انوار الفقاهة-ج1-ص9
ثاني عشرها:الأجير الخاص وهو الذي تملك عين المنفعة المعينة وكل منافعه بإجارة أو غيرها في وقت معين لا يزيد على العمل باشتراطه أو بانصراف الإطلاق إليه كما لو قلنا بانصراف الإجارة إلى العمل فوراً أو بضيق الوقت عن الزيادة على تأدية المطلق أو بظن الوفاة عند إتمامه مع اشتراط مباشرته له بنفسه أو مع انصراف الإطلاق إلى المباشرة أو قيام القرائن الحالية أو المقالية على إرادتها ويقابله المطلق وما لم يتعين عليه وقت أو ما لم تتعين عليه المباشرة مثلاً أو ما لم يتعين عليه كل منهما وقد يسمى المشترك لجواز الاشتراك فيه والعام لإمكان عمومه للمستأجر وغيره كما قد يسمى الخاص بالمقيد لتقييده على خصوص المستأجر والمختص لاختصاصه به والأقوى أن إطلاق الإجارة لا يصير الأجير خاصاً لعدم الدليل على لزوم الفورية في الإجارات وفي العبادات وغيرها وعلى لزوم المباشرة أيضاً مطلقاً والقياس على أوامر الشارع قياس لا نقول به بل ربما يفهم من العرف في الأغلب إرادة التوسعة ومجرد إيقاع العمل إلا مع نصب قرينة على خلافها ولا يجوز لهذا الأجير الخاص العمل لغيره فيما يعارض المنفعة المملوكة للإجماع والموثق فيمن يستأجر الرجل فيجعله في ضيعته فيعطيه رجل آخر دراهم مضاربة فقال إذا أذن الذي استأجره فليس به بأس وهو ظاهر في الأجير الخاص ولأن ملك الغير لا يجوز صرفه إلى غيره ولأن جوارحه مرتهنة بحق المستأجر فلا يجوز له استعمالها في غيره إلا ما قام على خروجه العرف والعادة كمن استأجر رجلاً بجميع منافعه فإن الظاهر أن منافع لسانه له فله أن يسبح بها ويعقد للغير إلا إذا دخل منافع لسانه في العقد فإنه لا يجوز له ذلك وكذا لو استأجرها بنفسها وكمن استأجر رجلاً للخياطة فإن له أن يعمل برجليه على أن لا ينافيها وكمن استؤجر نهاراً جاز له العمل ليلاً وعلى ما ذكرنا فما استشكله بعضهم من جواز عمل الأجير الخاص لغيره عملاً لا ينافي حق المستأجر كالاشتغال بعقد عند اشتغاله بتأدية منفعته لاستلزامه التصرف في ملك الغير لا وجه له لأن الغير إنما يملك تحت عقده دون غيره وكذا لا وجه أيضاً لمنع توارد الإجارتين المطلقتين على شخص والمطلقة بعد الخاصة والخاصة بعد المطلقة والعمل في ذلك كله صحيح ثم إن الأجير لو عمل لغيره عملاً فإما أن يكون عبادة أو غيرها فإن كان عبادة فالظاهر بطلانها مطلقاً أما مع العلم فلا كلام لمكان النهي عن القيد وحرمة التصرف بمال الغير في أجزاء العبادة وأركانها ولا يجتمع الأمر والنهي وأما مع الجهل والغفلة فكذلك لعدم صلاحية الوقت المختص بشيء لفعل غيره فيه كعدم صلاحية شهر رمضان لصوم غيره ولعدم صلاحية المنفعة المملوكة للغير إن تصرف في عبادة الله مع عدم إذن صاحبها واحتمال كونها كالفضولي فتصححها الإجازة من المالك بعد ذلك غير مسلم فيما شرطه القربة في العبادات وقد يقال بالصحة مع الجهل والغفلة بصدق العبادة والعبودية والامتثال بجوارحه غايته أنه عبد بمال غيره جهلاً وهو لا ينافي الصحة من إسقاط القضاء وترتب الثواب ويكون ضامناً لمال الغير وعموم أدلة العبادات شاملة لمثل ذلك وإن كان العمل غير عبادة فإن كان ذا وجه واحد ترتب عليه الأثر وضمن ما فوته على المستأجر فإن كان ما فوته قد استوفاه هو رجع إليه المستأجر بأجرة مثله وإن استوفاه غيره تخير المستأجر بين رجوعه إليه وبين رجوعه على المستوفي فإن رجع إليه رجع على المستوفي بأجرة ما استوفاه ما لم يكن المستوفي مغروراً من قبله وقد عمل له تبرعاً فلا يرجع إليه فإن رجع إلى المستوفي لم يرجع إليه إلا إذا كان مغروراً من قبله كان عمل له تبرعاً وإن كان ذا وجهين صحة وفساداً كالعقد والإيقاع جاء فيه الكلام السابق إلا أن في صحته وفساده كلام ما والأوجه فيه صحة العقد والإيقاع لعدم المنافاة بين صحة العقد وبين كونه مال الغير وإن لزم ضمانه ولا تتوقف الصحة ههنا على الإجازة للفرق بين العقد على مال الغير والعقد بمال الغير وإن كان الأولى عدم الإقدام عليه إلا مع الإجازة ونزيد القول في ذلك بأن نقول أن الأجير الخاص إذا عمل لغيره فإما أن يكون تبرعاً أو لا وغير التبرع إما بعقد أو لا كالأمر بالعمل و العقد إما أن يكون بإجارة أو جعالة أو نحوهما فإن عمل بأجرة كأن أجر نفسه لغير الأول تخير المستأجر الأول بين فسخ عقده والرجوع بالأجرة المسماة لفوات العمل