انوار الفقاهة-ج1-ص22
الثاني والثلاثون:لو أجر الصبي أو المجنون أو السفيه ولي إجباري كالأب والجد أو غيره كالوصي والحاكم أو أجرا ما لهم من عقار أو حيوان أو غيرهما مع المصلحة فإن وقعت الإجارة في مدة لا تزيد على الصبا والجنون والسفه صحت الإجارة قولاً واحداً وإن وقعت في مدة تزيد على ذلك فإما أن تكون معلومة الزيادة عند الاستئجار كما إذا أجر ابن عشر سنين عشرين سنة وإما أن تكون مجهولة كما إذا أجر ابن عشر سنين أربع سنين فبلغ في أثنائها أو أفاق المجنون في الأثناء أو رشد بعد سفهه فإن كانت معلومة الزيادة فالذي يظهر من المتأخرين أنه لا خلاف في وقوع الزائد فضولياً موقوف على إجازة المولى عليه ولم يقع من أول وهلة ولا يكون للمولى عليه فسخه ولا فاسداً بحيث لا تؤثر فيه الإجازة صحت وهذا إن انعقد عليه الإجماع فلا كلام وإلا فمحل مناقشته لإمكان القول بالصحة والنفوذ من أول وهلة على الصبي لأن المولى بمنزلة المالك إذا أجر ملكه وقام مقامه أما الإجباري فظاهر وأما غيره فمع المصلحة الحاصلة بالاستئجار للصبي حال صغره تلك المدة الزائدة على البلوغ أو العقل يكون بمنزلة المالك أيضاً ويكون حكم الاستئجار في المقامين حكم النكاح فيما إذا أنكح المولى الصغير في أنه يمضي عليه ذلك النكاح ولإمكان القول بالفساد وبطلان الإجارة فيما زاد من أول وهلة لاشتراط قابلية المجيز للإجازة في الفضولي حال العقد والصبي هاهنا لا قابلية له والولي لا دخل له كما هو المفروض وإن كانت مجهولة الزيادة حين العقد فاتفقت المصادفة فللفقهاء فيه قولان قيل بالصحة ولصدور العقد من أهله في محله فيقع صحيحاً فيستصحب صحته ولم يعلم كون البلوغ ونحوه قاصعاً لذلك لحلول الولي محل المالك وقيل بوقوعه فضولياً كالصورة الأولى لتبعية صحة الإجارة لبقاء الولاية وهي تابعة للصغر ونحوه فتزول بزواله فتقع الإجارة في الزائد فضولية مفتقرة للإجازة والحق هو الأول لما ذكرنا في معلوم الزيادة من أن المولى بمنزلة المالك فينفذ تصرفه في المدة السابقة على البلوغ واللاحقة له ودعوى تبعية الإجارة للولاية التابعة للصغر مسلمة ولا ينافي نفوذ ما وقع في الصغر في المدة الواقعة في الكبر نعم لو وقع العقد عند انتفائها كان فضولياً.
الثالـث والثلاثون:من أمر غيره بعمل وكان العمل له أجرة عادة وكان العامل ممن يأخذ الأجرة على عمله فلا شك بالتزام الآمر بأجرة المثل ما لم تقم قرائن أحوال على العدم ولو انتفى الأمران فلا شك في عدم ثبوت شيء في ذمة الآمر لمكان العادة فتكون كالقرينة على نية التبرع هذا إن كان للعمل قيمة عرفيه وإلا فلا إشكال في عدم الضمان تمول المنفعة فلا تكون مضمونة وإن كان العامل ممن يأخذ الأجرة على عمله عادة ضمن الأمر أيضاً أجرة المثل لعدم حصول الدلالة على إرادة التبرع بعمله فيلتزم الآمر به وإن لم يكن للعمل أجرة عادة وكذا العكس أيضاً كما إذا كان العامل ليس من عادته أخذ الأجرة ولكن كان العمل مما له أجرة عادة وذلك لتعارض العادتين فلم يظهر من المأمور التبرع بعمله وبالجملة فالأصل في كل منفعة استوفاها الآمر من مال المأمور أو من نفسه أن يضمن الآمر أجرة مثلها لأنه عمل محترم قد استوفاه بأمره وله قيمة بحسب العرف فيضمن تلك القيمة لدخوله حينئذٍ تحت دليل على اليد ما أخذت وتحت ما دل على ضمان المتلف والمستوفى إلا أن يقوم شاهد على إرادة التبرع المأمور فيكون من قبيل المال المباح بتقديمه للضيف فلا يستعقبه ضمان والأعيان كالمنافع عند الآمر بها وأخذها وإتلافها فإنه إن ظهر من المأمور الإباحة لم يضمن الآمر المثل والقيمة وإن لم يظهر منه ذلك كان ضمان المتلف بالمثل والقيمة على الآمر ومجرد امتثال الأمر لا يقضي بالإباحة من المأمور وهذا كله من الضمان الذي قضى به الدليل لا من المعاطاة للزوم بيان العوضين في المعاطاة دون هذا ولو أراد شخص إعطاء المنافع كان له أن يعطي بصيغة الإباحة لا بصيغة الهبة لاختصاصها بالأعيان المقابلة للمنافع ولو كانت المنافع كلية في الذمم جاز تعلق الإبراء بها دون الهبة.
القول في التنــازع:
وفيه مواضع: