انوار الفقاهة-ج1-ص24
الثالث:لو اختلفا في قدر الشيء المستأجر عيناً أو عملاً واتفقا على قدر الأجرة والزمان كان القول قول منكر الزيادة كما يقول المالك (أجرتك البيت بمائة فيقول المستأجر أجرتني الدار بمائة) وكذا لو اتفقا على قدر الشيء المستأجر والأجرة واختلفا في قدر الإجارة بحسب الزمان كان القول قول منكر الزيادة وكذا لو اختلفا في قدر الأجرة بعد اتفاقهما على قدر الشيء المستأجر والزمان كان القول قول منكر الزيادة كل ذلك لفتوى المشهور وللأصل خلافاً لمن قال بالتحالف عند الاختلاف في قدر الشيء فتنفسخ الإجارة لأن كلاً منهما مدع ومنكر وفيه أن ضابطة التحالف أن لا يتفقا على شيء ويختلفا في غيره بل كل أمر ينفيه أحدهما يثبته الآخر وههنا ليس كذلك وخلافاً لمن حكم مع الاختلاف في قدر الأجرة بالقرعة فمن خرج اسمه حلف وحكم له للإجماع على أنها لكل أمر مشكل وفيه أنه لا أشكال في الأمر بعد ورود البينة على المدعي واليمين على من أنكر ومدعي الزيادة مدع بالمعاني الثلاثة ومنكرها منكر وخلافاً لمن حكم في هذه الصورة بالتحالف إن كان الاختلاف قبل مضي المدة وإلا فالقول قول المستأجر وفيه أن الحكم به خروج عن ضابطة التحالف وخلافاً لمن حكم هنا أيضاً بالتحالف إن حلفا وإلا فقول أحدهما بيمينه إن نكل صاحبه وإن نكلا أو حلفا جميعاً انفسخ العقد في المستقبل وكان القول قول المالك مع يمينه في الماضي وإن لم يحلف كان له أجرة المثل وفيه أنه في القول بالتحالف وفيه ما فيه هذا كله إن لم تكن بينة فإن كانت لأحدهما بينة سمعت مطلقاً ولو كانت لكل منهما سمعت بينة المدعي دون المنكر واحتمل الحكم بالتحالف حينئذٍ واحتمل الرجوع للقرعة لإشكال الأمر وأحتمل الترجيح في البينات عند تعارضها والأوجه الأول ولو اختلفا في قدر الأجرة وقدر الشيء المستأجر كما إذا قال المالك (أجرتك البيت بخمسين فقال بل الدار بمائة) احتمل كون القول قول منكر الزيادة واحتمل التخالف وهو الأقوى لأن اليمين على نفي استئجار الدار لا يثبت على المستأجر استئجار البيت بخمسين بل له أن يحلف على نفيه فتنفسخ الإجارة وربما قيل ذلك في صورة الاختلاف في قدر الشيء المستأجر أيضاً لأنه حلف المالك على نفي إجارة الدار لا يثبت على المستأجر إجارة البيت بتلك الأجرة المتفق عليها لأنه يدعي الدار كلاً لا بيتاً منها خاصة فلا بد من المخرج عن هذه الدعوى وليس إلا يمين المستأجر على نفيها لأن القول قوله وهو وجيه إن أخذت التمامية في الدار عنواناً عند التداعي وإلا فالنظر فيه ظاهر.
الرابع:لو اختلفا في التلف وعدمه فالقول قول المستأجر بيمينه للأخبار الدالة على تصديق قول الأمين عموماً وخصوصاً المنجبرة بفتوى المشهور وبنفي العسر والحرج والضرر والضرار وهي وإن لم تصرح بلزوم اليمين عليه والأصل البراءة من وجوبه إلا أن الخروج عن القاعدة بتصديق دعوى المدعي لا بد فيه من الأخذ بالمتيقن وهو المصاحب لليمين دون غيره ولأنه لا يزيد على تصديق المنكر مع أن اليمين لازم عليه لأنه منكر في المعنى لإنكاره شغل ذمته عند دعوى التلف منه أو عدم التفريط وتكذيب المالك ولأن أخبار تصديق قوله مساقها مساق نفي على دعوى التلف لأن مساقها مساق نفي اليمين عنه نعم لو اتهم بالجناية والتفريط سقط اليمين فلا وجه لما يظهر من بعضهم من المناقشة في إلزامه باليمين بعد تصديق قوله وذهب بعض أصحابنا إلى عدم سماع قول الصانع والمكاري والملاح بدعواه التلف أو عدم التفريط بعد تلف العين بل عليهم ضمان العين إلا أن يقيموا بينة أو يستندوا إلى أمر ظاهر في التلف ونقل على ذلك الإجماع ودلت عليه جملة من الأخبار ويظهر من بعض المتأخرين الميل إلى الفرق بين المتهم فلا يقبل قوله في دعوى التلف وبين المأمون فيقبل للأخبار الدالة على هذا التفصيل والكل ضعيف محمول على عدم قبول قوله من دون يمين بل بمجرد دعواه وقرينة ذلك الفرق بين اتهامه وعدمه لأنه مع عدم الاتهام لا يتوجه اليمين أو محمول على حالة التعدي والتفريط أو غير ذلك أو مطرحه لأجتماع المنقول لمعارضتها الرواية المعتضدة بفتوى المشهور وعملهم واستقراء الأمانات القاضية بسماع قول مدعي التلف فيها فخروج الإجارة عنها بعيد كل البعد وقد نسب لجمع من الأصحاب أن قول المستأجر لا يصدق في التلف وإن كان من أهل الصنائع والمكاري والملاح وشبههم وهو بعيد جداً .