المستأجر عليه كلاً أو بعضاً قبل قبضه فيرجع بالكل إن لم يعمل له شيئاً وبالبعض الذي لم يعمل مقابله إن عمل له شيئاً موزعاً له على نسبة المسمى وفي صحة عقد الأجير مع الثاني عند فسخ الأول مطلقاً أو مع إجازته وجه مبني على الصحة عقد من باع شيئاً ثم ملكه فإن قلنا به مطلقاً أو مع الإجازة صح أولاً فسد فله على المستأجر الثاني أجرة المثل لا المسمى وبين إمضائه فإن أمضى تخير بين إجازة العقد الثاني وبين فسخه فإن أجازه فله المسمى ويرجع به إلى المستأجر الثاني إن كان كلياً وإن كان عيناً قد قبضها المؤجر تخير بالرجوع على المستأجر لوجوب التسليم عليه وعلى المؤجر لاستيلائه على عين ماله إلا إذا أجاز قبض المؤجر فإنه لا رجوع له على المستأجر كما إذا كان المسمى كلياً فدفع المستأجر فرده للمؤجر فأجاز المستأجر الأول الدفع فإنه يتعين الرجوع إلى المدفوع إليه فإن لم يجز أخذ من المستأجر ورجع المستأجر على المؤجر بما دفعه مع جهله مطلقاً ومع علمه وبقاء العين وأما مع تلفها ففي الرجوع وعدمه وجهان مبنيان على ضمان من أتلف مال من دفعه عوض المغصوب عالماً بالغصب وإن فسخه رجع بأجرة المثل على المستأجر لاستيفائه وعلى الأجير لتفويته مخيراً بينهما فإن رجع على الأجير رجع على المستوفي بقدر ما استوفاه ولا يرجع بالزيادة الحاصلة من التفويت إذا كان المستأجر مغروراً من قبله وإن رجع على المستوفي لا يرجع إلى الأجير إلا بالزيادة لو أخذ منه زيادة على ما استوفي وكان مغروراً من قبله وإن كان العمل بجعالة فإن فسخ عقده استرد أجرته كلاً أو بعضاً على النسبة وإلا تخير بين إمضائها والرجوع بالجعل مع العين على من هو في يده إلا مع إجازة القبض فلا يرجع على المستأجر وله أن يرجع على المستأجر مع عدم الإذن وإن لم تكن العين في يده على الأظهر للزوم التسليم عليه وبين فسخها أو الرجوع بأجرة الفائت والمستوفي على من فوت واستوفى ويرجع على غيره بالتفاوت لغروره بإقدامه عليه مجاناً وإن كان العمل تبرعاً كان له أجرة الرجوع على الأجير والمستأجر ومع الرجوع على الأجير ليس له الرجوع على المستأجر مع غروره وجهله لإقدامه مجاناً ومع الرجوع على المستأجر فيما استوفاه فله الرجوع على الأجير مع جهله وغروره ولو عمل الأجير الخاص عملاً لنفسه فإن كان بعقد جاءت المسألة السابقة وإلا فإن فسخ المستأجر فلا كلام وإن لم يفسخ فعليه أجرة المثل ولو كان العمل حيازة مباح كانت الحيازة للأجير مع كونه للمستأجر قهراً لأنه أجير بماله وبمنافعه سيما مع إطلاق النية وكذا لو كان صيداً وشبهه ويستثنى للأجير الخاص ما يعتاد من صلاة واجبة ومستحباتها المتعارفة والنوم المعتاد والأكل المعتاد والتخلي المعتاد فلو زاد على المعتاد كان للمستأجر الخيار بين الفسخ والإمضاء وتغريمه أجرة الفائتة ولو شرط شيئاً معيناً أتبع شرطه من ليل أو نهار ولو أطلق رجع إلى المتعارف في الإجارات بالنسبة إلى العمل المستأجر عليه وإن أجمل لزم البيان.
ثالث عشرها:لو قدرت المنفعة بالعمل المخصوص لزم في ذمته إما على وجه الإطلاق كما هو الأقوى أو على وجه التعجيل والفورية كما هو مذهب آخرين وهو الأحوط وعلى الأول فتكون المنفعة ديناً في ذمة المؤجر لا يتضيق عليه إلا بالمطالبة أو حصول التهاون عرفاً فإذا دفعها وجب القبول ولو اشترط المستأجر أو المؤجر التوسعة أتبع شرطهما ولو قدرت بالمدة جاز أن تكون مفصولة لعموم الأدلة ولخصوص ما جاء في المتعة فيسري للإجارة بتنقيح المناط ومفهوم الأولوية أو لقوله ( () (إنما هن مستأجرات) وجاز أن تكون موصولة يشرط الاتصال وجاز أن تكون مطلقة للاتصال عرفاً سواء حدد الغاية (بإلى كما إلى شهر أو إلى سنة أو إلى أسبوع أو حددها بنفس الشهر والسنة) كأن يقول (أجرتك شهراً) نعم إن كان أول الهلال أنصرف للهلالي وإن كان في أثنائه أو أنكسر كسراً بيناً انصرف إلى العددي واليوم المنكسر يلفق من الآخر وهكذا ويحتمل احتسابه تاماً ويحتمل الفرق بين الكسر القليل فيحتسب تاماً وبين الكثير فلا يحتسب أصلاً ولا يجوز إبهام للمدة كأن يريد شهراً كلياً مطلقاً أو ضمن سنة أو يوماً كذلك للغرر ولأنه بمنزلة القيميات فلا يملك منها الواحد الكلي الغير المعين القائمة بالعين وإن تأخر استيفاؤها وأجاز بعضهم إيجار شهر غير معين والخيار بيد الدافع أو المدفوع إليه أو ما تراضيا عليه ولكنه ضعيف.