارة
1
أنوار الفقاهة (كتاب الإجارة)
26
القول في التنازع
32
مسائل متفرقة