انوار الفقاهة-ج1-ص11
سادس عشرها:ظاهر الأصحاب أن تلف المنفعة قبل استيفائها أو قبل مضي وقت يمكن فيه استيفاؤها منها أو بعضاً بمنزلة تلف المبيع قبل قبضه تنفسخ به الإجارة كلا إن تلفت كلاً أو بعضاً إن تلفت بعضاً فيتسلط المستأجر على الخيار لمكان تبعض الصفقة بين الفسخ والرجوع بالمسمى وبين الإمضاء والرجوع بما قابل المتخلف فإن كانت متساوية الأجزاء فظاهر وإلاّقوّام الجمع وقوم المتخلف منفرداً أو رجع بتلك النسبة ولا يتفاوت الحال في ذلك بين تلف العين قبل قبضها أو بعد قبضها قبل استيفاء شيء أو بعده عند تلف الباقي ولولا ظاهر الاتفاق منهم على هذا الحكم لأمكن المناقشة فيه بحصول التلف على ملك مالكه فلا يضمنه المؤجر سيما لو سلمت المنفعة بتسليم العين فإنه نوع تسليم لها ودعوى أن هذا الحكم في عقود المعاوضات مما تقتضيه عقودها لمكان التسالم اللازم فما لم يحصل التسالم ينفسخ العقد ممنوع في غير ما أخرجه الإجماع وشبهه وظاهرهم أيضاً أن العيب مضمون قبل الاستيفاء على المؤجر لمكان ضمان الأصل فمتى خرج عيب سابق على العقد أو لاحق قبل القبض أو بعده قبل الاستيفاء كان مسلطاً على الخيار بين الرد والإمساك ولا يسقط التصرف بالعين خيار الرد لتجدد المنفعة والمعيب منها غير متصرف فيه ههنا وظاهر جملة أنه لو طلب الأرش لكان له أخذه ولا دليل لهم على ذلك بالخصوص سوى إلحاق الإجارة بالبيع وإن الأرش جار على مقتضى القواعد في جميع عقود المعاوضات وكلاهما لا يخلو الحكم بهما من إشكال وهذا كله فيما إذا كان التلف متعلقاً بمعين أو كان العيب كذلك ولو تعلقا بكلى فللمستأجر الإبدال وفي أن له فسخ العقد من أصله والإمضاء مع الأرش بحيت قد مضى مثله وفيما إذا كان التلف والعيب بآفة سماوية ولو كان من المستأجر فعليه ضمانه أو من المؤجر كان للمستأجر الخيار بين الفسخ وبين الإمضاء فيضمنه أجرة المثل والتفاوت الحادث ولا ينفسخ العقد خلافاً لما يظهر من فقهائنا.
سابع عشرها:يلحق بتلف المنفعة امتناعها عقلاً أو عادة أو شرعاً كالاستئجار على خياطة ثوب معين أوحياكة فتلف الثوب والغزل والاستئجار على صياغة خاتم من فضة معينة فتلفت أو الاستئجار على عمل معين فعمله غيره من صوم او صلاة أو بناء أو الاستئجار على طبابة أو مداواة جراحة فبرأت أو الاستئجار على تعليم فحصل قبل وقته أو الاستئجار على حمل إلى بلد فامتنع الطريق لخوف أو ماء أو للجهل به أو للاستئجار على حمل شيء معين فتلف أو مات المحمول أو الاستئجار على عمل فحرم بالعارض إلى غير ذلك فإنه في جميع ذلك ينفسخ العقد ابتداءً واستدامة هذا لو اشترك الامتناع بين المؤجر والمستأجر ولو أختص الامتناع بالمستأجر من عرض أو خوف ففي انفساخ الإجارة أو ثبوتها لعدم المانع من التسليم من طرف المؤجر.
بحث:ويلحق بإتلاف المستأجر امتناعه من التسليم وبإتلاف المؤجر امتناعه من التسليم فإن المستأجر يتسلط على الخيار بين الفسخ وبين الإمضاء والرجوع إليه بأجرته.