انوار الفقاهة-ج1-ص14
العشرون:يلزم على المستأجر ذكر موضع التسليم للعين المستأجرة كاستئجار الدابة غالباً أو تسلم المستأجر لها في بيت المؤجر وكذا يلزم ذكر محل عمل الأجير في العين المؤجرة أنه في بيته أو في بيت المستأجر إذا لم تقض العادة بأحدهما كما تقضي بالأول العادة اليوم في الصائغ والحداد وشبههما وتقضي بالثاني في نقار الرحى وشبهه ويقع الشك في بعض الصنائع فلا بد من البيان كما يقع في الاستئجار للرضاع أنه في بيت المؤجر أو المستأجر وكذا في الحجام والحالق والقصار وغير ذلك ويجوز استئجار الحيوان إنساناً وغير إنسان حراً أو عبداً للرضاع للإجماع في الإنسان والأخبار الخاصة والعامة وقوله تعالى: [ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ] سورة الطلاق آية(6) ويلحق به غيره لتنقيح المناط ولكن على إشكال ولا يتفاوت الحال بعد قيام الدليل على جوازه بين أن يكون الاستئجار على الرضاع صريحاً وبين أن يكون ضمناً كالاستئجار على الوضع في الحجر وامتصاص الثدي أو التقامه فيلزمه شرب اللبن ولا بين القول بأن الرضاع هو شرب اللبن أو الامتصاص الناشئ عنه الشرب ولا بين القصد إلى الشرب ابتداءً وغيره بالعرض أو القصد إلى غيره أصالة وهو بالعرض كل ذلك للدليل فلا يرد حينئذ أن الاستئجار للرضاع خارج عن موضوع الإجارة لأنها تمليك المنفعة المعنوي مع بقاء العين لا تمليك النماء وإتلافه الذي هو من الأعيان مع بقاء أصلها على أنه قد يمنع عدم جواز الاستئجار على إتلاف النماء بعد بقاء أصله لعموم الأدلة وغاية ما في الباب أن ما يؤدي استئجاره لتلفه كاستئجار الشمع للإحراق ممنوع ومخالف لوضع عقد الإجارة دون ما عداه ويصح استئجار الزوجة لإرضاع ولده واستئجار زوجة الغير أيضاً مع إذنه قطعاً وبدون إذن على الأظهر الأشهر لعموم الأدلة من غير معارض نعم لا يجوز استئجار نفسها في مدة تعارض حقوق الزوجية لأنه تصرف بمال الغير بدون إذنه فلا يصح إلا مع الإجازة ولا يبطل مطلقاً لأنه لا ينقص عن الفضولي والقول بالمنع مطلقاً من دون إذن الزوج للشيخ (() محتجاً بملك الزوج منافع الزوجة فلا قابلية لها حينئذٍ بأن تملك الرضاع عليها وهو ضعيف لمنع ذلك فيما لم يعارضه حقوق الزوجية ولو تقدم الاستئجار على الزوجية تقدم حق الرضاع على حقه وليس له منعه نعم تسقط عند النفقة عنه عدم التمكين من حقه وليس له عليها سبيل إلا في وقت يفضل عن قضاء حق الإرضاع ويلزم معرفة المرضعة بالمشاهدة أو الوصف لما في النساء من الاختلاف في السمن والهزال وكثرة اللبن وقلته ومعرفة المرتضع لما فيه أيضاً من الاختلاف كبراً و صغراً وهزالاً وقوةً ولو مات الصبي وكان المستأجر عليه عيناً لا في الذمة ولزم المرضعة استخراج ما يستأجر به للرضاع من تركتها ولا تنفسخ هنا بموت المستأجر خلافاً لابن إدريس وإن نقل عليه الإجماع لضعفه نعم لو ظهر الولد معسراً وكان الاستئجار من ماله أو الأب كذلك كان للمرضعة الخيار ولو استأجر شيئاً سنة أو سنتين أو أقل لم يلزم تقسيط الأجرة على المدة كما يلزم تقسيط الثمن على مبيعين ولو تبسط جاز عملاً بالشرط سواء تساوي التقسيط أم اختلف ويجوز استئجار الأرض لتكون مصلىً أو محلاً لغير الصلاة من العبادات الأخر ولو استأجرها لصلاة عامة الناس لم يلزم عليه ذلك كما يلزم في وقف العين ولا يلزم العدول ولا يلزم احترام العين المستأجرة لذلك لأنها ليست من المساجد المحترمة لاشتراط كون العين موقوفة فيها والعين المستأجرة لا يصح وقفها لعدم ملك العين ولا وقف منفعتها لعدم التأبيد ولعدم تعلق الوقف بالمنافع.
الحادي والعشرون:كل ماله منفعة مقصودة عند العقلاء يصح استئجاره مع بقاء عينه لظاهر الأدلة عموماً وخصوصاً وكل ما لا منفعة فيه لا يصح استئجاره لكونه سفهاً وكل ما يشك في أن له منفعة مقصودة عند العقلاء تقابل بعوض أو ليس له ذلك أما لعدم العلم بالانتفاع به أو لعدم العلم بكونها متمولة للشك في حصول منفعة له مطلقاً أو منفعة مقصودة تقابل بعوض وعدمها فهل الأصل جواز إيجارها أو الأصل عدمه والأظهر أن الشك إن وقع في أصل وجود المنفعة وعدمه لم يصح عقد الإجارة وإن وقع في صحة المعاوضة عليها وعدمها بعد فرض تحققها كاستئجار الذهب والفضة للتحلي بها ولجلب الاعتبار بحملها واستئجار الشمع للتزين به والحائط للاستظلال به أو الشجر للجلوس تحته أو الطعام لتحصيل الاعتبار بوصفه صح أجراء عقد الإجارة عليها ولملك المؤجر عوضها لأنها منافع مقصودة في نظر العقلاء فهي مما تتمول وتقابل بعوض ولا يرد أنها لو صح استئجارها لصح ضمانها عند غصبها والتالي ممنوع لعدم الاعتداد بتلك المنافع عرفاً وعدم كونها مالا عندهم لأنا نمنع عدم ضمانها بالغصب وجريان السيرة بعدم الضمان لعدم الاعتداد بقيمتها لا لكونها ليست أموالاً ولو أرادوا المداقة والمماكسة لضمنوا الغاصب ذلك ويمكن الفرق بين استيفائها فيضمنها الغاصب وبين تفويتها على المالك فلا يضمنها الغاصب كمنفعة الأجير الخاص ويمكن منع الملازمة لعدم الدليل عليها عقلاً وشرعاً.